عالمية

كيف يتم تسييس أعضاء الكونغرس؟


وفق ما نشرته وسائل إعلام أمريكية، فإن معظم أعضاء الكونغرس يتلقون صكوكا بمبالغ مالية كبيرة من اللوبيات (جماعات الضغط)، التي تريد تمرير بعض القوانين.

فثقافة الفساد في الحكومة الأمريكية تستشري رغم إلقاء القبض على زعيم جماعات الضغط جاك أبراموف في عام 2015، بعد فضيحة “جماعة نفوذ رأس المال”؛ حيث كان الأثرياء المسيِّسون يغدقون الأموال على المشرعين الأمريكيين من أجل صياغة قوانين تخدم مصالح هؤلاء المتنفذين. وقد استقال على أثر ذلك زعيم الغالبية توم ديلاري، وأُودع مساعده هيو ريب السجن.

وبعد تلك الحادثة، وعد الحزبان، الديمقراطي والجمهوري، بـ”قيادة أمنية وحكومة شفافة”. وكانت بداية إصلاح ذلك الفساد قد تمت في عام 2007 بمشروع قانون لاستعادة ثفة الناخب الأمريكي بحكومة بلاده، بيد أن الواقع يشير إلى غير ذلك:

فقد أدى إقرار الكونغرس القانون إلى نتيجة عكسية؛ إذ أوجد طبقة من أصحاب النفوذ الذين يعملون وراء الكواليس دون حسيب أو رقيب، وهو ما يطلق عليه مصطلح “Shadowy”. وتشير دراسة إلى أن أكثر من 47% من أعضاء الكونغرس تم تعيينهم في مؤسسات برواتب وامتيازات عالية جداً، مشكلين لوبيات تضغط لمصلحة رأسماليين ومصارف ما. كما تم تعيين عدد آخر من هؤلاء الأعضاء مستشارين وأعضاءً بارزين في مراكز بحوث بأجندات موجهة.

لذلك، وبعد إقرار ذلك القانون، تمت مكافأة المشرعين الأمريكيين بتعيينهم في مناصب تَـدُرُّ عليهم دخولاً كبيرة. فقانون 2007 كان يهدف إلى محاربة اللوبيات وجماعات الضغط، لكن، ثبت أن القانون جاء ليخدم أعضاء الكونغرس للحصول على وظائف اخرى عقب انتهاء مهماتهم، ويحميهم من أي ملاحقة قضائية، لأنهم يمثلون الرأي العام ومراكز البحوث من منطلق “الباب الدوار”، وفق ما قاله موقع “بوليتيكو” الأمريكي.

ولا يشُكَّنَ أحد في أن جماعات الضغط هذه جديدة على الساحة الأمريكية؛ فهي قديمة قدم الجمهورية ذاتها، وتعود إلى ذلك التجمع في فندق “ويلارد” التاريخي في واشنطن، حيث اجتمع رجال الأعمال والرأسماليون للضغط على رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الثامن عشر يوليسيس غرانت.

واستمر تأثير تلك الجماعات على القرار السياسي الأمريكي، وتزايدت في عام 1970؛ حيث أصبحت تلك الجماعات أو اللوبيات صناعة أو مهنة تمارَس بدعم قانوني وغطاء تشريعي. وبعد فضيحة عام 2004، دعم السيناتور السابق توم داشل قانون 2007، وسانده في ذلك عدد من المشرعين الأمريكيين رغم تيقنهم من أنهم سيخسرون المعركة؛ لأن عناصر اللوبيات يتلقون دعماً كبيراً من عدة جهات. ولم ينته الفساد في الولايات المتحدة، بل استمر وازداد لأن تلك الجماعات قامت كذلك بحملات تبرع للمساهمة في الانتخابات.

خير مثال على ذلك، ما قام به السيناتور بوب بينيت، الذي عُين في مركز “فوكس” للأبحاث، الذي يعد أحد مراكز الضغط على الحكومة الأمريكية، وكذلك مركز أبحاث تابع لمؤسسة “هيريتيج”، التي تأسست عام 1973، وهي مؤسسة بحثية تابعة للمحافظين الجدد.

وما يؤكد سياسة اللوبيات في الولايات المتحدة الأمريكية وخلقها لعدو وهمي لبناء استراتيجية مستقبلية؛ هو ما قاله مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) جون برينان في 29 يونيو 2016 حول توقعه أن يخطط تنظيم “داعش” الإرهابي لهجمات داخل الولايات المتحدة، وضد أهداف أمريكية في الخارج، بناء على ما تعدُّه مراكز الابحاث المختصة. إذ لا يمكن لمدير وكالة الاستخبارات المركزية التفوه بكلمة من دون الرجوع الى تلك المراكز البحثية، التي تشكل له صمام أمان.

كما قام عدد من جماعات الضغط بالطلب من مراكز الابحاث بالعمل على تلك الدراسة، ونشرها من أجل إشغال العالم والرأي العام الأمريكي بقضية الإرهاب، وأنه يستهدف الولايات المتحدة “الديموقراطية” كدولة وشعب واقتصاد.

ولا ننسى ما قاله رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب مايكل ماكول، في بيان صدر عنه في شهر مارس/آذار الماضي، عن إحباط “75 مؤامرة لـ”داعش” ضد بلدان غربية”، و”أن الولايات المتحدة الأمريكية تشكل الهدف الأساس للمجموعات الإرهابية”. وهذا ما يضفي على ما تدعيه الحكومة الامريكية وأنصارها في الخارج من أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم، التي كان قدرها أن تحارب من أجل أن تحيا البشرية، حياة ملؤها السعادة والسلام والرخاء.

روسيا اليوم