منوعات

“الشجر يموت واقفا” لبخ الخرطوم.. وداعاً لتاريخ أخضر


ترنح “جذع” شجرة اللبخ الضخمة في شارع القصر أمس أمام سطوة أصحاب الفؤوس الذين انهالوا عليه بلا رحمة وأسلمت الشجرة أغصانها لمصيرها المحتوم، سيكون منذ الغد فناء الشارع قبالة بنك الخرطوم باكيا لفقدان أحد أهم ملامحه التاريخية، وقد تمطر حديقة الشهداء دموعها على هذا الوداع القاسي، عدد من أشجار اللبخ التاريخية تمت إزالتها مع سبق الإصرار والترصد.

(1)
بدا أن الشجرة الخضراء في السابق قد أكملت عمرها الافتراضي مما ظهر على أغصانها الجافة، لكن طريقة تسويتها مع الأرض بهذه الصورة لم تكن مراعية ربما لعمرها الذي أفنته في التقليل من حدة هجير الشمس للمارة والعابرين، كنت أسال أحد القائمين على أمر إزالة شجرتين ضخمتين من اللبخ عن هذه الخطوة فحدثني أن الأمر انتهى بسلطات الغابات على إزالتها بعد أن جفت وفقدت القدرة على منح ظلها الظليل، وفي الأثناء لم يكترث من بأيديهم الفؤوس للوصول إلى الجذور العميقة التي تركتها الشجرة لتثبت انتماءها لهذه الأرض النيلية، ولم يكونوا معنيين بغير إكمال مهمتهم.

(2)
على موقع التواصل الاجتماعي “واتساب” كنت ألاحق وزير البيئة والغابات حسن هلال للإفادة حول عملية الإزالة، ورغم عرضي له حيثيات ما شاهدته في شارع القصر من دفارات مليئة بأغصان شجرتي اللبخ، إلا أن الوزير اكتفى بقوله: “أنا خارج البلاد سأعود لكم لاحقا”، وكان من السهولة أن يتذكر الوزير هلال أي مشهد يرتبط عنده بشجرة اللبخ وإن كان تاريخيا، فمهمته الدستورية في حفظ الغطاء النباتي ربما تبدو عسيرة.

(3)
بالإمكان لو بقيت شجرتا اللبخ أن تتحولا إلى لوحة زاهية، وجدارية تمنح المكان زينته وبهاءه، وتحفظ لـ(اللبخة) العتيقة عطاء سنيها الطوال.

تقول سيرة اللبخ الذاتية إن الإنجليز هم من غرسوها في البلاد، وإنها تزهر في فصل الصيف، وأزهارها ذات روائح زكية ومن أهم ما يميزها مقاومتها للجفاف والعطش، موطنها الأصلي الهند ويمكن استخدامها كشجرة ظل، وأخشابها جيدة لاستعمالات عدة مثل الأثاث، ووقود التدفئة، كما أن أوراقها وأفرعها الغضة تصلح علفاً للحيوانات.

الخرطوم – حسن محمد علي
صحيفة اليوم التالي