عالمية

جنوب السودان يواجه أزمة الدولار بالمزادات


أعاد المصرف المركزي في جنوب السودان، مجدّداً، نظام دلالة (المزادات) لبيع العملات الأجنبية، بعد وقفه في عام 2012، بهدف التخفيف من أزمة شح الدولار وارتفاع سعره الحاد في السوق السوداء.
وحسب خبراء اقتصاد لـ “العربي الجديد”، تتمثل الأزمة في عدم كفاية المعروض من العملات الأجنبية لاحتياجات المواطنين والمستثمرين، وأوضحوا أن العودة لطرح مزادات دولارية ليست علاجاً جذرياً للأزمة بل تهدئة مؤقتة للأسواق.
وارتفع الدولار إلى أرقام قياسية الفترة الأخيرة فقد وصل لأول مرة في تاريخ الدولة الوليدة إلى 80 جنيها، حسب متعاملين بسوق العملات.

وتقول الخبيرة الاقتصادية بشؤون جنوب السودان، أنصاف العوض، لـ”العربي الجديد”، إن المصرف المركزي يسعى إلى تخفيف حدة أزمة الدولار وتوفيره للمصارف والشركات والمواطنين عبر عودته إلى العمل بنظام المزادات، والذي كان يطبق في وقت سابق.
وتضيف، أن آخر مزاد كان في عام 2012 حيث تم بيع نحو 400 مليون دولار بسعر 7 جنيهات للدولار في الوقت الذي كان يباع في السوق السوداء آنذاك بما يتراوح بين 11 إلى 17 جنيهاً.

وتتساءل العوض، من أين تحصلت جوبا على الدولار ولماذا تركت الهامش في البيع كبيراً، حيث إن المتعارف عليه في هذه الحالات هو هامش قليل لا يتعدى “2 سنت”.
وأشارت إلى تدخل من قبل تجار أوغنديين وكينيين للضغط على الحكومة بهدف التراجع عن قرار التعويم بحجة الإضرار بتجارتهم، الأمر الذي يساهم في ارتباك المشهد في سوق العملات.
إلا أن العوض ترى أنه طيلة فترة الحرب الدائرة في جنوب السودان لم يطرح فيها المصرف المركزي الكميات التي يحتاجها السوق بحجة عدم وجود عملات أجنبية، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع وانهيار اقتصاد الجنوب، وبالتالي تحمل الشعب الجزء الأكبر من الأعباء.

وحسب بيان صحافي، بداية الأسبوع الجاري، قال المصرف المركزي، إن الهدف من طرح المزادات الدولارية هو إنقاذ العملة المحلية من التدهور في السوق أمام العملات الأجنبية.
ويأتي ارتفاع العملة الحرة في الجنوب عقب الإجراءات الحكومية واتخاذها لسياسة تعويم العملة في السوق بجانب تأخر المانحين في ضخ أموال المساعدات بسبب اتهامهم طرفي النزاع في الدولة بعدم الجدية في تطبيق اتفاقية السلام الثنائية.
وقال مدير قسم العملات الأجنبية بالمصرف المركزي، موسس ماكور دينق، في تصريحات صحافية سابقة، من المتوقع أن يبيع المصرف الدولار بسعر يتراوح بين 40 و50 جنيهاً، وتوقع أن يباع أكثر من 40 مليون دولار للمصارف التجارية في المزاد اليومي.

وأكد محللون اقتصاديون أن عدم اتباع الإجراءات الصحيحة في سياسة تعويم سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية بجنوب السودان.
واتخذت حكومة جنوب السودان في عام 2014 قرار تعويم العملة وعقب القرار بتسعة أشهر بدأ الدولار في الصعود مقابل العملة الجنوبية إلى أن وصل إلى 17 جنيها مقابل 3.7 جنيهات.
ويقول الخبير الاقتصادي، ميرغني بن عوف، لـ “العربي الجديد”، إن مزاد العملات تكون في الدول ذات الاستقرار الاقتصادي وثبات عملتها. ويرى أنه، ومنذ استقلال دولة جنوب السودان، نجد كل عملات الدول المجاورة للسودان وأوغندا وكينيا متاحة في الجنوب.

وترفض جوبا دخول قوات أممية للمحافظة على الأمن في البلاد وإعادة الأوضاع الاقتصادية إلى ما كانت عليه، ما جعل المراقبين يفسرون خطوة المزاد بأنها إشارة إلى أنها ما زالت تمسك بزمام الأمور الاقتصادية.
ويرى مختصون أن جنوب السودان لن تستطيع الوصول إلى هدفها ليس فقط لعدم وجود فوائض نقدية بل لقلة المعروض نتيجة لعدم وجود إنتاج حقيقي، متوقعين أن تزداد الأمور تعقيدا.

وشهدت جوبا خلال أيام الحرب ارتفاعا حادا في أسعار السلع والمواد الغذائية، ويقف المواطنون صفوفا طويلة أمام المخابز لشراء الخبز حيث وصل سعر الرغيف الواحد إلى 13.5 جنيهاً، كما تعرضت العديد من أسواق المدينة للنهب بواسطة القوات العسكرية.

وأكد مواطنون أنهم يعانون وضعاً معيشياً صعباً في ظل الارتفاع غير المسبوق للأسعار، بسبب زيادة سعر الدولار.
وحسب محللين، استمر ارتفاع أسعار السلع والخدمات بعد توقف القتال.
ووصل سعر جوال الدقيق إلى 1900 جنيه بدلاً من 1700 جنيه في السابق، كما ارتفع سعر غالون الزيت عبوة 2 لتر من 210 إلى 300 جنيه، حسب تجار لـ”العربي الجديد”.
ويعتمد اقتصاد جنوب السودان على النفط، وبلغ أعلى إنتاج له في عام 2011 نحو 370 ألف برميل يومياً، وعقب اندلاع المعارك بين مجموعتي الرئيس سلفاكير، ونائبه رياك مشار، في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2013، انخفض إنتاج النفط إلى أقل من الثلث.

العربي الجديد

العربي الجديد