تحقيقات وتقارير

الركشات.. سيدات الوحل في موسم الأمطار.. حلول بديلة


“أمبارح ما جيت.. الموية كانت حوالين البيت زي البحيرة”، هي العبارة السائدة الآن والمهيمنة على آذاننا والعالقة بأطراف ألسنتنا هذه الأيام، خاصة بعد أن صار التحدي الأكبر للخرطوميين، وربما غيرهم في المدن الأخرى هو كيفية الخروج من المنزل.
فقبل أن تفعل يتملكك شعور بالقدرة على النجاح واجتياز التحدي الماثل على عتبات الدار والمتمدد في (شارع بيتكم)، لكنك ما تلبث وبعد أن تلقي بنظرة عميقة للمياه المحيطة بك من كل جانب، ما تلبث أن (ترجع منهزم).

ركشة يا
يأتيك في هذه اللحظة من بعيد صوت ركشة (مخنوقة العادم)، ينشرح صدرك، تتذكر (ناس الولاية والمرور) قبل سنتين وهم يشنون حملة شعواء على الركشة المسكينة ويتهمونها بأقسى الاتهامات، فتفكر بصوت عال (هسي لو ما كان في ركشات) وتصمت، يضرب الرذاذ على صفحة وجهك، تمسحه عنك، ترفع يدك عالياً (ركششششششة)، يا الله، هي القشة التي يتعلق بها (الغريق)، هي لا (تكضب الشينة)، وجودها يكاد يفوق نظيراتها من المركبات العامة التي تنسحب خائبة إلى جراجاتها في ظل بيئة كثيفة الأمطار وسائلة خاصة في الأيام الماضية، ورغم أن موسم الخريف في العاصمة الخرطوم هذا العام لم يكن كثيفاً إلا أن بعض الأحياء خاصة في أمدرمان والكلاكلات والحاج يوسف تتكاثر فيها المياه في الشوارع وأمام المنازل، ما يصعب من مهمة الناس في الحركة.

مزامير الوحل
يقول داود (سائق ركشة)، وهو يطلق البوق منغماً كمزمار، إن مكسبه يتضاعف باطراد منذ عدة أيام بفضل العيد عطفاً على الأمطار التي زادت (بلبلت) هامش ربحه فصار هو (مرطباً)، وعن مقدار الزيادة أضاف: إن أقصر مشوار يبلغ خمسة جنيهات بعد أن كانت ثلاثة قبل السيول، وإن أجمل ما في ذلك كما قال، إن الركاب صاروا لا يفاصلون كثيراً في قيمة المشوار، يركبون دون احتجاج.

ما في استغلالية
من جهته، نفى سائق ركشة آخر يدعى (مؤيد) لـ (اليوم التالي) استغلالهم ظروف الأمطار لزيادة سعر المشوار. واستطرد: الزيادة تعويض عن قيمة إصلاح الأعطاب الناجمة عن المياه والوحل، وإن كانت أعطابا خفيفة قد تحدث بسبب ابتلال أحد الاسبيرات أو الإطارات بالماء، لافتاً إلى أن قيمة الإصلاح تبلغ نحو (250) جنيهاً، ووسط هذه الأجواء أكد مؤيد أن الإقبال يتزايد خصوصاً من قبل البنات والنساء اللاتي يصطحبن الأطفال حتى ارتفع الدخل خلال اليوم إلى ما بين (130 إلى 200) جنيه متوقعاً عودته إلى ما بين 70 – 80 جنيهاً بعد جفاف السيول.

الخرطوم – رندا عبد الله
صحيفة اليوم التالي