تحقيقات وتقارير

رؤساء التحرير يجيبون على السؤال تدريب الصحافيين .. من المسؤول عن الغياب؟؟


فيصل محمد صالح: الصحافيون يحتاجون لجرعة معرفية ومهارات تدريبية

عثمان ميرغني: الصرف على التدريب يأتي بأرباح أكبر

الرزيقي: لدينا العديد من الفرص التدريبية بالخارج

النور أحمد النور: أغلب العاملين بالصحف شباب يحتاجون للتدريب

بشراكة ذكية مع مركز طيبة بريس للخدمات الاعلامية أقامت جمعية الإعلاميين الشباب (جاش) ندوة بعنوان “غياب التدريب عن الصحف من المسؤول” تحدث فيها عدد من رؤساء ومديري التحرير بالصحف وكان التعقيب للأستاذ فيصل محمد صالح والأستاذ الصادق الرزيقي رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين حيث أدلى كل منهم بدلوه حول ظاهرة اختفاء التدريب عن الصحف.

خليك سوداني
بعد أن تهيأت قاعة مركز طيبة برس لاستقبال الندوة الخاصة بغياب التدريب وحضور عدد مقدر من الإعلاميين الشباب كانت العادة التي يشكو منها من يشرفون على تدريب الصحفيين حاضرة وبقوة وهي عدم الالتزام بالمواعيد والزمن، إلا أن رئيس تحرير صحيفة “الصيحة” الأستاذ النور أحمد النور كان من أول الحاضرين والمهتمين بالزمن ومن قبله كان الأستاذ أحمد الشيخ مدير تحرير صحيفة “الجريدة” فقد تعامل بأسلوب الخواجات في التزامه الزمني، ولم يكن سودانياً البتة.

ولعل رئيس تحرير “التيار” الأستاذ عثمان ميرغني الذي شكل حضورًا أنيقاً أكثر سودانية في الالتزام بالزمن من رفاقه الذين سبقوه ولكن رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين ورئيس تحرير صحيفة “الإنتباهة” الأستاذ الصادق الرزيقي فقد كان أكثر سودنة وبلفة عمامته الفريدة مثل الشخصية السودانية في الالتزام بالمواعيد المضروبة، ليكون لسان حاله سوداني وخليك سوداني.

شباب ولكن
أول المتحدثين في الندوة كان الأستاذ النور رئيس تحرير صحيفة الصيحة والذي بدأ بالواقع الذي تعيشه الصحافة السودانية حيث أشار النور الى أن 80% من العاملين بالصحف هم من شريحة الشباب يفتقدون الخبرات، وفي أمس الحاجة للتدريب، ويمضي النور ليقول إن التدريب غير موجود الصحف والمؤسسات الإعلامية ولا حتى اتحاد الصحفيين يهتم بمثل هذه البرامج ولا توجد سوى أكاديمية علوم الاتصال التي تحولت الى كليه تمنح البكلاريوس في الإعلام والاتصال فخلافها لا يوجد تدريب وحتى التدريب المتواجد بشكله الحالي يكون عبارة عن شراكات وتمويل من قبل جهات تستفيد من تدريب الصحفي الذي يعمل لخدمة أخبارها.

النور يعتقد أن التدريب على رأس العمل هو من الأسس التي تعمل على رفع مقدرات الصحفي إن وجدت الخبرات اللازمة بالمؤسسة الصحفية وهي بالكاد تكون غائبة تماماً وحتى أصحاب الخبرات لا يوجد لديهم زمن لتوريث هذه الخبرات للأجيال، وشدد النور من خلاله في ندوة الإعلاميين الشباب على ضرورة وجود برنامج تدريبي تصؤغه المؤسسات المعنية بالصحافة عموماً وتحديد الأولويات والحاجة التدريبية للكادر المعين، ويمضي ليقول إن حديثي التجربة لا ينقلون الأحداث بصورة وافية من خلال المؤتمرات والندوات والدوائر التي يغطونها، وألقى باللائمة على الشباب الذين لا يسعون ولا يهتمون بالتدريب لتطوير أنفسهم وكذلك لم يسلم مجلس الصحافة والناشرين من اللوم حيث قال رئيس تحرير صحيفة الصيحة وجاء على لسانه أن قانون الصحافة والمطبوعات يلزم الصحف بالتدريب وتخصيص نسبة للتدريب وهي ماده فضفاضة، وقال إن الصحف لا تدرب إلا من تود التخلص منه. وبحسب النور أن الناشرين ورؤساء التحرير بحاجة للتدريب حتى تتغير المفاهيم السائدة الآن.

اكتساب المهارات
الأستاذ فيصل محمد صالح المدرب الأشهر يقول إن التدريب هو بغرض كسب المهارات لتطبيقها على أرض الواقع وليس لاكتساب المعرفة فعاب صالح على كثير من الصحفيين افتقارهم للمعرفة فهم يتدربون بغرض الحصول عليها فهذا لا يتأتى بالتدريب فالمعرفة، وبحسب صالح مجهود فردي للصحفي يساعده التدريب لاكتساب المهارات اللازمة. وأبدى صالح غضباً كبيراً وهجوماً عنيفاً على الجامعات التي تدرس الإعلام وأصل المناهج التي تدرسها بالتي أكل عليها الدهر وشرب، فهي تدرس تاريخ إعلام وليس إعلاماً وحتى أن الأساتذة بها غير مؤهلين تماماً ولم يمارسوا الإعلام عملياً، ويقول صالح إن العقلية المتفهمة للتدريب وأهميته غائبة تماماً عن المؤسسات الصحفية ورؤساء التحرير يبدو أن موضوع التدريب أمر مزعج لهم ولا يجد الاهتمام الكافي لديهم ويتفق صالح مع النور في قوله إن رؤساء التحرير يبتعثون من لا يرغبون في وجودهم للتدريب لدى المؤسسات التي تخاطبهم بغرض التدريب وهناك مشكلة في الفهم والعقلية الموجودة بالصحف من ناشرين ورؤساء تحرير لا تؤمن بالتدريب بجانب المشاكل والعوائق الاقتصادية والمادية لدى الصحف التي تقف كعائق بالنسبة للتدريب وأيضاً مؤسسات التدريب ليست لها برنامجاً تدريبياً جاهزاً والمؤسسات العاملة في مجال التدريب لا تنسق مع بعضها البعض لسد النقص في الجوانب التدريبية التي يحتاجها الصحفي وبخبرة السنين الطويلة يتحدث صالح عن عدم الاستفادة من التدريب لدى الصحفيين بمعنى أنهم لا يطبقون ما تدربوا عليه واقعياً ولا يضيف لهم شيء ونبه إلى عدم وجود تدريب في بعض الحوانب الصحفية مثل الرياضة والثقافة والفنون.

تفرد ومواهب
أما رئيس تحرير وناشر صحيفة “التيار” عثمان ميرغني فقد ابتدر حديثه شاكراً جمعية الإعلاميين الصحفيين، وبرزت التيار من خلال حديث ميرغني بأنها الصحيفة الوحيدة التي تغرد خارج السرب، وذلك لاهتمامها بالجانب التدريبي حيث تلزم التيار نفسها بتدريب الصحفيين داخل وخارج البلاد، وخلال عمله كعضو بمجلس الصحافة والمطبوعات أدرك ميرغني الخلل الذي يعاني منه الصحفيون وهو عدم التدريب فمن خلال الدورات التي تقيمها صحيفته يقول ميرغني قد اكتشفنا الكثير من المواهب الصحفية لذا يوجد بالعقد بين الصحفي والتيار إشارة واضحة للتدريب الذي ألزمت المؤسسة به نفسها وكناشر يقول الأستاذ عثمان ميرغني لا داعي للخوف من الصرف على التدريب فكل ما تصرفه على التدريب يأتي أضعافاً مضاعفة على الصحيفة وتجني أرباحاً طائلة فالدورات تحسن أداء الصحفي.

واتفق ميرغني مع من سبقوه في غياب التدريب عن المؤسسات وكذلك إلى عدم تطور الصحفي نفسه وعدم تطبيقه لما يدرب عليه من مهارات، واختتم حديثه بقوله: يمكنك أن تأخذ الحصان إلى النهر ولكن لن تجبره على الشرب إن كان غير راغب في ذلك.

الحرب الباردة
الأستاذ أحمد الشيخ مدير تحرير صحيفة الجريدة بدأ حديثه شاكراً للرزيقي، وقال جميل أن نقول حديثنا بحضرة رئيس الاتحاد ألقى باللائمة على المؤسسات الصحفية وكذلك اتحاد الصحفيين الذي لا يهتم بالتدريب ووجه نقداً للمناهج التي تدرس بالجامعت حيث قال عنها: هذه الجامعات تدرس تاريخ الحرب الباردة كناية عن قدم مناهجها وعدم تطرها ومواكبتها وهو الأمر الذي تطرق له الأستاذ فيصل محمد صالح في حديثه أحمد الشيخ يقول إن التدريب غير مؤسسي، فهناك منظمات وجهات توفر التمويل بغرض التدريب ونحن في مركز الخرطوم للتدريب الإعلامي نعي تماماً هذه الأشياء، ويناشد الشيخ رئيس الاتحاد بوضع خطة للتدريب، وعاد ليقول إن اكتساب لغة ثانية يوسع من دائرة المعارف لدى الصحفي. وقال الشيخ: نحن آخر جيل من المحظوظين قد عايشنا جيل الصحفيين القدامى أصحاب الخبرات، وختم حديثه بأن التدريب بالصحف غير موجود فالمادة تأتي من المحرر مباشرة إلى مدير التحرير الذي يعمل على سمكرتها.

تدريب بالخارج
الفرصة الأخيرة لندوة الإعلاميين الشباب كانت لرئيس اتحاد الصحفيين ورئيس تحرير صحيفة الإنتباهة الأستاذ الصادق الرزيقي والذي تأسف في بادئ الأمر معتذراً عن التأخير، وبخصوص التدريب وغيابه عن الصحف قال الرزيقي إن الصحافة السودانية شهدت تراجعاً كبيراً لعدة عوامل وأهم عامل هو التدريب الذي يحتاج إليه حتى كبار الصحفيين والتدريب متوقف في السودان بالرغم من القانون الذي يجبر المؤسسات على ذلك، فالتدريب الداخلي غير موجود، وضرب مثلاً بالإنتباهة فهي كانت تخصص ميزانية للتدريب توقفت هذه الميزانية منذ العام 2010م والعائق الذي يقف كعثرة أمام الصحفيين الراغبين في التدريب بحسب الرزيقي هم الناشرون ومضى الرزيقي قائلاً نحن في اتحاد الصحفيين نرسل خطابات إلى الصحف لتبعث لنا بمتدربين، ولكن في كثير من الأحيان هذه الصحف لا تستجيب، فالمؤسسات الصحفية عموماً لا تهتم بالتدريب وحتى الدورات التي تقام من قبل الاتحاد لا يلتزم الصحفيون في الحضور والزمن.

وعن الحلول لهذة المشكلة يقول رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين: لابد من الرجوع للحل والتدريب العملي وعقد شراكات والتعاون مع عدد من المؤسسات وأيضاً تدريب القيادات الصحفية فهي تحتاج إلى تطوير، ومضى الرزيقي ليقول إنه كان في زامبيا ووقع مع جامعة زامبية لتدرب الصحفيين على اللغة الإنجليزية لمدة ستة أشهر بواقع 600 دولار مناشداً المؤسسات الاهتمام بكادرها وتأهيله خاصة أن الاتحاد لديه شراكات تدريبية مع عدد من المراكز على راسها مركز الجزيرة للتدريب ومركز التدريب التفضيلي بالدوحة، ومركز بالهند ورابطة اتحادات الصين وجنوب إفريقيا وكينيا وزيمبابوي وأخيراً زامبيا..

بشريات الحديث الرنان عن التدريب التي بشر بها رئيس الاتحاد جعلت الكثير من الشباب الإعلاميين يتمايلون غبطة وذلك لإحساسهم بالدور الذي يبذله الاتحاد من أجل التدريب ومع ذلك تنتابهم الريبة والتشكيك في دور الاتحاد تجاههم، وعلق بعضهم أن مثل هذا الحديث للاستهلاك ليس إلا فقد شبعوا من مثل هذا الحديث وفرص التدريب التي يبشر بها الرزيقي تأتي لأشخاص بعينهم.

إجماع
أجمع الحاضرون على غياب التدريب عن المؤسسات بسبب الناشر وعقلية رؤساء التحرير وكذلك الصحفي نفسه غير راغب في تأهيل نفسه ولا يثابر من أجل ذلك، وغياب دور الاتحاد تماماً عن الاهتمام بالتدريب وتلاقت رؤى الجميع على أن الحل يكمن أولاً عند الصحفي الذي لابد له من السعي لتطوير ذاته المعرفية والمهارية وكذلك لابد من تغيير في المناهج التي تدرس والتي لا تدرس إعلاماً بل تدرس شيئاً آخر. والدليل على ذلك أن رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين الصادق الرزيقي أبدى أسفه تجاه الممتحنين للقيد الصحفي والذي لفت الانتباه الى أن أغلب أو جل الراسبين في امتحان القيد الصحفي هم من كليات الإعلام أي أنهم متخصصون، فهذا خير دليل على أن هذه الكليات لا تدرس إعلاماً بل تدرس تاريخ إعلام، كما أوضح الأستاذ فيصل محمد صالح وتفتقر للتطبيق العملي وتكتفي بالتدريس النظري فقط فهذا أحد أهم المعوقات التي يواجهها دارسو الإعلام.

لواء التدريب
مما لا شك فيه أن هاجس التدريب الذي بات هو المؤرق لمضاجع كثير من الإعلاميين خاصة الشباب منهم جعلهم يفكرون في كيفية تطوير ذواتهم، وهذا ما ذهب إليه رئيس جمعية الإعلاميين الشباب “جاش” علاء الدين موسى والذي يقول: نحن في جاش نبحث عن الخبرات التي نستطيع لن نكتسب الكثير من المهارات عبرها وأقامت الندوات التدريبية واحدة من اهتماماتنا في جاش، وهو الأمر الذي يتوافق فيه مع الأمين العام للجمعية ناجي الكرشابي الذي يؤكد أن التدريب وصقل المهارات أحد أهم ما يبحثون عنه في جمعية الإعلاميين الشباب فهم قد حملوا لواء التدريب على عاتقهم متمنين أن يتفاعل معهم الوسط الإعلامي والصحفي حتى يجدوا مخرجاً لكل المعضلات التي تواجههم حالياً والعمل على حلها وتلافيها مستقبلاً.

الخرطوم: وليد الزهراوي
صحيفة الصيحة