تحقيقات وتقارير

“الأصل باق” ينجح شباب الاتحاديين في إقامة مؤتمرهم “القاعدي” ويستهدفون إسقاط القمة.. فهل يفلح المسعى أم أن سفينة السيد يصعب إحداث ثقب في داخلها


يتساءل الاتحادي السابق وأحد المرشحين في انتخابات 2010 عن دائرة بري والناشط في وزارات حكومة الظل السودانية (وائل عمر عابدين): ما هي الرؤية السياسية التي دفعت بالحكومة لأن تسمح بقيام المؤتمر العام للحزب الشيوعي بعدائه المطلق معها في أكبر قاعات مؤتمرات البلاد (الصداقة) وتبدو كراهيتها ماثلة لشركائها في الحكم من الاتحادي الأصل؟.. وائل ساعتها كان يعلق حول مداولات المؤتمر الانتقالي لشباب وطلاب الحزب الاتحادي الأصل.. المؤتمر الذي قال مقيموه إنه انفض في المكان الأول بعد تدخل من السلطات ولكنه في نهاية المطاف اكتمل ليختار ممثليه في سبيل السعي لعقد المؤتمر العام.

“ضد السيد”
“من كان ينتمي لمولانا الميرغني.. فالميرغني في لندن وولدو في القصر.. ومن كان ينتمي لمبادئ الحزب فالحزب عائد هلالا في السماء”.. صاحب المقولة هو عضو شباب الحزب الاتحادي الاصل علي جمال وهو من اختارته مداولات المؤتمر السرية أميناً عاماً لمركزية الشباب، واختارت معه مالك عمر السويفي، رئيساً لمركزية الشباب في الحزب الذي تشارك قياداته في السلطة الآن.. بل إن قيادات صفه الأول تنشط بصورة كبيرة في مداولات الحوار الجاري الآن من أجل وضع نهاية للأزمة السودانية، وفقاً للحفاظ على الوضع القائم الآن.. مؤكد أن مقولة الجالس الآن على مقعد الأمين العام لشباب تخبرك بأن هذه المجموعة تجلس تحت لافتة (ضد السيد).

“خطوة لاحقة”
يقول علي جمال أمين الشباب المنتخب وفقاً لنهج السرية، المعروف به الحزب الشيوعي السوداني، إن إنجاز مؤتمر الشباب يمثل خطوة لاحقة لخطوات تمضي بصورة مرتبة في السعي من أجل إعادة بناء الحزب الاتحادي بعيداً عن سيطرة الطائفة، والخروج به من عباءة الرجل الواحد، وتجهيزه لخوض معركته الأخيرة ضد السلطة.

“السبب غياب التنظيم”
بالنسبة للقيادي الاتحادي محمد الفكي فإن هذا المؤتمر التزم بالعمل على اعادة تنظيم الحزب حتى يضطلع بالنضال المدني من أجل إسقاط نظام الخرطوم، ولفت إلى أن الأفكار والمواقف السياسية من غير تنظيم لا تثمر. وقرأ تجربة التجمع الوطني الديمقراطي والتي كان فيها موقف الاتحاديين صلبا ولكن لم يثمر عن نتيجة والسبب غياب التنظيم وأكد على إعلاء النضال المدني السلمي كتكتيك معروف لدى الاتحاديين.

“ضد من؟”
لكن حديث ود الفكي عن النضال المدني السلمي كتكتيك اتحادي يولد عنه سؤال: ضد من؟.. بالنسبة للاتحادين فإن معركتهم من الوهلة الأولي تبدو ضد من انقلبوا على سلطتهم المنتخبة في العام 1989، لكن في مقابل ما يحدث الآن فإن فوهات المعركة وبنادقها موجهة بشكل رئيس ضد من يديرون شأن الحزب من داخل مؤسسات النظام.. هي المعركة التي انطلقت قبل عامين حين أعلن رئيس قطاع التنظيم في الحزب والمسمي في الوقت ذاته نائبا للرئيس، ونجل مولانا، محمد الحسن الميرغني، مشاركة الحزب في الانتخابات، ومن بعدها الانخراط في المشاركة في السلطة وهي الخطوة التي وجدت مقاومة من مكونات الحزب وقياداته، فتتالت عليهم قرارات الفصل بمعاركها القانونية، ومواجهاتها الإعلامية دون نهاية.. المفصولون ساعتها أعلنوا أنهم سيمضون في طريقهم بغية إنقاذ الحزب من مغادرة مبادئه.. فيما مضي الطرف الآخر في رسم خطط مشاركته التي لم تخل من حالات (حردان) من قبل المساعد انتهت أخيرا بعودته لممارسة نشاطه مساعداً أكبر لرئيس الجمهورية.
“خط المواجهة”
عقب انفضاض مؤتمر الشباب في المرة الأولى وجه البعض سهامه نحو نافذين في الحزب ومشاركين في السلطة بأنهم مسؤولون عن هذا الأمر وذلك قفزاً في اتجاه النتائج الختامية، فما يفعله الشباب لا يعدو محاولة جادة لإعادة الحزب إلى خطه المعارض كوريث شرعي لما يطلق عليها الطبقة الوسطى وهو أمر يتقاطع مع مصالح الجالسين على سدة المشاركة، وربما يمضي نحو تفتيت الشراكة التي ينظر لها الكثيرون بأنها غير ذات جدوى للطرفين الحكومي والاتحادي الأصل.. وهو ما يعني أن خط المواجهة بين التيارين سيمضي إلى آخر المطاف وربما ينتهي إلى تكوين تيار اتحادي جديد مثلما اعتاد الاتحاديون على الفعل.. ولا يقف آخرون في الحياد حين يقولون إن هذا التيار من شأنه أن يهز الكراسي من تحت الجالسين عليها.

“في الاتجاه المضاد”
في كل معركة اتحادية مشتعلة فإن السؤال الرئيس هنا هو: أين يقف السيد الحسن؟ الشاب الذي خطط ونفذ كل ما يحدث الآن يجلس هادئاً بكل محمول الكلمة في مكتبه بالقصر الجمهوري عقب عودته الأخيرة والتي كان قد أعلن قبلها عن مشاركة فاعلة للأصل في تحديد مسارات مستقبل البلاد السياسي دون أن يحدث جديد على أرض الواقع بل حتى دون أن يضع ابن السيد الإجابة عن سؤال: لماذا غادر ولماذا عاد؟ المؤكد هو أن الرجل يقف في الاتجاه المضاد لما تقوم به التيارات الممانعة في الأصل لما يقوم به.. ومثل كل الأسئلة الاتحادية يبقى سؤال: من ينتصر في نهاية المعركة؟ بلا إجابة حتى الآن.

“لا قداسة مع السياسة”
في معركة إعادة البناء التنظيمي والقاعدي يمكن القول إن تيار الشباب الاتحادي يمضي في الطريق الذي اختاره وتتابع خطواته في سبيل الوصول لعقد المؤتمر العام الذي يسعى لإزاحة الطائفة من إدارة شؤون الحزب ويستعيد الشعارات القديمة (لا قداسة مع السياسة) لكن ثمة من يقول إن مثل هذه الأمور أيضاً معتادة في التيارات الشبابية المنضوية تحت اللواءات الاتحادية المتعددة فموقف الطلاب والشباب ظل واقفاً على حد المقاومة طوال التاريخ السياسي وإنه بعد عودة الشريف زين العابدين الهندي في مبادرة الحوار الوطني ظلت رابطة الطلاب الاتحاديين في خط مواجهتها ولم تتأثر بالموقف الجديد.. هنا يتساءل البعض عن إمكانية استفادة المشاركين من الحراك الشبابي المعارض مثلما تفعل تنظيمات أخرى.. وهو أمر مستبعد الآن.. في هذا السياق لا يغادر وائل عمر عابدين حيرته وهو يطرح سؤالاً للحراك اللحظي مقرونا بما حدث عقب مؤتمر (القناطر) حين اختار عدد كبير من الطلاب الانخراط في الهيئة العامة لمقاومة قرارات الطائفة بزعامة مولانا واختار هؤلاء البقاء في صفه فما الذي استجد الآن؟ على كل نجح الشباب الاتحادي في إقامة مؤتمرهم وأعلنوا مواصلة السعي للوصول نحو المؤتمر العام فهل ينجحون في ذلك أم أن سفينة الطائفة الاتحادية أقوى من أن تثقب بأيديهم حتى في وجود دعم الشيخ أبو سبيب؟.

الخرطوم ـ الزين عثمان
صحيفة اليوم التالي