مقالات متنوعة

مؤمن الغالى : ونسة مع محجوب شريف (2)


٭ ويبدأ الاحتفال.. ووطني علمني أن حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء.. والدماء حاضرة.. وكان لا بد أن نبدأ بها يا محجوب.. هم الذين أكرم منا جميعاً.. هم الذين وهبوا أوطانهم وجادوا بأرواحهم كأنبل ما يكون العطاء.. (ما شفت) هاشم محلقاً فوق القاعة.. ابتسامته بعرض وطن.. نفس ابتسامته التي ودع فيها الوطن وجسده يستقبل مطر الرصاص.. وبابكر في الشرفة المطلة على النيل.. يلوح برسالته إلى الخنساء.. المكتوبة على علبة دخان فارغة.. يا ألهي أي بسالة تلك يا محجوب.. يكتب في ثبات وقبل خمسة دقائق من إعدامه.. كل وصاياه عن الوطن والشعب وأخيراً جداً أسرته الصغيرة.. يا للرجالة ثم في تلك اللحظات الرهيبة يعتذر عن رداءة (الخط) فالظلام كثيف.. وها هو الظلام يرحل يا بابكر وها هي القاعة تأتلق أنواراً وضياءً.
٭ هنا نتوقف قليلاً يا محجوب.. نتوقف لنسترد بعض الأنفاس مع الحبيب الصديق الأنيق علي عبد القيوم فقد تذكرت حروفه تلك التي كتبها بأطراف أسنة وخناجر.. و…
أي المشانق لم تزلزلي بالثبات وقارها…
أي الأناشيد السماويات لم نشدد
لأعراس الحديد بشاشة أوتارها
نحن رفاق الشهداء نبايع الثورة
والداً وولداً
٭ محجوب.. (شفت الناس ديل كيف) هؤلاء لا يموتون على الفراش كما تموت العير فلا نامت ولن تنام أعين الجبناء.. وتتحقق يا محجوب نبوءتك الجريئة.. ويمشي حلمك وأملك ذاك الذي تمنيته وحلمت به قبل (كم وأربعين سنة) يمشي واثقاً على ساقين راكزتين وها هي المرأة حضوراً بهياً في الصفوف الأمامية في القاعة.. ويا لك من بعيد نظر وعبقري إكتشاف.. لك المجد يا حبيب وأنت تكتب عن المرأة.
ونطلع للحياة أنداد
زي سيفين مساهر
فيهن الحداد
ونطلع من بذور الأرض
زرعاً فارع الأعواد..
٭ وها هي كوكبة بل مفرزة مقاتلة تندفع في طريق فاطمة.. تأتي نور الصادق وبثينة الخرساني.. وآمال جبر الله.. وعقد ماسي يشع بهاء ويضيء سماء.. وحبات من لؤلؤ.. والكورال يصدح ليرسل الغناء إلى فاطمة هناك يحمله الأثير.. لتشاركنا بروحها فاطمة في هذا العيد السعيد.
والشفيع يا فاطمة في الحي
في المصانع وفي البلد حي
سكينها القالت أحي
ما حصادو الأخضر الني
راضي عنو الشعب والدي
مات شهيد أنا وأحلامي..
مع السلامة يا محجوب حتى بكرة