عالمية

واو..حرب الأرض


وفي حي (ك) بمدينة واو، يدخل القائد ويجد الجميع منهكماً في الأوراق التي أمامه، و( انتباه) تجذب السمع وتجعل كلاً من بالغرفة يقف وقفة عسكرية ممشوقة لتحية القائد، وجلوسًا يأمر القائد من بالغرفة. وهناك في جوبا يمهر الرئيس قرار إقال الفريق الياسو وايا من منصبه حاكمًا لواو، والقرار الذي لا يمر عبر نائبه الأول تنفيذياً ينقل بسرعة لقيادة الجيش ووزيره يوجه بتنفيذه علىي الفور، والقائد في واو ينظر لأعلى غرفة الاجتماعات ولا يجد (مروحة) لتبديد الهواء الساخن والمشحون بالقلق، ليرمي بصره تارة أخرى نحو الموجودين بالغرفة، والجميع هناك ينظرون بشيء من الصرامة الموجهة لما سيقوله القائد : ساعة ساعتين وسيتم عزلي وسيأتي القرار .. الموجودون بالغرفة لا ينطقون، أعلاهم رتبة أو الأقرب جلوساً يمين القائد يهمس بالقول: نقوم بالعملية والآن! ينفث القائد ما تبقى من هواء ويأمر أتباعه : أكملوا المهمة. والمهمة، خطوة استباقية لأسود الفراتيت, هي احتلال المطار وقسم الشرطة وضرب الحامية الجزئية للفرقة (5) والعملية تكتمل الجمعة لساعات، القائد يذهب لأطراف واو، وتبدأ المعارك والهروب، مئات الجنود من الطرفين يتبادلون القصف وإطلاق الرصاص والآلاف يهرولون خارج واو، هذا هو المشهد الذي شهدته المدينة قبل أيام، قتالًا جديداً ومعركة أخرى حول(الأرض) التي أعاد الرئيس سلفا كير تقسيمها الى28 ولاية جديدة، هذا التقسيم الذي انتقده الجميع وحذر من مغبة تنفيذه ربما بدأت شرارته في الانطلاق تمهيداً لحرب جديدة ومتوقعة بدولة جنوب السودان. قتال الأرض إعادة تقسيم الولايات الجنوبية وفق قرار الرئاسة في جوبا صنع كثيراً من الحنق لدى القبائل الجنوبية ,خاصة النوير والشلك والفراتيت وغيرهم ,باعتبار أن التقسيم منح القبيلة الحاكمة(الدينكا) أرضًا لا يستحقونها ومساحات إضافية تخص القبائل الأخرى، في أعالي النيل منح التقسيم أجزاء واسعة للدينكا خاصة في بقاع تاريخية للنوير والشلك. وفي بحر الغزال انتزعت أراضي وفق التقسيم وضمت لاحقاً الى إداريات الدينكا, كما حدث لقبيلة الفراتيت التي أظهرت رفضًا واسعًا ومتصلاً لتقسيم الولاية القديمة ومنح أجزاء منها لإدارات أخرى, مما عزل القبيلة عن بعضها، ووفق ما يرى المتابعون للشأن الجنوبي , فإن التقسيم جاء وبالًا على عملية السلام الواهنة مع المعارضة الجنوبية بقيادة مشار، ويعتقد البعض أن أحداث واو بداية لنهاية أخرى للأوضاع السلمية بالدولة بعد الحرب الداخلية التي امتدت لعامين ونص بين سلفا كير ومشار، وقتال على الأرض ستشهده الدولة في كثير من المناطق التي تغلي الآن، من سياسات التقسيم الجديدة. عزل الياس وقرر الرئيس سلفا كير ،عزل حاكم ولاية واو الفريق الياسو وايا الذي ينتمي للفراتيت، ويعتبر وايا من القادة الكبار ببحر الغزال، ويقود في الأثناء مجموعة مقاتلة تشتهر باسم(اسود الفراتيت), وهي مجموعة متهمة لدى الحكومة في جوبا بأنها مناصرة د.رياك مشار, وقامت في أبريل بإسقاط طائرتين عسكريتين تابعتين للجيش الشعبي، كما أسرت المجموعة 35 جندياً من الجيش الشعبي. عنوان الخلاف يوم 24 يونيو، أصدر رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت مرسوماً جمهورياً، بإعفاء حاكم ولاية واو الجديدة الياس وايا نيبوج اعتباراً من يوم 24 يونيو الجاري. وأصدر الرئيس مرسوماً آخر قضى بتعيين أندريا ميار أشو حاكماً جديداً لولاية واو، حسبما أعلن عنه التلفزيون القومي مساء يوم الجمعة آنذاك . ولم يوضح المرسوم الرئاسي أسباب إعفاء الحاكم من منصبه بصورة مفاجئة .وشهدت مدينة واو حالة من انعدام الأمن منذ الأسبوع الماضي، مما اضطر الجيش الشعبي الحكومي لرفع حالة التأهب وإعلان الطوارىء في المدينة بدون مشاورة الحاكم. كل تلك المقدمات كانت قياساً لما سوف يحدث في الأيام التي تليها وما وقع من حرب عنيفة. بداية الحرب واندلعت اشتباكات عنيفة يوم 25 يونيو ومساء 24 يونيو غداة عزل الياس وايا وتعيين حاكم جديد لولاية واو، وقبلها يومي الخميس والجمعة شهدت الولاية أعمال عنف متفرقة أدت الى نزوج الآلاف لمواقع الأمم المتحدة والصليب الأحمر. وبدأت الاشتباكات الكبرى في واو جنوبي المدينة وتحديدًا في مدخل بوسري وحي كالبريا ، وشهدت المنطقتان تبادلا كثيفا لإطلاق النار بالمدافع الرشاشة تحول لاحقًا لقصف مدفعي ثقيل. سريان التصفية وسادت أنباء عن تصفية زعيم الفراتيت والحاكم السابق لولاية واو الفريق الياسو واين بإحدى القواعد العسكرية في واو. والتحق وزير الدفاع بجوبا بول ملونق بالعمليات الجارية في مدينة واو منذ أمس ووصل الى المدينة امس الأول لقيادة قوات الجيش الشعبي في المواجهات مع مجموعة اسود الفراتيت، وتمثل تلك الاشتباكات وفق مصادر عسكرية في جوبا حالة التمرد الـ(21) ضد النظام الحاكم منذ تمرد اللواء قلواك قاي في الوحدة مروراً بقبريال تانج وقديت وأطور وغيرهم. وأعلنت قيادة الجيش حالة الطوارئ بالمدينة. وبدأت اشتباكات عنيفة بين الطرفين منذ الجمعة الماضية أدت الى مقتل الآلاف ،وتشريد اكثر من 50 ألف مواطن. وذكر شهود عيان ان الجثث ملقاة على الطرقات. ولم يصدر عن اي جهة تفاصيل أو تقارير رسمية حول عدد القتلىي بيد ان مواطنين يتحدثون عن أعداد كبيرة من القتلى والجرحى. صمت مشار وفي جوبا ، تحفظ النائب الأول للرئيس د. رياك مشار عن الخوض في أحداث واو, ونقل مقربون من مشار ان النائب الأول رفض الحديث والتعليق على الأحداث، ايضا لم يتحدث نائب الرئيس جيمس واني إيقا حول الأمر، وتحصن غالبية الوزراء خاصة الجدد منهم بالتشكيل الحكومي بالصمت تماماً ولم تصدر تصريحات حتى من كثير من قادة الأحزاب الجنوبية. (400 ) قتيل قال الأمين العام لحزب جبهة الإنقاذ الديمقراطي (الأصل) المعارض جمعة زكريا دينق بالولاية، إن مصادر حزبهم أكدت أن مرحلة الحصر الأولى تشير إلى العثور على 400 قتيل جراء الأحداث التي وقعت داخل المدينة. مضيفاً أنه هناك انتشار للجثث في شوارع المدينة. واتهم دينق قوات الجيش الشعبي بالضلوع في مقتل المدنيين واستهدافهم بشكل عرقي. كما حمل الرئاسة الجنوبية مسؤولية ما وصفه بالمجزرة والتطهير العرقي. مشيراً إلى أن الأحداث وقعت عقب قرار إقالة الحاكم الياس وايا من قبل رئيس الجمهورية. وطالب دينق المجتمع الدولي بتكوين لجنة محايدة للتحقيق في الأحداث. حاكم فاشل وألصقت الرئاسة في جوبا ,صفة الفشل بالحاكم السابق الياس وايا . وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة في دولة الجنوب اتينج ويك اتينج، ان الحاكم المخلوع نفسه أقر بفشله في السيطرة على الأوضاع بولاية واو. وقال لـ(راديو تمازج) إقالة حاكم ولاية واو جاءت بعد وقوع الأحداث في المدينة. وإن الحاكم الياس وايا صرح بنفسه لوسائل الإعلام أن هنالك إنفلاتاً أمنياً وفوضى داخل مدينة واو، مما دعا الرئيس لإقالته من حكومة الولاية.متهماً الحاكم المخلوع بالفشل في السيطرة على الأوضاع الأمنية بولاية واو. مجموعة انتهازية من جهته، ذكر الجيش الشعبي ان مجموعة دمغها بالانتهازية تسللت للمدينة بالتزامن مع الأحداث وقامت بنهب الممتلكات قبل سيطرة الجيش الشعبي على الأوضاع. وقال المتحدث باسم الجيش رواي إنهم لم يتلقوا أي تقارير حول عدد الضحايا.

الانتباهة