صلاح الدين عووضة

(بعد إيه) ؟!!


كان يحب زوجته جداً.. يحبها مذ كانت طالبة ثانوي.. فجامعة.. فدراسات عليا.. وبادلته هي حباً بحب.. بادلته إياه عقب (سياحة) عاطفية.. بعد أن كاد ييأس.. وتزوجا.. فكبر حبه لها .. وصغر حبها له.. صغر إلى أن تلاشى.. وطفقت تعايره بشهاداته مقارنة بشهاداتها .. وبأسرته مقارنة بأسرتها .. وبجمالها مقارنة بشكله .. هو لم يكن دميماً ولكنه كان يبدو كذلك بجوارها.. وألحت على الطلاق .. ألحت عليه بإصرار شديد.. وحصلت عليه.. واقترنت بغيره ذي وسامة ومكانة ومال .. وأذاقها من العذاب صنوفا .. فهو معاقر للخمر ..شغوف بالنساء .. كاره للمنزل .. مجافٍ للثقافة .. عاجز عن مسك يده عند الغضب.. وبدأت رحلة البحث عن الطلاق.. ونجحت في ذلك بعد جهود مضنية .. وحنت إلى أيام الاستقرار مع زوجها الأول .. بل شعرت أنها تحبه .. تحبه بصدق لأول مرة .. وأرسلت إليه الوساطات والأجاويد والرسائل .. ولكنه استعصم بالرفض .. قال هي اتخذت قراراً مصيرياً .. ولتتحمل نتائجه .. وذبلت من كثرة الندم والحسرة والبكاء.. واكتفى هو بترديد (جاي تفتش الماضي ، خلاص الماضي ولى زمان)..

وهذه القصة ذات التداعيات (الطازجة) استحضرتها البارحة.. استحضرتها مع هبوب رياح أشواق (العودة) من قِبل الجنوب.. من قبل بعض مثقفي دولة جنوب السودان ..ففي خضم معركة جوبا عبروا عن ندمهم على الانفصال.. فالرصاص بلغ القصر الرئاسي نفسه الآن.. ولا بارقة أمل لاستقرار في الأفق.. وعملتهم المحلية لم تعد ذات قيمة.. وقطار التنمية (محلك سر) .. ومدنهم تنزف مدينة

إثر أخرى.. ليست واو الأولى ولن تكون الأخيرة.. ونحن لا نشمت ولكن نذكرهم بعشق للوحدة قديم.. عشق من جانب أمثالي من الشماليين.. فقد كتبنا وتكلمنا وصرحنا بأننا نكره الانفصال.. وكتبوا هم وتكلموا وصرحوا بأنهم يكرهون الوحدة.. وصوتوا لصالح خيار الانفصال بالإجماع تقريباً .. بنسبة تقل قليلاً عن الـ(100%).. وباركنا لهم خيارهم .. قلنا لهم (عديلة عليكم).. وفرحوا وغنوا ورقصوا .. ثم رقصوا بعد ذلك كما يرقص الطير من الألم.. وراحت السكرة وجاءت العبرة.. وها هم (يسربون) نحونا شوقاً إلى الذي كان .. إلى الذي مضى من عشرة السنين.. إلى حياة عشناها بحلوها ومرها.. ولكنهم اتخذوا قراراً.. وليتحملوا نتائجه .. ولسنا حريصين الآن على (مر) تلكم الأيام.. ولا شيء عندنا لهم سوى رائعة ترباس ..

(جاي تفتش الماضي ، خلاص الماضي ولى زمان !!!).


تعليق واحد

  1. الجنوبيين ديل أكلوا نيم خلاس كانوا فرحانين بالانفصال والآن يبكون على الأطلال