مقالات متنوعة

اسماء محمد جمعة : مشروع الجموعية – لا عزاء


كل صباح تطالعنا الصحف اليومية بأخبار سيئة ومُحزنة بل ومُفزعة عن أحوال السودان وشعبه الذي يعيش دائماً في حالة قلق وتوتر وإحساس بالضياع وعدم الأمان، دائماً أخبارنا كلها لا تسر وكَأنّنا في عالم خارج الكرة الأرضية لا قدر لنا فيها إلاّ المَصائب، وليتها أقدارٌ نزلت علينا من السماء كنا رضينا بها وحمدنا الله، ولكنها مصائب يتسبّب فيها الإهمال والفساد وسُوء إدارة حكومة المؤتمر الوطني لمصالح هذا البلد.
هذه الأيام وبالرغم من أنّ الخريف بتباشيره الجميلة يطل علينا وهو فصل نعمة يوفر لنا الماء الذي يمنحنا الحياة، ونحن بلد يعتصره العطش والجفاف من كل ناحية وفي حاجة ماسة الى كل قطرة تنزل من السماء، ولكن رغم ذلك فإنّ كل ما تجود به يصبح وبالاً علينا فنجد أنفسنا أمام فصل تحوّل بفعل الحكومة إلى لعنة، ففي هذه الأيام بالذات تزداد الأخبار سُوءاً وبُؤساً وحُزناً فكلها موت وغَرق وسُيول ودَمار، وكأنّنا في دولة ليس بها حكومة ومسؤولون ورعاة مُكلّفون بإدارة هذه النعمة، أين هم وماذا يفعلون؟ كل عام يذهب الخريف ويمنحهم سنة كاملة يمكن خلالها إنجاز الكثير، ولكنه يعود ويجدهم في نفس المكان.
كل الصحف الصادرة أول أمس الخميس حملت خبراً عكس تماماً المَأساة التي وقع فيها السودان والمصير المُفجع الذي يمضي نحوه، فالخبر يقول: غرق مشروع الجموعية وخسائر بالمليارات وهو مشروع ضخم يضمن للولاية أمنها الغذائي، والسبب شارع شيدته وزارة الزراعة ولاية الخرطوم، فهي لم تراعِ فيه المواصفات التي تجعله يخدم مصلحة مشروع بهذا الحجم، ولكن ماذا نقول هي الفوضى والفساد وعدم المسؤولية وتلك سنة كل الوزارات، ووزارة الزراعة لن تكون الأفضل بأي حال.
الأمر من كل ذلك وزارة الزراعة بولاية الخرطوم سارعت وأعلنت عدم مَسؤوليتها تجاه ما حدث للمشروع، وقالت إن السدود مسؤولية وزارة البنى التحتية والمواصلات بالولاية، كما أنّ نائب مدير الشؤون الزراعية بالوزارة قال إن ما حصل يفوق إمكانية الوزارة، وقال: (عندنا معالجات)، إذاً لماذا أنتم مسؤولون.. ارحلوا واتركوا المسؤولية لمن يستطيع ان يفكر ويدبر ويوفر الإمكانات.
أن يغرق مشروع مساحته 8 آلاف فدان تحتوي على كل أنواع الخضر والفاكهة وهو يضمن للعاصمة القومية كفايتها بالرغم من وجود ألف طريقة وحل لحمايته من أية مشكلة قد تتسبّب في تعرُّضه لأقل مشكلة مهما كانت صغيرة، فهذا يُؤكِّد تماماً أنّ وزارتي الزراعة الاتحادية والولائة لا تقومان بأي عمل يقع تحت مسؤوليتيهما.
وزاراة الزراعة في ولاية الخرطوم مسؤولة تماماً عما حدث لمشروع الجموعية حتى وإن كانت المسؤولية تقع على وزارة البنى التحتية والمواصلات التي لم تشيّد عددا يكفي من السدود، فالزراعة يجب أن تكون حريصة على حثها لإنشاء السدود وحريصة على مواصفات أي شارع يمر بالقرب من المشاريع أو المزارع، فأين كانت؟
الحكومة تدمر كل يوم حُلم السودان العظيم في أن يصبح سلة غذاء نفسه ناهيك عن العالم وهو يملك كافة الضمانات التي سخرها له الله، أين الخطأ إذاً؟ في وزرائها الذين تحملهم المسؤولية وهم وعاجزون تماماً حتى عن التفكير..؟
ليس غريباً على وزارة الزراعة بولاية الخرطوم أن تتنصل من كارثة مشروع الجموعية بدلاً من أن تقف مع أهله، فهي جُزءٌ من حكومة تنصلت من مسؤولياتها كافة تجاه الوطن والمواطن ولا عزاء للمزارعين وسكان ولاية الخرطوم الذين سيدفعون الثمن.