زهير السراج

دولة طه عثمان !!


من الاجراءات الجنائية المعروفة انه عند وقوع اية جريمة جنائية، وبالتحديد فى جرائم الاعتداء والقتل، خاصة إذا اكتنفها الغموض والتعقيد، أن يشمل التحرى كل الذين يمكن ان يكون لافادتهم منفعة للتحقيق، وليس فقط المشتبه بهم!!
* تنص المادة (54 ) من قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991 على سلطات المتحرى، وهى كما يلى :
أ – طلب حضور أى شخص يرى أن له صلة بالدعوى الجنائية.
ب – أخذ أقوال المبلغ أو الشاكى والمشتبه فيه أو المتهم والشهود، وأى شخص آخر له صلة بالدعوى الجنائية واستجوابه.
ج – القبض على أى شخص مشتبه فيه أو متهم وحبسه أو الافراج عنه.
د – الإحالة للفحص الطبى وأخذ البصمات والصور، والقيام بالاجراءات الفنية والتقنية التى يقتضيها التحرى، وتكليف أى شخص مختص بذلك.
ه – إتخاذ إجراءات الضبط.
* بعد وقت قصير جدا من مشاركته فى واقعة شجار فى مناسبة اجتماعية، اُختطف المهندس أحمد ابوالقاسم من أمام منزله بالمنشية واقتيد الى مكان قصى، وتعرض الى إعتداء بواسطة اشخاص مجهولين، وعثر عليه فى منطقة سوبا، ونقل الى مستشفى الاطباء الى العلاج بموجب أورنيك 8، مما يعنى فتح بلاغ مبدئى، الى حين استكمال الاجراءات القانونية لاحقا بعد صدور تقرير المستشفى، إلا إذا رأى الشخص المتضرر عدم السير فى الإجراءات .. والسؤال الذى يطرح نفسه، هل واصل المهندس أبو القاسم الإجراءات، أم إكتفى بما حدث، وإذا واصل الاجراءات، هل مارس المتحرى سلطاته المنصوص عليها فى المادة (54 ) من قانون الإجراءات الجنائية، وطلب حضور الأشخاص ذوى الصلة بالدعوى الجنائية، بما فى ذلك واقعة الشجار فى المناسبة الاجتماعية باعتبار انها يمكن ان تكون الدافع لارتكاب جريمة الاعتداء، أم ماذا حدث؟!
* تعطى المادة (55 ) من نفس القانون وكيل النيابة المختص سلطة الاشراف على التحرى، وتوجيه المتحرى بواسطة الضابط المسؤول، وإصدار أى توجيهات تتعلق بسير الدعوى الجنائية ..إلخ، أى أن الشخص الوحيد الذى له السلطة فى كل جوانب الدعوى الجنائية هو وكيل النيابة المختص!!

* أفادت بعض المصادر بأن أشخاصا ينتمون لجهة رسمية حضروا الى مستشفى الاطباء وتحدثوا مع الطبيبة التى تولت علاج الحالة، واطلعوا على الملف الطبى، فهل حدث ذلك بالفعل، وإذا حدث، هل حدث بعلم وموافقة وكيل النيابة أو الضابط المسؤول، وإلى أية جهة ينتمى هؤلاء الأشخاص، وإن لم تكن الجهة الرسمية صاحبة الاختصاص على علم، فهل اتخد وكيل النيابة أو شرع فى اتخاذ أى إجراء باعتبار أن ما حدث تدخل سافر فى عمله؟!
* تلزم المادة (48 ) من قانون الاجراءات الجنائية، الضابط المسؤول ــ إذا كانت طبيعة الجريمة تقتضى ذلك (اعتداء، أذى جسيم، قتل ..إلخ) ــ الانتقال فورا الى مكان الوقائع ليتحرى فيها، بالاضافة الى إتخاذ الخطوات اللازمة للبحث عن المشتبه فيهم والقبض عليهم، فهل انتقل الضابط المسؤول عن التحرى الى المكان الذى وقع فيه الاعتدء بسوبا، والمكان الذى عُثر فيه على المجنى عليه، ليتحرى فيهما ويستجوب اصحاب المكان والشهود ..إلخ، وهل اتخذ الخطوات اللازمة للبحث عن المشتبه فيهم والقبض عليهم، أم لم يحدث شئ من ذلك، ولماذا، أم أن المتضرر آثر أن يتوقف الأمر بخروجه من المستشفى، وقفل الملف عند هذا الحد؟!
* أسوأ ما يمكن ان يحدث فى دولة، ان يخاف الناس من اللجوء للقانون لانتزاع حقوقهم خوفا على أنفسهم أو أسرهم، وأن يعتبر البعض أنهم هم الدولة، بسبب الموقع الرفيع الذى يشغلونه أو الحصانة التى يعطيها لهم هذا الموقع، فعندما سئل الفريق طه عثمان عن واقعة الاعتداء على المهندس ابوالقاسم لخلافات بين الاثنين، أجاب إنها شائعات الغرض منها استهداف الدولة، فأين الدولة فى خلاف بين شخصين بغض النظر عن نوع الخلاف أو الموقع الذى يشغله كل منهما، إلا إذا كانت هذه الدولة غابة يعيش فيها الضعيف خائفا على نفسه ويتنازل عن حقوقه وكرامته، ويحصل فيها القوى على كل شئ، ومن حقه فى هذه الحالة أن يتحصن بها، بل يدعّى أنه هو الدولة!!
الجريدة