تحقيقات وتقارير

إزالة أسواق نمر .. تجار في مهب الريح


نفذت محلية الخرطوم أمس الأول إزالة الجملونات بأسواق نمر قبالة موقف جاكسون دون توفير البديل، مما تسبب في تشريد أكثر من 1000 تاجر، وجعلهم مهددون بدخول السجون بسبب تورطهم في قروض عبر تمويل من البنوك وبعض الشركات وتجار الجملة، ووصف التجار القرار بالمتسرع وغير المدروس، وانتقدوا التنفيذ قبل 24 ساعة من المهلة المحددة.

مشاهدات
عند وصولنا لمقر لجنة السوق وجدنا عدداً كبيراً من التجار مجتمعين يناقشون مصيرهم المجهول بعد الإزالة التي تمت قبل توفير البدائل، التجار رحبوا بنا، وقبل أن نطرح عليهم مايدور بأذهاننا من أسئلة بدأت الإجابات واضحة على تقاسيم وجوههم، فتحدث إلينا الخريج عبد الرحمن يوسف، وقال إنني بدأت العمل بأسواق نمر بعد وفاة والدي لاعول 8 أخوه بينهم فتيات، وجميعهم بمراحل دراسية مختلفة، وبدأت العمل منذ العام 2012م أثناء دراستي للهندسة بجامعة السودان، حتى أتمكن من توفير التزامات الدراسة، وبعد الإزالة وفقدان مصدر الدخل الوحيد ازدادت الاوضاع سوءاً، فأخوتي مهددون بترك مقاعد الدراسة بجانب طردنا من المنزل، إضافة إلى دخولي السجن بسبب ديوني من تجار الجملة والبالغة 25 ألف جنيه، ويضيف عبد الرحمن بعد تخرجي من الجامعة واصلت العمل في السوق لأني لم أجد وظيفة في الخدمة المدنية، وحالياً أعاني الأمرين، ولفت إلى دفع إيجار الشهر الحالي وقبل أن يكتمل تم التحطيم، واختتم حديثه مناشداً الجهات المعنية بتوفير البديل في أقرب وقت حتى لا نتضرر أكثر.

منزل مرهون
متزوج من ثلاث نساء ولدي 9 أطفال بمراحل دراسية مختلفة، ويعادل مصروف الأسرة في اليوم الواحد 600 جنيه، بهذه العبارة بدأ التاجر بسوق القدس مختار داؤود حديثه ، ومضى قائلاً: أنا مستأجر ثلاث منازل، وكنت أعاني قبل تشييد الأسواق من الغرامات والكشات التي أرهقتنا مادياً وجسدياً، وبعد اتفاق المحلية مع الشركة بتوفير جملونات ومواقع لاستيعاب الفريشة تغير الواقع قليلاً، وتوسعت في العمل فأنا مستأجر لأربع طبالي بمبلغ 2600 جنيه، وأخذت قرضاً من البنك أو مايعرف بالتمويل بمبلغ 250 ألف جنيه، يتم دفع 33 ألف جنيه كل ثلاثة أشهر بواقع 11 ألف جنيه للشهر، ودفعت القسط الأول فقط، وبتاريخ اليوم حان الموعد المضروب للقسط الثاني، ولكن كما ترى الإزالة لم تترك لنا شيئاً، والأدهى والأمر أني قمت برهن منزل جاري المستأجر منه بعد كتابة ضمانات عديدة، وصمت برهة ثم واصل الآن مهدد بدخول السجن، وفقدان المنزل المرهون بجانب مبلغ 350 ألف جنيه مديونيات من تجار جملة بسوق ليبيا، وبالطبع لا يوجد أحد يساعدني، خاصة وأن أبنائي مايزالون صغاراً، وأناشد رئيس الجمهورية بالتدخل وحل مشاكل جميع التجار المهددين بدخول السجون.

معاناة
ومن الجهة المقابلة تحدث العم كمال موسى الذي يبلغ من العمر 74 عاماً بحسرة عن معاناته في الحياة، وإعالة ابنائه الـ(11) التي هانت نوعاً ما بعد استلامه لطبلية بالسوق ليعيش حياة أكرم من الذل والهوان والبطش، ورفع بضاعته بدفار الكشة، وسرعان ما تبدل حلمه وحياته إلى جحيم ليطوق قضبان السجن حريته حال عدم دفعه التزام تجار الجملة البالغ 36 ألف جنيه، وتخوف موسى من تشرد أبنائه وتركهم مقاعد الدراسة خاصة لعدم وجود شخص يعتني بهم ويعولهم، وطالب المعتمد بالوقوف على معاناة التجار ووضع حل لمعضلتهم.

تشريد العمال
رئيس لجنة أسواق صغار التجار أحمد آدم قال إن فكرة السوق نبعت في العام 2010 بعد جلوس لجنة ممثلة للفريشة مع والي الخرطوم السابق الذي أولى الموضوع اهتماماً وسلمه إلى المعتمد السابق اللواء عمر نمر، وبعد دراسات وعقودات أقدمت شركة على تشييد جملونات عليها طبالي لاستيعاب صغار التجار، افتتحه المعتمد آنذاك في العام 2012م، وهي عبارة عن 5 أسواق بشوارع لا يتم استخدامها وهي (القدس، الطابية، صالح باشا، سليمان كشة، السودان)، وضمت حوالي 1000 تاجر وعامل من جميع فئات المجتمع، بينهم أرامل وأيتام ومطلقات ومعاقين وطلاب، ويتراوح سعر ايجار الشهر بالطبالي التي شيدتها شركة ملينيوم بالاتفاق مع المحلية من 350 – 650 جنيهاً للواحدة، يتم تحصيلها عبر مناديب من لجنة السوق ومشرفين من الشركة.

لم تكتمل
ويضيف آدم أن مهلة الانذارات التي تم تسليمها للتجار لم تكتمل، حيث تمت الإزالة أمس الأول، أي قبل 24 ساعة من الموعد المضروب والمحدد بـ(48) ساعة، مما تسبب في فقدان عدد كبير من التجار بضاعتهم وإزالة الطبالي بما فيها، وبالطبع إن التجار مهددون بدخول السجون لما عليهم من التزامات تجاه البنوك وشركات التمويل وتجار الجملة، وألمح إلى طواف المعتمد مع اللجنة في رمضان على الأسواق، حيث وعد بتوفير البديل وطرح موقع في موقف كركر ومدرسة أمام أسواق جامعة السودان، ولكن الإزالة تمت قبل توفير البديل، لتبقى المشكلة الحقيقية في ما يقتات منه التجار، ومضي قائلاً بالطبع الإزالة ستفاقم مشكلة الباعة المتجولين بصورة أكبر للايفاء بالتزاماتهم، وكما ترون فهم الآن مجتمعون بمكاتب اللجنة، واختتم آدم حديثه قائلا إننا نشارك في جميع النفرات ولم نترك دعماً وإلا كنا جزءاً منه، خلاف الجرحى والانتخابات وغيرها، فهل هذا جزاؤنا؟، وناشد آدم رئاسة الجمهورية بوضع حلول ووجود بدائل لاستيعاب المتضررين.

معاوية عبد الرازق
صحيفة آخر لحظة