احمد دندش

الفرق بينهم و(الملك).!


كثيراً ماقمت بتوجيه سهام النقد للفنان جمال فرفور بسبب إصراره على الغياب عن المسارح والحفلات الجماهيرية التى كان ذات يوم نجمها الابرز واحد الفنانين الذين يتسابق متعهدي الحفلات للتعاقد معهم، بسبب جماهيريتهم الطاغية وقدرتهم الغير عادية على جذب الجمهور للمسرح، واذكر انني تعرضت-اثناء كتابتي لتلك المقالات- للعديد من الشتائم، والتى كان اصحابها وكعادتهم دوماً (قصيري النظر) وغير قادرين على قراءة (مابعد السطور)، تلك القراءات التى تحققت امس الاول وجمال فرفور يعود من جديد للجلوس على عرش الحفلات الجماهيرية بعد طول غياب، ويؤكد وبالدليل القاطع بأن (الملك) لازال على قيد الابداع.
نعم، عاد فرفور امس الاول واعاد للجمهور الضخم الذى احتلّ جنبات المسرح القومي ذكريات حفلاته الجماهيرية في مطلع الالفية، تلك الحفلات التى كانت تسجل اعلى الايرادات وتثير ضجيجاً لامثيل له بسبب النجومية الطاغية التي يحظى بها (ابن الصبابي البار)، ذلك الفنان الذى فرض اسمه في ظروف صعبة وفي زمن لم يعرف فيه الناس بعد طريقاً (للواتس آب او النوافذ الاسفيرية)، والتى صارت اليوم اهم الادوات التى تقود الفنانين للشهرة.
حفل فرفور امس الاول بالمسرح القومي كان ابلغ دليل على (شفافية) ذلك الفنان الذى كان شجاعاً مع نفسه واعترف بتقصيره في حق جمهوره واعلن عن (ثورة العودة) والتى اشعل شرارتها شباب يستحقون الاحترام والتقدير وهم (شباب الصفحة الرسمية لجمال فرفور بالفيس بوك)، والذين سنعود لنتحدث عنهم في مقال آخر بشئ من التفصيل.
تذوق (الملك) امس الاول الطعم الحقيقي للنجاح، وهو يشاهد مئات المعجبين يتدافعون قبيل اكثر من ساعتين للمسرح ويحجزون مقاعدهم ودواخلهم تضج بالشوق والحنين لملامسة الصوت الذى شكل وجدانهم واطربهم ومنحهم الفرح والحب والتحنان، تلك المشاعر التى عبر عنها الكثيرون خلال الحفل بطرق مختلفة، فالبعض اختار الصراخ الهستيري، اما آخرون، فصعدوا للمسرح وقاموا بـ(تقبيل) رأس جمال معربين له عن شكرهم وتقديرهم على احترامه لهم ولكينونتهم كجمهور.
نعم، هذا هو الوضع الطبيعي الذي يفترض ان يكون عليه فنان بحجم جمال فرفور، وذلك هو الموقع الانسب الذى يستحق الجلوس عليه، فجمال واحد من الفنانين الشباب الذين اسهموا ولحد كبير في الحفاظ على (خصوصية الوجدان السودانوية) للكثير من الاجيال الجديدة، ودفعها لعدم (الانسياق الاعمى) خلف الاستلاب الثقافي الذى ضرب المجتمع السوداني بشكل كبير خلال السنوات الاخيرة.
صدقوني، فنان مثل جمال فرفور يستحق (الاحترام) لعدة اسباب، اهمها انه يرفض دوماً (المكابرة) ويقرّ بإخطاءه بكل شجاعة، كما انه يعرف كيفية الاستفادة من (النقد) في تعديل مسار مشواره الفني، بخلاف العديد من الفنانين الشباب الان، والذين يحتمون خلف جماهير (متعصبة) لاتجيد شيئاً بخلاف (الاساءة) للصحافة ولأي قلم يتجرأ على انتقاد فنانها المفضل، ذلك السلوك (الصبياني) الذى يدفع ثمنه في النهاية الفنان والذى يجد نفسه فجأة محاطاً بمجموعة من (المنافقين) والذين يدفعونه كل صباح جديد لهاوية النسيان الابدي.
شربكة أخيرة:
اجمل مافي حفل جمال الاخير، هو اعلانه اطلاق حفل شهري يعود ريعه لصالح اطفال السرطان والجهات الخيرية الاخرى، ذلك الحفل الذى تبلغ سعر تذكرة دخوله (10) جنيهات فقط، تلك المبادرة التى تؤكد تماماً مدى الفرق بين جمال فرفور وبين بقية الفنانين الشباب…و…(لنا عودة بالتفصيل حول هذه المبادرة).