تحقيقات وتقارير

قطاع الشمال وإطلاق سراح المدنيين الرهائن…الدوافع الحقيقية


بدأت فى الوصول أفواج “الأسرى” الذين قال متمردو قطاع الشمال فى المنطقتين أنهم قد شرعوا فى إطلاق سراحهم عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر (بعثة إثيوبيا) نتيجة وساطة قادتها مجموعة (السائحون) منذ فترة طويلة.
ومن المتوقع ان يصل عدد المفرج عنه نحو 41 شخصا (وهم عشرون من العسكريين وواحد وعشرين من المدنيين الذين تم إختطافهم من أماكن عملهم).
وبطبيعة الحال، فإن مسألة هؤلاء “المحررين” تتعدى الرهانات السياسية الضيقة الى البعد الاخلاقى والانسانى، لأن حرية الانسان لا يعادلها شيئ على الإطلاق، فضلا عن التحرر من الظروف السيئة التى كان يعيشون فيها، ولكن هذا يعنى السكون وغض الطرف على الأهداف غير الانسانية وغير الأخلاقية الكامنة من وراء هذه العملية برمتها، ومثل هذه الأهداف هى تكتيك معروف لدى الحركات والمجموعات المتمردة التى تتخذ من عمليات الاختطاف والاحتجاز ستار: إما للحصول على الفدى الأموال اوالإبتزاز والمبادلة من سجناء مثلا او محاولات بناء صورة عن الحركة المتمردة المكعنية فى الخارج، وهذا بالضبط مع حدث مع متمردى قطاع الشمال وعملية إطلاق الرهائن هؤلاء.
تضليل إعلامى
يمارس قطاع الشمال سياسة مكشوفة للتضليل الاعلامى ومحاولات لا تنتهى لتحقيق مكاسب سياسية بأى ثمن وبأى طريقة كانت فى حمأة الضغوط العسكرية التى يتعرض لها فضلا عن المازق السياسى الذى يواجهه مع إنسداد أفق التفاوض بعد تأزم الموقف من وثيقة “خارطة الطريق” والتى وقعت عليها الحكومة مع الوساطة الأفريقية فى 21 مارس المنصرم.
قبيل بدايات شهر رمضان المعظم، أعلن القطاع إطلاق سراح مدنيين جرى إختطافهم فى أماكن التعدين بولاية جنوب كردفان ” ليتمكنوا بعد زمن طويل من صوم شهر رمضان مع أسرهم”! وسبق لمتمردى قطاع الشمال أن قامو فى مارس المنصرم باختطاف 7 مدنيين كانوا يعملون باحدى شركات البترول ولكن تم إطلاق سراحهم لاحقا فى عملية قام بها “جهاز الأمن الوطنى والمخابرات”.
وراء كل هذه الألاعيب، يسيطر على قيادات متمردى قطاع الشمال هاجس واحد ألا وهو مسألة شرعية “القطاع” الذى أرتبط فى أذهان الناس داخل وخارج البلاد بالتمرد والنهب والسلب والاختطاف والتصفيات والإغتيالات وغيرها من الممارسات الإجرامية، فلهذا تحاول قيادة القطاع ما أمكن الظهور بمظهر الضحية او البرئ.
إستغلال المدنيين
ويندرج الاختطاف التى يقوم بها متمردو قطاع الشمال فى إطار سياسة ممنهجة تستند على إستغلال المدنيين سواء كانوا من مواطنى المجتمعات المحلية بولاية جنوب كردفان أوالنيل الأزرق كرهائن بمنعهم من التحرك الى المناطق التى تسيطر عليها الحكومة وحشرهم فى معسكر ييدا للاجئين بولاية الوحدة بجنوب كردفان.
وبرر قطاع الشمال عملية الافراج عن الرهائن والمختطفين بإشتداد القصف الذى تقوم به القوات الحكومية-ذلك قبل الاعلان عن وقف لإطلاق النار مؤخرا- وأنه يعرّض حياتهم وسلامتهم للخطر!، وكان المتمردون قد كثفوا من دعايتهم المواجه الى الخارج بأن الطيران الحكومى كثّف من هجماته ضد أهداف تقع تحت سيطرتهم، وأن المدنيين يعانون جراء تلك العمليات.
وفى خضم ذلك الزخم جاء تسريع المتمردين عملية إطلاق سراح “الأسرى” لإستغلال هذا الرخم لتحقيق عدة مكاسب: من جهة تسجيل موقف لصالحهم امام قطاعات كبيرة ومكونات الشعب السودانى، وكذلك خلق علاقات قوية مع مجموعة السائحون يمكن ان تصب فى صالح قطاع الشمال فى حال تمت أى تسوية نهائية للنزاع فى المنطقتين، وأيضا محاولة لإدانة وإحراج الحكومة بمزاعم إشتداد القصف، كما يهدفون الى تلميع صورتهم ايضا.
مكاسب سياسية
ويذكر هنا أن قطاع الشمال ومع بداية أى جولة للتفاوض حول المنطقتين يقوم بالاعلان عن اتفاق مع مجموعة السائحون لإطلاق الأسرى وكان بهدف من وراء هذه الخطوة تحقيق مكاسب إنتهازية صرفة.
يهدف قطاع الشمال من عمليات الخطف الى تحقيق الآتى: مبادلة المخطوفين بعناصر من الحركة فى حال وجدوا لدى الحكومة على الر غم من أن السلطات الأمنية بولاية جنوب كردفان تقوم بتسليم الذين يتم القبض عليهم الى الادارة الأهلية، ثانيا: تحقيق مكاسب سياسة وإعلامية وزخم “لتبييض” ممارسات المتمردين وإظهارهم فى ثوب المدنى المتحضر ورجل الدولة. ثالثا، تهدف عمليات الإختطاف ضمن أهداف عديدة الى تخريب أى نشاط إقتصادى أو إنمائى وذلك بنشر الخوف والهلع فى المنطقتين. رابعا، شرعنة “الجيش الشعبى” والذى يعتبر الحفاظ عليه فى حال تمت اى تسوية هدف جوهرى بالنسبة لقيادة القطاع، لذا لابد من تصويره كجيش نظامى وإحترافى بإنتزاع شهادة حسن سير وسلوك فى حقه من قبل منظمات إنسانية دولية كالصليب الأحمر مثلا.
شرعنة الاجرام
على الرغم من موافقة الحكومة السودانية على المبادرة التى قادتها مجموعة (السائحون) التى تواصلت مع متمردى قطاع الشمال لإطلاق سراح هؤلاء المختطفين، لكونها تسعى الى إطلاق سراح كافة المختطفين والأسرى بكافة السب، كما فعلت مع الأسرى الذين كانوا بيد متمردى العدل والمساواة فى دولة جنوب السودان مؤخرا وفى أكثرمن مرة.
مع ذلك- بقصد أو بدون قصد- تقع كثير من الأطراف الدولية فى أخطاء جسيمة تعرّض القانون الدولى والعمل الإنسانى مستقبلا الى مخاطر جمة ومن ذلك مجاراة بعض الدوائر الدولية الأساليب الملتوية للمجموعات المتمردة كقطاع الشمال وذلك بإضفاء مشروعية على ممارسات وسياسات من قبيل الإختطاف والإخفاء القسر وتجنيد الاطفال..ألخ وإلباسها ثوب إنسانى زائف!.
رغم محاولات قطاع الشمال التمسح بالشعارات الانسانية ومبادئ حقوق الانسان مع ذلك يقترف من الممارسات ما يندى لها الجبين.
توطوء دولى
كما أسلفنا كان قطاع الشمال قد أطلق حملة إعلامية حشد لها كل إمكانيات لإستدارار عطف العالم، حول أطفال هيبان، ولكنها أصابت فشلا ذريعا، فسارعت قيادة القطاع الى تحريك ملف “الأسرى” مرة أخرى، وكان هذا الملف ورقة يحركها المتمردون وفق التكتيكات التى يتبنونها فى كل كل مرحلة.
وعلى عكس توقعات قادة قطاع الشمال الذين درجوا على التأييد والغطاء السياسى والديبلوماسى الذى توفره لهم القوى الخارجية، كان رد فعل بعض الدول المنخرطة فى الشأن السودانى على حملة اطفال هيبان متواضعا وروتينا الى حد كبير، خاصة البيان الذى صدر عن ما تسمى بدول الترويكا، وقد عكس البيان الذى صدر عن مجموعة الترويكا (الولايات المتحدة الامريكية، والمملكة المتحدة)- كالمعتاد- مدى التحيز الذى يرقى الى درجة التواطوء من قبل بعض الدول تجاه الأوضاع فى السودان، فدول الترويكا ظل تمارس سياسية الصمت المطبق عن تجاوزات المتمردين لسنوات طويلة، فهى بالكاد تدين تصرفتهم لفظياً فحسب، فيما تسارع-بالمقابل- الى تجريم الحكومة التى يعطيها القانون الدولى ويملى عليها واجبها السيادى التصدى للمتمردين بكافة السبل، وهذا هو حقيقة النزاع فى المنطقتين ودارفور اليوم.

 

smc


تعليق واحد

  1. لقد سقط الساقطون …..الجاهل لا يقدم شئ لوطنه ….دعك من هذا وذلك عندما اتى جون قرن نهارا جهارا لقد قدم تمانمائة من العسريين والمتعسكرين وانتم الدولة كنتم صفر كبير جدا ……وعندها عرفناكم من انتم الذين تقتلون الاسير الذى كل الديانات تحرم قتله ….ووووواااااه اسفا يا مستعربين