تحقيقات وتقارير

زيادة جمارك السلع.. هل تحل أزمة الدولار؟


أزمة الدولار وشحه في السوق الرسمية، مع ارتفاع سعره بالسوق السوداء إلى ما يقرب من 16 جنيها بدلا عن 10جنيهات، وضع الحكومة في مأزق اقتصادي كبير، جعلها تبحث عن طرق لتوفر العملة الصعبة، في ظل تراجع الصادرات.. حيث قفزت الاسعار خلال الفترة الماضية إلى درجة جنونية. وفي ذات الوقت دعا الخبير البرلماني والاقتصادي، د. بابكر محمد توم، بضرورة زيادة الجمارك على السلع الصينية والتي وصفها بـ(الهايفة). مؤكدا أن زيادة تحقق انخفاضا في سعر صرف الدولار ليصل إلى (10) جنيهات، مبينا سد العجز في الميزان التجاري الذي يتراوح بين (5-4) مليارات دولار بتعويض كتلة صادرات البترول البالغة (8) مليارات دولار، وأبدى بابكر استغرابه من وصول فاتورة استيراد الادوية إلى (600) مليون دولار, والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نعيد استقرار سعر الصرف.. وماهي الحلول الممكنة لتجنب أزماته وتفادي ارتفاع أسعاره.. وماهي سبل القضاء على السوق السوداء لتجار العملة.؟ فيما سخر رئيس غرفة المستوردين مالك جعفر من حديث البرلماني حول زيادة جمارك السلع (الهايفة)، قائلا: هذا حل عبقري ولكن الحل ليس بالبساطة التي تحدث عنها، وزاد: نحتاج إلى إعادة نظر في السياسات الاقتصادية خاصة في الاجراءات لوقف نزيف العملة، وأضاف أن ترشيد الاستيراد يسهم في الإنتاج والإنتاجية، واشتكى من عدم توفر العملة في الاستيراد بجانب ارتفاع الرسوم الجمركية خاصة في تقييم السلع. وقال نائب رئيس الغرفة التجارية، د. سمير أحمد قاسم، إن المشكلة الحقيقية هي عدم ثبات سعر الصرف ما أدى إلى ارتفاع الدولار أمام العملة الوطنية، وعزا ذلك لضعف صادراتنا حسب تقرير عام 2015 إلى 3 مليارات و200 مليون دولار و 9 مليارات و600 مليون دولار، وهنالك عجز في الميزان التجاري ما يزيد عن 6 مليارات سنويا، وقال في حديثه لـ(الانتباهة): هذه الفجوة يتم تغطيتها من مدخرات المغتربين التي تاتي بصورة غير رسمية وعن طريق تهريب الذهب والصمغ العربي، وأردف: خلال 6 أشهر ماضية فقدت العملة الوطنية حوالي 5 جنيهات نتيجة لعدم استقرارها. وزاد: اليوم سعر الدولار وصل لـ17 جنيها والسبب أن الموازنة لا تتحكم في سعر الدولار، وأضاف: مالم نزد الإنتاج والانتاجية لن ينخفض الدولار، وضرب مثالا لذلك بدولة زيمباوي، قائلا: انهار الدولار حيث أصبح مليار دولار زيمباوي تعادل 12 دولارا أمريكيا، وعرج بالإجابة حول مشكلة الاستيراد، هل تحل بزيادة الجمارك عليها؟. وأوضح أن المشكلة في السياسات وعلاج الدولار مرهونة بتوقف الفساد والترهل الحكومي والحرب، مضيفا أن 70% من الميزانية للحرب مع ترشيد الاستيراد مثل استيراد الثوم من الصين والالبان من السعودية واللحوم من أثيوبيا، الامر الذي أضعف العملة الوطنية, مبينا أن الحل يكمن في التركيز على المشاريع الانتاجية بغرض الصادر وزيادة الصادرات غير البترولية لتحقيق القيمة المضافة للصمغ العربي حال تصنيعه يزيد 10 أضعاف بدلا من تصديره خاما، وأيضا عدم تصدير اللحوم حية. وشدد على ضرورة وضع قانون مرن للاستثمار وتشجيع الصادرات غير البترولية، ولفت بالقول إلى أن زيادة الجمارك للسلع (الهايفة) ليس حلا، لجهة أن السودان بلد مترامي الأطراف وحال تم إيقافها بالتأكيد ستدخل عن طريق التهريب ومن الصعب السيطرة عليها, ودمغ بالقول إن أكبر المشاكل التي تواجه المستوردين الدولار، قائلا إن جميع المستوردين يشترون من السوق الموازي، مقرا بفشل البنوك في تمويل المستوردين في استيراد احتياجاتهم من الخارج والمصارف تركز فقط على السلع الاساسية كالادوية والقمح، مبينا شراءهم للدولار من السوق الموازي ويتم توريده للبنك بغرض فتح الاعتمادات وسداد “البوليصات”. وحول الجدوى الاقتصادية بزيادة الجمارك للسلع، قال سمير: سيكون ثأثيرها سلبيا على الاقتصاد وذلك بتشجيع التهريب ومن ذوي النفوس الضعيفة إلى داخل البلاد. وأشار الخبير الاقتصادي، د. عبدالله الرمادي، إلى أن زيادة الجمارك على السلع من حيث المبدأ هو إجراء تضخمي يسهم في ارتفاع معدلات التضخم، وهذا هو الوجه الآخر لزيادة أسعار الدولار، وأضاف: هذا سلاح ذو حدين من جانب زيادة معدلات التضخم وبالتالي زيادة العملات، وقال: ربما يرمي ما ذهب إليه البرلماني د. بابكر محمد توم في تصريحاته من وراء ذلك أن بعد فترة سترتفع هذه السلع ويقل الطلب عليها وبالتالي يصبح الطلب على الدولار واستيراد هذه الفئة من السلع أقل، وإذا قل الطلب على الدولار أدى ذلك إلى انخفاض سعره ولكن بـ(اللفة). وأضاف: في رأيي هنالك أسلوب أسرع من ذلك بأن تحدد قائمة للسلع الهامشية التي ربما يشير إليها في تصريحاته ويوقف استيرادها لفترة سنة أو سنتين، مشددا على ضرورة إيقاف استيراد العربات والأثاثات لكل الجهات سواء أكانت حكومية أو قطاعا خاصا، وأيضا وقف التوسع في المباني الحكومية لتخفيف الضغط المتزايد على العملة.

الانتباهة