الصادق الرزيقي

لا خيار آخر ..!


تبقت بحساب الزمن أيام قليلة ومحدودة على انعقاد الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني وإجازة توصياته ومخرجاته، ولكن بحساب آمال السودانيين في الوحدة والتوافق لايزال هناك متسع من الوقت وسوانح أكبر يمكن استثمارها لجمع الصف الوطني والاتفاق على محددات وأُطر عامة متقف عليها لسلام مستدام ونظام حكم يتم بالتراضي وتبادل السلطة سلمياً.. > عملياً في العاشر من أكتوبر الجاري أي بعد أيام، سيلتئم المؤتمر في نفس التاريخ الذي بدأ فيه قبل عام، وقد لا تحدث مفاجأة كبيرة تأتي بمن قاطعوا المؤتمر وحواره في اللحظات الأخيرة، ولا أحد بات يتوقع ذلك، لعدم وجود أية مؤشرات تجزم بأن ما تحبله والأيام والليالي والساعات المتبقة من الموعد المضروب ستكون هي ولادة هذه المفاجأة السعيدة، وبما أنه ليس بالإمكان تأجيل ميقات تم الالتزام به وقطعه بسبب انتظار بقية الممانعين فمن العبث حقاً التفكير في التأجيل إن لم تكن هناك نتيجة مباشرة تضمن حضور الآخرين من الحركات المتمردة سواء أكانت قطاع الشمال في الحركة الشعبية أم حركات دارفور وتُبعهم من الأحزاب السياسية المتحالفة معهم . > كلنا يعلم إن الأمانة العامة للحوار انتهت من وضع اللمسات الأخيرة للمؤتمر صياغة نهائية للتوصيات والمخرجات، وأُعد التقرير الختامي بكل تفاصيله وخلاصاته، فلا يمكن البقاء في خانة الانتظار إلى الأبد للذين قاطعوا الحوار كل هذه الفترة، فلو هم فكروا في اللحاق به يجب على أهل الحوار وخاصة الحكومة عدم التأجيل والمضي قدماً في ما انتهى إليه الحوار، ما دام الباب سيظل مفتوحاً لمن يرغب الانخراط فيه والانضمام إليه، فالمبررات التي تدعو للتأجيل غير مقنعة ولا يمكن الاستناد إليها والركون لما تنطوي عليه التأويلات . > لقد انطلق قطار الحوار ووصل إلى محطته الختامية، وناقش كل القضايا الوطنية في محاورها الستة بكل وضوح وصراحة، وحتى الذين قاطعوه أعلن بعضهم إن ما خرج من توصيات ومخرجات، هو ذات المطالب التي طالبوا بها وظلوا يرفعونها كشعارات وهم يعارضون الحكم الحالي ويدعون لإسقاطه، وكون المعارضين حضروا او لم يحضروا، فإنما توصل إليه المؤتمر هو كافٍ لوضع الأطر العامة التي سيبني عليها التحول الحقيقي في البلاد من أجل الاستقرار وإصلاح الحياة السياسية وإسهام الجميع في حل المشاكل المزمنة التي أعاقت التطور الوطني وعطلت النهضة وجعلتنا ندور في الحلقة الجهنمية بلا هوادة . > إذا كانت الأبواب لن تُوصد وستظل مشرعة ما بعد نهاية مؤتمر الحوار لكل من يريد الالتحاق به ، فلا ضير على الإطلاق من حسم الأمور واختتام المؤتمر وإعلان نتائجه التي تم التوصل إليها وإجازتها والبدء الفوري في تنفيذها وتكوين الآليات التي يناط بها تطبيق المخرجات منها تكوين حكومة توافق وطني عريضة وتوسيع المشاركة في البرلمان الحالي ليعبر بعضويته الموسعة عن كل الطيف الوطني المؤمن بالحوار وشارك فيه، مع ضمان الفرص الأخرى لمن يلحق، فالحوار عملية سياسية مستمرة وتفاعل وطني بالقضايا المصيرية الملحة، فهو فرصة ثمينة لاحت للأجيال الحالية والأجيال التي تليها، فمن لم يشارك فيه ويقدم ما عنده من رؤية للمستقبل ولمعالجة أدواء الحاضر فلا يغالطن إلا نفسه ولا يلومن غيره ، فقد كانت المشاركة متاحة منذ البداية وجاءت حركات متمردة تحمل السلاح بعد أن أعطيت الضمانات وشارك منها من شارك ورجع من رجع، فمن قاطعوا يقع اللوم عليهم وليس على أحد غيرهم فهل كانوا ينتظرون من آلية (7+7) أن تتبع طريق الاستجداء والتوسل لإحضارهم أم تتنازل لهم الحكومة عن كل شيء ثمناً لمجيئهم في ائتمار وطني ليس ملكاً لأحد، فالحكومة لا تمتلك الحوار وكل علاقتها به إن الفكرة والمبادرة جاءت من رئيس الجمهورية بحكم مسؤوليته وواجبه . > ومع كل هذا .. علينا جميعاً أن نقدم أيادينا بيضاء من غير سوء لبعضنا البعض في الحكم والمعارضة، تقريباً لوجهات النظر ولشقة الخلاف، وطمعاً في الوفاق والتصالح .. بيدنا اليوم طوق النجاة لوطننا، علينا ألا نفلته حتى لا نغرق .. نحن في لجة الأمواج تلاطمها ليس هناك خيارات أخرى..

الانتباهة