سياسية

البشير من النهود:»نسالم من يسالمنا ونقاتل من يقاتلنا»


قرابة الثلاثمائة منزل شيدتها منظمة (الشهيد) لأسر الشهداء في ولاية غرب كردفان عبر شركاء أصيلين في هذا العمل، وكالعادة تقدمها ديوان الزكاة الذي شيد الكثير منها في الولاية وغيرها من الولايات.. ومنذ صباح الثلاثاء المنصرم، ظلت ولاية غرب كردفان في حالة استعداد واستنفار لكل القواعد والقيادات من أجل إنجاح زيارة رئيس الجمهورية للولاية وهي تحتفل بعيد الشهيد الـ24) وتدشين العديد من المشروعات التنموية التي تركزت في محليات الولاية المختلفة، بيد أن افتتاحات البشير في محلية النهود كان لها الأثر الواضح على المواطنين خاصة افتتاح مدينة البشير الطبية. منذ يومين وصلنا الى مدينة النهود ووجدنا جميع أهلها يستعدون للزيارة التاريخية للمشير البشير وبعض المواطنين كانوا يمنون النفس بأن يعلنها الرئيس ولاية وسطية في كردفان، بيد أن هذه الآمال لم تتحقق رغم امتلاء ميدان الحرية وسط المدينة على بكرة أبيه من المواطنين الذين جاءوا من جميع أطراف المحليات الشمالية لولاية غرب كردفان، لم يكن اللقاء الجماهيري الحاشد للرئيس في النهود طبيعياً، فالساحة امتلأت عن آخرها، والمنازل المجاورة صعدها الشباب تسلقا لرؤية المشير البشير، وبعضهم صعد على أفرع الأشجار لمتابعة خطاب البشير والقيادات الاهلية والتنفيذية وهم يتشوقون لسماع ما يريدونه بإنشاء ولاية جديدة، ولكن أسراب النحل كان لها رأي مخالف والشباب يضياقونها في أشجارها وهي آمنة ومستقرة. أبوكلابيش على الأعناق قبل أن يصل موكب رئيس الجمهورية إلى ساحة الحرية، كان المواطنون يتدافعون نحو الساحة وبعضهم يهتف بضرورة إنشاء ولاية جديدة، وغيرهم ينشد على أنغام الزمن السابق من عهد الشهداء، وبدأ عدد من قيادات الولاية في المركز وغيرها من الولايات يتوافدون للمنصة الرئيسية ويجدون التحايا والتكبير، ولكن الذي وجد الكثير من التكبير والتهليل كان الوالي الأسبق لشمال كردفان محمد أحمد الطاهر أبوكلابيش الذي وما إن دخل الساحة حتى حملته الجماهير على الأعناق وهي تهتف باسمه ولم يتركه شباب النهود إلا أمام كرسيه في المنصة الرئيسية، ووجدت هذه الخطوة إشادة كبيرة من الحضور خاصة من الذين وفدوا من مدينة الفولة وغيرها من محليات الولاية المختلفة. موكب الرئيس والجماهير رغم الرجاء المتواصل من مذيع الربط بضرورة تنظيم الحشود لأجل دخول موكب الرئيس، بيد أن الجماهير الكثيفة التي ملأت الميدان لم تترك مساحة لموكب الرئيس لأخذ دورة جولته المعتادة لتحية جمهور المدينة، ووجد رئيس الجمهورية استقبالا غير مسبوق لم تشهده الساحات من قبل. وعلق أحد الحضور بأن هذه الزيارة تعتبر تاريخية للمدينة التاريخية، وحينما استلم البروفيسور عوض إبراهيم عوض “المايك” لتقديم برنامج الاحتفال بدءا قال إن هذه الحشود لم يشهدها منذ سنوات طوال، وأضاف ضاحكاً: (اسمحوا لي أن أستعير من النساء جملة، وهي “يعمينا ويطرشنا ماسمعنا زي دا ولا شفنا”)، حديث البروف عوض كان أكبر دليل على التدافع الجماهيري الكبير الذي شهدته ساحة الحرية بقلب النهود والتي وجدت الاستحسان من الكثيرين. جولات سريعة وخدمات جيدة بدأ رئيس الجمهورية زيارته لمدينة النهود بافتتاح منازل الشهداء بالمدينة والتي يصل عددها قرابة الثلاثين منزلا ومن ثم افتتاح عدد من فروع الجامعة، منها القاعة الكبرى ومجمع الحاسوب ومن ثم كان الافتتاح الأكبر الذي وجد الارتياح عند أهل النهود وهو مدينة البشير الطبية التي جهزت بأفضل وأحدث الاجهزة الطبية، وستقدم خدماتها فور الافتتاح لأهل محلية النهود وغيرها من محليات الولاية المختلفة وقراها. ويعتبر مستشفى النهود أو مدينة البشير الطبية من أكبر المستشفيات في الولاية وستعمل على تقديم خدماتها بصورة جيدة ومستمرة فور الافتتاح، ووقف الرئيس على تدشين العمل في بعض الطرق الداخلية والكباري ومحطة المياه التي تأتي ضمن برنامج رئاسة الجمهورية المعلن (زيرو عطش). الأمير وكلمة الجماهير حينما بدأ البرنامج في الاحتفال الرسمي كانت الجماهير تهتف وهي تطالب بولاية وسط كردفان وعاصمتها النهود ولم يفلح أمير عموم قبائل دار حمر عبدالقادر منعم منصور في إسكاتهم عن الهتاف بالولاية الوسطية إلا حينما قال (ولاية النهود مطلب شعبي) وحينها هدأت الجماهير ليواصل حديثه. وأهم ما ذكره الأمير عبدالقادر منعم منصور أن الإنقاذ فعلا أنقذت الشعب السوداني من الضياع في سنوات سابقة، وأضاف أنه قبل الثورة كان الناس يقفون في صفوف البنزين والرغيف وغيرها من المواد التي يحتاجونها ولكن الآن جميع أسواق غرب كردفان تمتلئ بالبضائع والسلع. وأشار الأمير إلى أن البلاد الآن تشهد أمنا واستقرارا كبيرا بفضل الانقاذ، وأثنى الامير على والي غرب كردفان الامير ابوالقاسم بركة، وقال إنه زار النهود لاكثر من عشرين مرة ووفر الخدمات المهمة والضرورية، وبعضها تم افتتاحها اليوم وعلى رأسها مدينة البشير الطبية والطرق ومنشآت الجامعة. ولفت الامير الى أن تعداد سكان دار حمر يفوق المليون وأربعمائة ألف نسمة والمنطقة بها أسواق ضخمة في الخوي والنهود وغبيش وغيرها من المحليات، مشيرا الى أن هذه الاسواق ترفد الاقتصاد السوداني بالكثير من السلع الضرورية. وأكد الامير عبد القادر مطلب الجماهير بضرورة إنشاء ولاية في وسط كردفان لتحقيق طموح وآمال المواطنين. النحل يعجل بانتهاء الاحتفال!! وما إن بدأ معتمد النهود محمد مصطفى المعلا كلمته حتى بدأت بعض الجماهير التي كانت تجلس على أفرع الشجر بالهروب من مكان الاحتفال خوفا من لسعات النحل، بدأ المواطنون يتركون الاشجار وبعضهم هرول نحو أقرب الشوارع هرباً من تلك اللسعات النحلية.. وفي وقت وجيز كانت الجهة الجنوبية من المنصة الرئيسية خالية من المواطنين الذين هربوا من النحل الذي ضايقه المواطنون في خلاياه وهو آمن في بعض الاشجار التى كانت تجاور ميدان الحرية.. وهذا الهجوم النحلي جعل مراسم القصر تعمل على تضييق البرنامج الذي كان يفترض أن يتحدث فيه وزير الحكم الاتحادي د. فيصل حسن ابراهيم بيد أن الفرصة أتيحت لمدير منظمة الشهيد محمد احمد حاج ماجد الذي شكر الرئيس على تشريفه عيد الشهيد واعدا بالكثير من المشروعات في عيد الشهيد للعام القادم بولاية سنار.. حيث استلم واليها الضو الماحي الراية ليبدأ تجهيزاته للعيد القادم في مدينة سنجة عاصمة الولاية. البشير وتكريم أفريقيا ظلت أسراب النحل تتزايد بمرور كل دقيقة مما جعل والي غرب كردفان الامير ابوالقاسم بركة يشير في كلمته الى المضي قدما في المشروعات التنموية التى بدأها منذ تكليفه بولاية غرب كردفان، وقال إن همهم الاول في الولاية هو توفير المياه والكهرباء والصحة التى بدأت بإنشاء عدد من المستشفيات في المجلد والنهود. مشيرا الى افتتاح مدينة الشهيد الطبية بالنهود والتى سيبدأ العمل فيها فوراً؛ ولم يتحدث بركة كثيراً وقدم رئيس الجمهورية الذي بدأ بتحية اهل النهود وجميع المحليات الشمالية التى تدافعت لاستقباله، وقال البشير إن الشهداء الذين نحتفل بهم الآن هم الذين قدموا دماءهم من أجل الوطن وأمنه. لافتا الى النعمة الكبيرة التى يعيشها اهل السودان من أمن واستقرار، وقال: انظروا الى الدول من حولنا في اليمن وسوريا والعراق وغيرها من الدول التى فقدت الأمن فيها، وأشار البشير الى حديث الناظر حول السودان قبل الانقاذ حيث كان يطلق عليه رجل افريقيا المريض، والآن السودان يتربع على أفريقيا، مشيرا الى أن تكريمه الاخير بإثيوبيا هو تكريم لاهل السودان وكرامتهم في شخصه. وتابع البشير أن الحوار الوطني أعلن اربعة مرتكزات ولكنه لم يذكر سوى واحدة فقط وهي الهوية، وزاد: (كلنا مسلمين وسودانيين وما بنقبل زول يجي يقسمنا او يفرقنا.. والذي يأتينا مسالما نسالمه والذي يحاربنا نقاتله) وأضاف: (نحن اخوانا الشهداء ولا نخاف من يعادينا). حسناً.. إن زيارة رئيس الجمهورية لولاية غرب كردفان كانت ناجحة في مضمونها ومن حيث الحشود الضخمة التى ملأت ميدان الحرية إن كانت في الفولة أو الجنينة، وربما الأكثر حظا هو المواطن البسيط الذي كان يهاجر بحثا عن الصحة من النهود الى الابيض أو غيرها من مدن السودان التى تتوفر فيها خدمات صحية.. وكذلك من فوائد المواطنين لاهل النهود الطرق التى بدأت تكتسي سواداً أسفلتياً واستقرار المياه والكهرباء، ونتوقع أن تشهد المحلية طفرات كثيرة خلال الفترة المقبلة خاصة مع انتشار كليات جامعة غرب كردفان التى بدأت في تأسيس بنية تحتية جيدة ستعود بالفائدة على الكثيرين من داخل الولاية وخارجها.

الانتباهة