يوسف عبد المنان

عذابنا معاكم!!


ما سقطت شركة (سودانير) عن الطيران وفشلت واضمحل وجودها.. وعجزت كل محاولات إحياء عظامها وهي رميم.. وبث الروح في هياكل طائراتها التي توزعت بين مطارات العالم مثل الخطوط الجوية العراقية التي أسقطها الحصار الأمريكي واحتلال بغداد عن التحليق في الفضاء، لكن شركة الخطوط الجوية السودانية سقطت بسبب لعنات وسخط السودانيين عليها.. وهي تمارس كل أنواع عذاب الذين يختارونها كوسيلة نقل مدفوعين بحب الوطن وكل ما يرتبط باسمه.. وكان حرياً بشركات الطيران الخاصة التي نهضت اليوم في بلادنا أن تعتبر من مصير (سودانير).. بتحسين خدماتها.. وقبل كل ذلك احترام (زبائنها) والاعتذار لهم إن هي أخطأت في حقهم، ولكن غياب الرقابة وغياب الضمير.. جعل بعضاً من هذه الشركات تمارس ذات السلوك الذي هوى بسودانير إلى الأرض.. وحتى لا نطلق القول تعميماً يصيب شركات ناجحة ومحترمة، نروي فقط قصة شركة محددة، وهي شركة قديمة استبدلت اسماً قديماً بآخر جديد ،مثلما يستبدل الرجل حذاءه وجواربه. الاسم القديم للشركة الحالية ،أهلك المئات من السودانيين حيث تساقطت طائرات ذات المالك.. على الأرض مخلفة ضحايا لا حصر لهم.. ولكنها بعد تلك السنوات تعافت شيئاً ما.. لكن ما حدث منها مساء (الثلاثاء) ينذر بأن هذه الشركة أصبح عمرها قصيراً إن كان هذا سلوكها ومنهجها في احتقار (الزبائن). ونروي لكم هذه القصة التي كنت شاهداً عليها.. وأحد ضحاياها.. في رحلة من الأبيض للخرطوم، أعلنت الشركة الركاب بالحضور للمطار الأبيض في ساعة محددة ، لتغادر الطائرة ،بعد ساعة متجهة للخرطوم.. وقد حضرنا في الموعد ولم نجد إلا موظفين (يتمهلون) في إجراءات صعود الطائرة واستلام حقائب الركاب.. لم تصل الطائرة في الساعة المحددة .. ولا الساعة التالية .. وبدأت همهمات الركاب.. ومن بينهم مرضى حملوا للمطار بإسعافات لم يجد ذووهم غير افتراش الأرض.. والمطار الذي يسمى دولياً يفتقر حتى لمياه الشرب، أما دورات المياه فأغلب صنابير المياه معطلة ومحشوة بأكياس البلاستيك، شركات الطيران تتحصل من المواطنين على مبالغ مالية عبارة عن رسوم مغادرة (20) جنيهاً عن كل راكب بدون أورنيك إلكتروني. وإذا سألت عن ذلك يقولون لك الطيران المدني هو المسؤول عن توريد المبالغ للمالية بطريقته الخاصة.. والمسؤول الاول بمطار الأبيض يغيب يوم ،ويأتي اليوم الآخر.. تلك ليست مسؤولية شركات الطيران، ولكن الشركة المعنية رفضت الإجابة على أسئلة المواطنين الذين (تزاحموا) حول مكتبها سائلين عن سبب تأخر الرحلة.. جاءت بعض الإجابات أن الطائرة تنتظر في الخرطوم وصول بعثة هلال الأبيض القادمة من الفاشر، وإجابة أخرى عن إغلاق مطار الخرطوم للصيانة، من الساعة الثانية عشر وحتى الخامسة مساءً، هذه الإجابة كانت من موظفة بالشركة ، حتى حلول الساعة الثامنة أي بعد (5) ساعات من الانتظار، في صالة مطار لا تتوفر فيها حتى جرعة ماء ساخنة. أعلن عن وصول الطائرة ،وحينما صعدنا وجدنا مضيفات الشركة يوجهن الركاب بالابتعاد عن المقاعد الأمامية حتى المرضى المحمولين على النقالات، رفضت المضيفات جلوسهم على المقاعد الأمامية، لأن المقاعد غير (منمرة) ولا (البورت) يحدد لك مقعداً بعينه، ظننا وبعض الظن سذاجة، أن هناك وفداً حكومياً يقتضي وضعه في المقاعد الأمامية لأن الدستوريين وأصحاب المقامات الرفيعة (لا يجوز) حشرهم وسط العامة من الناس حفاظاً على مواقعهم.. المفاجأة أن مضيفات الشركة قمن بحجز تلك المقاعد لزميلات لهن في الشركة، وزملاء جلسوا يقهقهون بصوت عالٍ، ويتبادلون القفشات ولم يكلفوا أنفسهم حتى مشقة الاعتذار للركاب. المهم وصلنا الخرطوم أي بعد (6) ساعات، وهي المدة التي تستغرقها رحلة السيارة من الأبيض للخرطوم، فهل هناك رقابة من الطيران المدني على مثل هذه الشركات، ولماذا تتحدث الشركات عن إغلاق المطار نيابة عن سلطات الطيران المدني لتبرير عجزها وسوء تقديرها. بكل أسف علمت بالصدفة ، أن من يقود هذه الشركة إداريا فذ ، ورجل لا يشبه سلوك موظفيه.