تحقيقات وتقارير

تقرير زيارة صحيفة الأهرام المصرية لموقع سد النهضة الإثيوبى.. مخاوف من ملء الخزان فى وقت قصير


المشهد الاول: النيل والمصريون
ذهبنا الى منبع مياه نهر النيل الذى يمثل للمصريين الحياة و الشريان الرابط بين دول الحوض لنرى على ارض الواقع سد النهضة و الجدل خلال السنوات الخمس الماضية حول إقامته و ضخامته و الاختلافات الشديدة تجاهه ما بين طرح يشير الى أنه سيكون سببا فى تعكير صفو العلاقات التاريخية والدينية الممتدة عبر عصور طويلة بين مصر و اثيوبيا من منطلق أن هذا البناء غير المتفق عليه سيضر مصر و المصريين وبين رأي، فى الجانب الآخر، يؤكد أنه سيكون مصدر خير ومنافع للجميع دون اى ضرر على دولتى المصب مصر و السودان.

وفى خطوة جديدة، اعلنت أثيوبيا عن فتح أبواب موقع إنشاءات سد النهضة للصحفيين المصريين وآخرين من السودان وجنوب السودان وأثيوبيا لمشاهدة تطورات المشروع والاستفسار ومشاهدة ما يتم على الارض وهو ما كان ممنوعا فى السابق. وقصة الزيارة بدأت باقتراح من معهد المياه الدولى بإستوكهولم المعنى بقضايا منع الصراعات على المياه المشتركة للأنهار فى محاولة من الخبراء بالمعهد لتنفيذ برامج تدريبية للعديد من المهتمين بالملف لتقريب وجهات النظر ودعم استمرار التواصل والحوار و التعاون بين دول حوض النيل الشرقى منعا لأى صدام أو مواجهات مستقبلية حول المياه , ثم انتقلت الفكرة الى حيز التنفيذ على مدى ٦ أشهر من الإعداد و انتهت الى اختيار ٣٠ من الاعلاميين و الصحفيين بالدول الأربع للمشاركة فى ورشة عمل تدريبية يعقبها زيارة لموقع السد.

المشهد الثاني: ٢٤ ساعة فى الموقع

على مدى ٦ ايام متوصلة هى مدة رحلة الذهاب الى سد النهضة و التى تزامنت مع موسم تساقط الأمطار الكثيفة على أديس أبابا وعلى جميع أراضى أثيوبيا خاصة مناطق أعالى النيل و تجمعها فى شكل أخاديد و أنهر صغيرة وصولا الى تجمعها فى النيل الأزرق بكميات كبيرة جدا.. موسم الفيضان هذا العام أعلى من المتوسط ويصل فيه اندفاع المياه الى حد تكون شلالات يمكن لها ان تدفع اى شيء أمامها.. فى الوقت ذاته كانت جميع محافظات مصر تعانى من ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب على المياه بداية بمياه الشرب او لحاجة كثير من الاراضى الزراعية المحرومة من مياه الرى و الواقعة فى اخر الترع و حتى المصارف الزراعية و التى اصبح وصول المياه إليها حلما إن لم يتحق ضاع معها عام كامل من مجهود وعرق مئات الآلاف من الأسر المصرية.

المشهد الثالث: لا داعى للخوف!

وسط طريق ترابى غير ممهد استمر السير فيه لمدة ٥ ساعات من مدينة «أصوصا» الى منطقة بنى شنقول على الحدود السودانية الأثيوبية- موقع سد النهضة ـ فى ظل ترحيب أثيوبي، بدأت الرحلة التى استمرت ٢٤ ساعة لمنطقة السد تخللها استضافة جميع الوفد الصحفى للمبيت فى استراحات السد المخصصة للضيوف وقال المهندس سيمانيو بكالى المدير التنفيذى لمشروع سد النهضة انه لا داعى إطلاقا لتخوف المصريين من بناء السد أو تأثيراته لأنه تمت مراعاة المعايير والشروط لمنع حدوث أى ضرر فى المستقبل قائلا: إن مياه نهر النيل و فيضانه تسير فى مسارها الى السودان و مصر و أن بلاده لا يمكنها ان تحتفظ بمياه نهر النيل خلف السد أو تحجب تدفق المياه لأن أى كمية تزيد عَلى سعة التخزين سوف تغطى جسم السد – بشكل طبيعى – وهو ما سوف يمثل خطورة. ويضيف: كما أن الاحتفاظ بالمياه إلى هذا الحد غير مجد اقتصاديا , نافيا احتفاظ بلاده بالمياه خلف السد أو بدء أعمال التخرين بالبحيرة خلال موسم الفيضان الحالى وقال إن تدفق المياه الى دولتى المصب يسير بشكل طبيعي.

مندوب الأهرام فى موقع سد النهضة

المشهد الرابع : وصف دقيق لجسم السد

إصطحب سيمانيو بكالى الوفد إلاعلامى المشترك من دول حوض النيل الشّرقى والذى يضم لأول مرة صحفيين مصريين إلى أكثر من خمسة مواقع مهمة للإنشاءات الحالية بمشروع سد النهضة وشملت زيارة السد من كلا الضفتين وموقع السد المساعد وموقع البحيرة امام السد وبعض المواقع وحرص على تقديم شرح كامل ومبسط .. مبينا حرص بلاده على إتمام و إنجاز الدراسات والاختبارات فى جميع مراحل الإعداد و التصميم و التنفيذ طبقا للمواصفات الدولية للسدود بما يضمن سلامة و أمان السد تماما.

و اشار المدير التنفيذى خلال العرض الى ان توربينات توليد الكهرباء بالسد لن يستهلك مياه النيل ولن تحول دون تدفقها الى أى جهة أخرى غير مصر و السودان وقال إن تصميمات بناء سد النهضة ليست قائمة على استهلاك المياه وأن السد يمكن ان يزود مصر بالكهرباء «النظيفة و الرخيصة» عند الانتهاء من انشاء شبكات الربط الكهربائي.

المشهد الخامس : فوق سطح البحر

فى موقع أخر على إرتفاع ٦٥٠ مترا عن سطح البحر وعلى قمة جبل وصف المسئول الإثيوبى بحيرة التخزين فقال أن مساحته ستصل، عند إكتمال الملء و التخزين امام السد، إلى ١٨٧٤ كيلومترًا و يصل أقصى ارتفاع للمياه بها إلى٦٤٠ مترًا فوق سطح البحر، وسيصل إجمالى الكميات المخزنة إلى 74 مليار متر مكعب من المياه والسعة التخزينية الحية 59 مليار متر مكعب.

المشهد السادس : مكافحة الفقر

وقال بكالي، والسماء تنذر بأمطار شديدة قادمة، إن اثيوبيا ليس من استراتيجيتها الوطنية للتنمية تطوير نفسها على حساب الاخرين أو الإضرار بهم الامر الذى تراه بلاده «محرما» و ليس من العدل أن تقام مشروعاتنا القومية بطريقة تؤذى الشعوب الآخري. وأوضح أن الطبيعة الطبوغرافية حول جسم السد كلها مناطق جبلية و يصعب زراعتها او قيام اى نشاط اخر يستهلك المياه مشيرا الى أن السد هو إحدى وسائل حكومته لمواجهة ومكافحة الفقر وأن مشروع السد عند اكتماله سيعود بالخير و النفع على جميع دول حوض النيل.

ولم ينس بكالى خلال عرضه المواصفات الفنية لموقع السد المساعد أن بلاده قامت بتنفيذ توصيات اللجنة الدولية لسد النهضة والتزمت بالمعايير الفنية الخاصة التى ذكرت بالدراسات.و قال أنه سوف يتم تركيب توربينات عالية القدرة لانتاج الكهرباء تصل قدرتها إلى ٣٧٥ ميجا وات من الوحدات التى تبلغ ١٦ توربينا بحيث يصبح اكبر سد مائى فى إفريقيا و الثامن على مستوى العالم لافتا إلى أن اثيوبيا تسعى بكل ما تمتلك من موارد الى تسخير قطاع انتاج الكهرباء، الذى يمثل العمود الفقرى للناتج القومي، لخدمة تنفيذ أهداف التنمية.

وفى محاولة لتسويق فوائد السد، قال المسئول الإثيوبى إن بلاده أصبحت محورا للربط الكهربائى مع دول القرن الإفريقى ومنها كينيا ومصر و السودان و اليمن وجيبوتى والصومال وإريتريا لافتا الى وجود خط ربط كهربائى لربط السد بالشبكة القومية الاثيوبية بقدرة ٥٠٠ كيلو فولت. وعن سلامة الإنشاءات قال بكالي: إن إثيوبيا تمتلك خبرات كبيرة عالمية بالاشتراك مع المقاولين فى تصميم و إدارة وتشغيل السدود الكهرومائية.

المشهد السابع : الفيضان قادم

ومن امام مخارج مياه فيضان نهر النيل القادمة من أعالى الجبال و التى تمر بين جانبى السد و من الفتحات السفلية الأربع، قال بكالى ان هدف بناء السد هو محاربة الفقر فى بلاده و ان الحكومة الاثيوبية مسئولة مسئولية كاملة عن تحسين حياة مواطنيها وأن السد سيفيد مصر والسودان كما سيفيد اثيوبيا ويجب ان نتحد جميعا فى محاربة العدو المشترك وهو الفقر من خلال الاستخدام العادل و المتساوى لمصادر المياه المشتركة وكوسيلة للمشاركة فى المنافع بشكل مستدام.

المشهد الثامن : أكبر مشروع مائي

حرصت اثيوبيا على ان يرافق الوفد الإعلامى مجموعة فنية تضم جميع ممثلى الشركات الإيطالية المنفذة والخبراء الاثيوبيين والفنيين المسئولين عن السد الذى يمثل أكبر مشروع مائى فى تاريخ اثيوبيا وإفريقيا والثامن على مستوى العالم – حسب تصريحات الإثيوبيين- وسمحت للوفد بالتصوير والتجوال داخل الموقع وفى معظم نقاط الإنشاءات بموقع السد التى تزيد مساحتها على عشرات الكيلومترات. حسب المعلومات المتاحة، و يجرى الانتهاء من بناء مطار بموقع السد يخصص لنقل المعدات الدقيقة والحساسة وذات الطبيعة الخاصة أما الأسمنت ومعدات البناء فيتم وصولها الى هذا المكان المحدود من خلال الحاويات وذلك بعد تجهيز عدة طرق توصل السد بالمدن القريبة منه .

المشهد التاسع : توقيتات الملء

وحول خطة وتوقيتات ملء الخزان « بحيرة السد»، قال مدير المشروع إنه سوف يعلن عن موعد عملية التخزين و الملء عقب الانتهاء من التجهيزات الفنية و استكمال البناء وبالفعل رأينا بالعين المجردة ومن كلتا الضفتين لنهر النيل الأزرق ومن موقع مشاهدة آخر ,تدفق مياه الفيضان و بسرعة كبيرة من المساحة غير المكتملة البناء وسط جسم السد فضلا عن تدفق المياه وبسرعة من الفتحات السفلية المعدة لذلك الى مسارها الطبيعى الى السودان.

وعن احتمالات زيادة حجم الفيضان بشكل يفوق استيعاب الخزان والسد، أوضح مدير المشروع أن إدارة السد تمتلك كل الحلول لضمان تدفق المياه الى دولتى المصب وأن هذه الحالات الطارئة مدروسة لضمان أعلى درجات الأمان للسد إذا ما ارتفعت المياه عن ٦٤٠ مترًا فوق سطح البحر حَيْث يمكن استخدام مخارج الطوارئ فى السد أو استخدام الجانب الأوسط من السد المساعد كمخرج إضافى للمياه ليمر فى مجرى النيل.

ووفقا لمشاهدات لمندوب «الأهرام» فى خمس نقاط داخل مواقع الإنشاء بالسد فإن البناء لم يكتمل بعد،و قد تحتاج اثيوبيا من أربع الى خمس سنوات لإتمام الإنشاءات.فالجزء المتوسط من السد لم يكتمل ولم تصَل ارتفاعاته الى مستوى جانبى السد الحاليين، حيث تمر مياه الفيضان من خلاله بشكل طبيعى و من خلال الفتحات السفلية الأربع أسفل الجانب الأيمن أمام السد الذى لم يكتمل هو والجانب الأيسر الى ما يقارب الأربعين فى المائة.

المشهد العاشر: ٣٥ ٪ تقريبا

السد المساعد تم الانتهاء من ٣٥ ٪ تقريبا من اجمالى الاعمال به وسط تجهيزات تتفاوت فى النسب لاستكمال كامل التدبيش ونقل الأحجار للموقع. عملية انشاء السد المساعد تتم على قدم و ساق و على مدار الساعة، وبالرغم من ذلك فإن معدلات أعمال البناء فى فترة خمس سنوات منذ بداية اعمال البناء فى السد حتى الان تؤكد أن انتهاء أعمال البناء سوف تستغرق مزيدا من السنوات بالمعدلات الحالية.

المشهد الحادى عشر : المقاول المنفذ

تعاقدت الحكومة الاثيوبية لبناء السد مع شركتين من المقاولين الرئيسيين هى سالينى اميرجيولو وMETEC المعروفة عالميا فى مجال بناء السدود والمنشآت المائية و هى المسئولة عن الأعمال الهيدروليكية ونظام التحكم فى المشروع، والمسئولة كذلك عن الأعمال الاستشارية ويشارك فيها خبراء من إيطاليا وفرنسا ويقيمون فى استراحات فاخرة بنيت خصيصا فوق قمة الجبل الاعلى الذى يطل على سد النهضة.

المشهد الثانى عشر :الربط الكهربائي

يقول مسئولون أثيوبيون انه تم الانتهاء تقربيا من خط الربط الكهربائى بين محطة كهرباء السد، وهو ما شهدناه على الطريق من اصوصا الى موقع السد، ليرتبط بالشبكة الكهربائية الموحدة فى البلاد والذى يمكن من خلاله نقل الكهرباء المنتجة من السد الى الدول المحيطة و هى السودان واريتريا وكينيا والصومال وجيبوتى ومصر فى حال إتمام تنفيذ و تشغيل خطوط الربط معها.

المشهد الثالث عشر : عمليات التخزين..

من النقاط الانشائية لموقع السد، وعلى ضفتى جسم السد، تنساب مياه نهر النيل الى المجرى النهرى فى طريقها الى السودان ومن ثم مصر من خلال مخرجين هما:

أولا: تنساب المياه من الفتحات السفلية التى تم بناؤها أسفل احد جوانب السد وتتدفق منه المياه للنهر.

ثانيا: انسياب مياه فيضان هذا العام التى تتجمع امام جسم السد من خلال المساحة و تدفق المياه لفيضان النيل هذا العام بشكل طبيعى من المساحة غير المكتملة منتصف جسم السد و من الفتحات السفلية، والتى اكد المسئولون الاثيوبيون أنه حتى الآن لم يتم بدء التخزين و يقول الأثيوبيون أن ماتم بناؤه، حتى الآن، لا يزيد علي٥٠ ٪ تقريبا من إجمالى حجم الإنشاءات فى مشروع السد والتى تشمل الاعمال المدنية الخدمية والأعمال الكهربائية. ونرى ان الاعمال الانشائية فى جسم السد تحديدا لم يكتمل منها سوي( اقل من ٤٠٪) من إرتفاعات السد المعلنة إجمالا ويظهر هذا عند النظر الى ارتفاع التجهيزات وأعمال الحفر على ضفتى جسم السد والتى يجب أن تمتد الى هذا الارتفاع.

هنا تبرز التخوفات من نتائج إنفراد الجانب الإثيوبى على قرار فترة ملء بحيرة السد وكذا أساليب وطرق التشغيل والادارة لتمرير مياه السد خلال فترات عدم احتياج اثيوبيا لإنتاج الكهرباء فى حالة عدم الاتفاق او عدم اكتمال الربط او الاتفاق مع الدول المستوردة لكهرباء السد.

المشهد الثالث عشر : مخاوف من نوعية المياه

جانب آخر من المخاوف يخص نقاء المياه بعد القيام بتخزينها وراء السد الجديد بكل ما يحمله الأمر من تحديات بيئية، خاصة من تعفن الغابات والأشجار الكبيرة والمدخلات البيولوجية الأخري، قال مدير مشروع السد إنه سيتم تطهير كل مساحات البحيرة من الأشجار أو أى نباتات وأنهم، على حد قوله، قد انتهوا بالفعل من تنظيف بعض الأماكن على سفوح الجبال وفى انتظار انتهاء موسم الأمطار واستكمال هذه الاعمال لافتاً إلى أنه قد تم الانتهاء من دراسات عديدة تناولت عدة جوانب.

من الملاحظ أن الحكومة الاثيوبية تعمل على تنظيم زيارات لمنظمات شعبية ولمواطنين اثيوبيين لمواقع الإنشاءات بغية توصيل قناعة مفادها أن السد عند اكتماله سيقضى على الفقر ويدعم الموازنة السنوية المخصصة لنقل التنمية و رفع مستوى المعيشة فى كل ربوع البلاد. بالمناسبة، تطرقت المناقشات فى الزيارة إلى الزراعات الموسمية على جانبى نهر النيل، والتى تقدر بعشرات الآلاف من الافندنة، ومدى تأثرها من انشاء سد النهضة و اختلال المناسيب، وطرحت «الأهرام» سؤالا على الدكتور سيف الدين حمد وزير الرى السودانى الأسبق، فأجاب بأن السودان لا يوجد لديها أى مشكلة حول ذلك الموضوع وانها بالفعل وضعت جميع الاستعدادات لإحتواء أى عقبة و على حد قوله فإنه يرى أن فوائد مشروع السد متعددة ومفيدة للسودان طبقا للدراسات التى قامت بها بلاده!

المشهد الرابع عشر : سنوات الجفاف

و فى سؤال حول مدى تأثير سد النهضة فى منع وصول المياه و تدفقها الى مصر و السودان خاصة فى سنوات الجفاف، تطوع خبير المياه الامريكى كيفن ويلر المشارك فى الوفد الذى زار سد النهضة أنه اجرى دراسة حول اثار سد النهضة فى جامعة أكسفورد بالقول إن تخزين السد يمكن أن يوفر خلال فترات الجفاف وفى السنوات التى ينخفض فيها الفيضان نوعا من «شبكة ألامان» لدولتى المصب مصر والسودان سيتم خلالها تعويض اى نقص محتمل. لكنه لم ينف حدوث تأثير وصفه بـ «المؤقت» على تدفق مياه النيل لمصر خلال فترة ملء السد، الامر الذى يحتاج إلى أن تقرره المفاوضات الحالية بين الدول الثلاث والتى يميل الخبير الأمريكى إلى الاعتقاد بأنها ستنتهى إلى التوصل الى توقيتات محددة لمواعيد ملء الخزان بسد النهضة.

المشهد الخامس عشر : ١٦ ٪ سنويا

فى مقابلات مع الأهرام، قال مواطنون إثيوبيون فى مدينة «اصوصا» على الحدود الاثيوبية- السودانية انهم يحلمون باليوم الذى تنتهى فيه أعمال البناء و افتتاح السد و تشغيله وتغيير شكل حياتهم نتيجة توفير إمدادات الطاقة الكهربائية لقراهم ومدنهم وبدء حياة جديدة تتدفق معها الاستثمارات العربية و الصينية واستثمارات أخرى وتوفير فرص العمل النادرة فى كثير من مدن وقرى اثيوبيا، فرغم ارتقاع مؤشرات النمو الى ارقام قياسية تصل الى ١٦ ٪ سنويا الا انه مازال هناك اكثر من ٧٠ مليون إثيوبى من اجمالى عدد السكان البالغ ٩٠ مليونا لا تصلهم الكهرباء حتى الان. قال سالمون صفايو سائق احدى السيارات التى أقلتنا الى موقع السد إن كثيرا من الشباب كانوا يحلمون بالعمل خارج قراهم و مدنهم أما الأن فهم يغيرون افكارهم ويخططون حاليا للمستقبل من خلال العمل فى المشروعات الصغيرة و الكبيرة التى يتوقع أن تنتشر فى قراهم ومدنهم حسب ما تقول الحكومة.

المشهد الخامس عشر : هل هى بداية التحول؟!

زيارة موقع السد وسماح الحكومة الاثيوبية بتكرار هذه الزيارات هل ستكون بداية للتحول فى الرؤية الاثيوبية .. مع الأيام سنرى نتائج هذا التحول نحو بناء حقيقى للثقة لما يسميه البعض التحول الإيجابى مما قد يمهد الطريق للوصول إلى آلية تنفيذ حقيقية وواقعية للتعاون بداية فيما يتعلق بإدارة المياه المشتركة لنهر النيل والاستغلال الأمثل لمياهه دون إضرار بإحدى الدول ودون تهوين اوتهويل رغبة شديدة لدى الإثيوبيين للاستمرار فى البناء وإن تأخر بما يشير الى ضرورة وحتمية التعاون و التشاور والتواصل للخروج بإتفاق ثلاثى قانونى معترف به دوليا شامل ونهائى حول كل التفاصيل الفنية لضمان الالتزام به فى المستقبل القريب و البعيد لجميع الأطراف.

المشهد السادس عشر : مخاوف مصرية

تبلغ السعة المائية فى خزانات سد النهضة 74 مليار متر مكعب، ولكى يعمل السد بكامل طاقته يجب ملء تلك الخزانات فى أسرع وقت، وهذا سيحرم على أقل تقدير مصر والسودان من تدفق ١٥ مليار متر مكعب من حصتهم سنوياً، ويعد ذلك كارثياً بالتحديد على مصر، فطبقاً للتقديرات، يحتاج كل ٢٠٠ ألف فدان فى مصر إلى مليار متر مكعب سنويا، بذلك مع كل مليار متر مكعب تخسرها مصر من حصتها المائية تفقد 200 الف فدان وهو ما يهدد جميع خطط استصلاح الاراضى الزراعية التى اعلنت عنها الحكومة المصرية وسيُعاد النظر بها مرة اخرى لمواجهة المخاطر القادمة. السعة الكبيرة من المياه التى سيخزنها ويحجزها سد النهضة، قد تؤثر على المدى البعيد فى منسوب المياه خلف السد العالى ومنها التأثير على قدرته على إنتاج الطاقة الكهربائية بنسبة تتراوح بين 20% و 40% بحسب خبراء فى مجال المياه.

الخبراء يختلفون حول النيات الإثيوبية:
مغاورى شحاتة: مراوغة لتسويق السد و مقدمة لحصار دراسات «الاستشارى» مستقبلا
حسام مغازى: ما رصده الصحفيون يدل على أننا نسير فى الطريق الصحيح

تعليقا على التصريحات الاخيرة من مسئولى سد النهضة الاثيوبى وأين نحن الآن من المفاوضات، أكد الدكتور عباس شراقى، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، أن التصريحات الإثيوبية دبلوماسية ووردية للغاية خاصة عدم وجود رغبة فى الإضرار بمصر وأنها متعاونة فى إعداد الدراسات.

هذه الاقوال لم تتحول إلى واقع أو أفعال ملموسة وأن ما يقال من تصريحات شىء واستمرار البناء فى سد النهضة على أرض الواقع شىء آخر، فلم يتم تفعيل اتفاق مبادئ سد النهضة المبرم فى مارس٢٠١٥ حتى الآن خاصة البند الخامس الخاص بالتعاون فى “الملء الأول” وإدارة السد، وكذلك الانتهاء من الدراسات المتفق عليها.

وقال شراقى أنه كان من المتوقع حدوث صدام واضح وعلنى بين الأطراف فى هذا التوقيت، خاصة لو أن إثيوبيا بدأت فى الملء وافتتاح المرحلة الأولى من تشغيل السد قبل بدء الدراسات الفنية، حينها الموقف المصرى كان من الممكن أن يتغير تماما ويكون أكثر حدة لنقض ومخالفة إثيوبيا لالتزاماتها وتعهداتها، وربما كانت مصر تتجه إلى أخذ مسار آخر لتدويل القضية وتوضيحها للمجتمع الدولى بعد استنفاذها لجميع مراحل التفاوض لمدة خمس سنوات ونصف. ويضيف أن ماحدث الآن هو عدم البدء فى التخزين نتيجة عدم اكتمال البناء فى المجرى الأوسط من السد اللازم لبدء التخزين رغم قدرة اثيوبيا على إنهائه فى الشهور الماضية، إلا أنها فضلت الاستمرار فى تعلية الجانبين من 80 الى 100 متر وتكملة السد المكمل والاكتفاء بتعلية الجزء الأوسط حوالى30 متر فقط بما لايسمح بتخزين أكثر من مليار متر مكعب واحد،

ومن هنا رأت إثيوبيا أن الفوائد من المرحلة الأولى تتضاءل أمام المشاكل التى يمكن ان تحدث مع مصر، وبالتالى لم تنته من استعداداتها للتخزين لملء المرحلة الاولى على أساس ان ما لم يتم هذا العام سوف يتم العام القادم، ورأت اثيوبيا أيضاً انه لداعى للصدام المباشر مع مصر، وإعطائها فرصة تدويل الملف باعتبار أن لإثيوبيا قد خالفت اتفاق المبادئ رغم الجهود المضنية من الجانب المصرى وتسهيلاته طوال فترة التفاوض مما كان سيؤثر بالسلب على اثيوبيا على جميع المستويات الإقليمية والدولية.

وأوضح شراقى أن إثيوبيا ايقننت أنها فى حالة الافتتاح والتخزين سوف تجعل المفاوض المصرى فى موقف سيىء أمام المجتمع المصرى الذى سوف يتساءل عمن كان يتفاوض؟ وماهى نتيجة التفاوض؟ وعلى هذا الأساس أرجأت إثيوبيا بدء المرحلة الاولى، وسوف تستكمل غلق الجزء الأوسط بعد انتهاء موسم الفيضان فى أكتوبر القادم.

وحول تقييمه لزيارة الصحفيين لموقع سد النهضة فى هذا التوقيت أوضح د. عباس شراقى أن هذه تعد خطوة زكية من الجانب الإثيوبى لأنه استطاع أن يقوم بعمل تأهيل للصحفيين وبرنامج يضم مقابلات مع خبراء وفنيين وسمحوا لهم بالتواصل مع أهالى المناطق المحيطة بالسد والمستفيدين من بنائه وعبروا للصحفيين عن انطباعاهم الايجابى وتحمسهم لبناء السد.

وقال إنه كان من المفروض أن يجتمع الوفد الإعلامى الذى زار اثيوبيا مع المتخصصين والفنيين المصريين من وزارة الرى والخارجية وغيرهم قبل سفرهم لإدراك حقائق الأمور السياسية والفنية وعدم تركهم دون خلفية كافية.

وطالب شراقى القيادة السياسية بإبرام اتفاقية مع اثيوبيا على آلية التعامل مع المشروعات المائية المستقبلية بوضوح تام، وخاصة أنه من المحتمل الإعلان عن البدء فى بناء سد جديد على النيل الأزرق فى أى وقت، كما هو واضح فى الخطة المستقبلية لإنشاء السدود فى إثيوبيا وذلك لعدم تكرار ماحدث من مشاكل فى بناء سد النهضة.

من جانبه، أكد الدكتور مغاورى شحاته خبير المياه الدولى ومستشار وزير الرى ان سد النهضة الاثيوبى الذى كان يسمى سد الحدود سابقا هو واحد من ٣٣ مشروعا مائيا اقتراحها مكتب الاستصلاح الامريكى فى الستينيات لإقامتهم على نهر النيل الأزرق الذى يعد المصدر الرئيسى لمياه نهر النيل فى كل من السودان و مصر و ان وزارة الرى تعلم جيدا عزم اثيوبيا هذا الاتجاه و تعلم موقع السد واحداثياته و طاقته الاستيعابية المصممة.

واضاف ان إصرار اثيوبيا على إقامة السدود لم يواجهه باصرار مصرى على ضبط هذه السدود ووضع مواصفات دقيقة لها لافتا ان بناء السد بهذا الشكل لا رجعة فيه وان اثيوبيا تعتقد ان مفهوم السيادة هو ان تنشيء ما تريد على ارضها بصرف النظر على اعتبارات الدول الآخرى و الاعتبارات الدولية الحاكمة للأحواض الدولية و للأنهار المشتركة عابرة للحدود بما يؤكد ان اثيوبيا فرضت الامر الواقع على مصر و السودان و الغريب انها تحاول الآن ترويج و تسويق هذا السد و فوائده للمصريين من خلال مخاطبة الجانب الفنى الاثيوبى لهم وطمأنتهم انه لايوجد ضرر و لا ضرار مع اكتماله و تسعى لعمل حملة داخلية لقبول السد باعتباره امرا واقعا و لكن لابد ان ننتبه الى ان هناك اعتراضا من الجانب المصرى على الأضرار الجانبية التى سيتسبب فيها و خاصة على حجم التدفقات و المياه القادمة الى مصر وعلى الكهرباء و اثاره على المياه الجوفية و الكهرباء و على محطات مياه الشرب و ان هذه التخوفات من الأضرار قائمة و لم يتغير شىء.

واستغرب مغاورى توجه الجانب السودانى الذى اصبح يتخذ موقفا منحازا الى الجانب الاثيوبى بدعوى ان هناك مصلحة مشتركة بين اثيوبيا و السودان فيما يتعلق بالتعاون الاستراتيجي.

وتناول الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى السابق طرف الحديث حيث اكد ان زيارة الاعلاميين من دول حوض النيل الشرقى تأتى ضمن جهود بناء الثقة و نقل بصورة امينة ما يتم و يدور فى موقع الإنشاءات بسد النهضة بمنتهى الحيادية و الشفافية و هو ما قد تم الاتفاق عليه بين الوزراء خلال الاجتماع السداسى لإزالة اى غموض حول السد و انه بالفعل ما تم نقله من معلومات يتطابق تماما مع ما لدى وزارة الرى من معلومات و ما تعلنه دائما من ان السد بشكله الحالى لم يبدء التخزين كما أعلن اكثر من مرة و ايضا لم يكتمل البناء بما يشير و يؤكد صحة كل ما تعلنه وزارة الرى من بيانات.

من موقع سد النهضة ــ إسلام أحمد فرحات
الاهرام

*الصورة اعلاه
مندوب الأهرام فى موقع سد النهضة


تعليق واحد

  1. جاين تباكو هسي. .. المعروف ان مصر هي من وقعت علي اتفاقية المبادئ مع اثوبيا دون علم و اتفاق مع السودان و بما النصوص الدوليه في هذا المجال تنص اذا اتفق دولتين علي مبداء فيلزم عذا الاتفاق البلد الثالث علي الموافقه علي الاتفاقيه …. ديرين السودان يقيف معاكم عشان نخسر اثيوبيا عشان خاطركم و انتم من طعنتو السودان ورا ظهره و. وقعتم الاتفاق نع اثيوبيا و اعطيوهم الشرعيه في بناء السد ؟!!!