منوعات

كيف أسست هذه السيدة معهداً لعلاج السرطان عبرالكتابة؟


ر علاج مرضى السرطان عبر كتابة القصص أسلوباً متبعاً وإن كان بشكل غير منتشر، ومعهد الكتابة الإبداعية بمدينة إنديانابوليس عاصمة ولاية إنديانا الأميركية نموذج لهذه الجهات التي تقوم بهذا الدور المبتكر.

والمعهد عبارة عن جمعية خيرية رئيسها التنفيذي “ديبورا أوين” وهي كاتبة وناشطة في هذا المجال، ومحررة ظل، ومحاضرة عامة.

وترى أوين أن مرضى السرطان يمكن إعطاؤهم فرصة في الحياة مجددا عبر التفكير مع ذاتهم والتعبير عن مشاعرهم المكبوتة بالكتابة، حيث يكون ممكنا الاستماع لصوت الذات.
4 طرق للكتابة

يقدم المعهد غير الربحي دورات في العلاج بالكتابة، من خلال 4 طرق وهي:

كتابة رسالة إلى شخص حي أو ميت.

تسجيل الأحداث اليومية، أي أسلوب الصحافة الخبرية.
الكتابة غير الخيالية، كالمقالات والمذكرات والبحوث القصيرة.
كتابة القصص الخيالية.

وهذه الأساليب تهدف إلى إعادة بناء هوية جديدة للمريض، تمكنه من تقبل نفسه كشخص عادي، بما يمكن جسمه من أداء أفضل لمقاومة المرض.
الكتابة حياة أخرى

بالنسبة للسيدة أوين مؤسسة المعهد فهي خريجة جامعة إنديانا وتخدم في مجالها منذ ثلاثين عاما، وتقول إنها تهدف لإسعاد الآخرين عبر هذا العمل بالذات أي الكتابة. إذ ترى أن الكتابة تعلي من قدرات الإنسان، وتجيب على الأسئلة الملحة وتشجع القلب على المقاومة وهذا ما تود أن تقدمه من خلال الدروس التي يطرحها المعهد.

وتطور حالياً برنامجا خاصا للصغار، فيما يتعلق بالأطفال المصابين بالسرطان لتعليمهم مهارات الكتابة.

ولأن عمل المعهد طوعيا فالمتبرعون للعمل هم موظفون ومعلمون من كتاب المقالات والمدققين وكاتبي البحوث ومجهزي المكتبات وصناع الأخبار وأيضا عشاق وسائل الإعلام الاجتماعي الجديد، ما يفتح المساهمة بأي زاوية ممكنة للشخص.
قصة المعهد

أما قصة المعهد، فتعود إلى عام 2008. ذات ليلة عثرت السيدة أوين أثناء تصفح الإنترنت على صورة لامرأة ذات أسنان لؤلؤية وعيون رائعة محاطة بمقال، قامت بقراءته لتتعرف على قصة امرأة ناجحة كسيدة أعمال، إلى أن اكتشفت أنها مصابة بالسرطان حيث فقدت الرغبة في الحياة والناس من حولها، بل فكرت في الانتحار، لكنها تذكرت أن ثمة شيئا واحدا كان من الممكن فعله لتتحاشى ذلك، وهو أمر حلمت به منذ وقت مبكر وتغافلته بسبب ظروف الحياة والعمل مع البيزنس، وهو الكتابة. وبدأت تجرب الكتابة لمرتين في الأسبوع، ومن خلال كتابة القصص القصيرة أوجدت لنفسها حيزا جديدا في العالم، بحيث بدأت تتحرر من الإجهاد.

تقول أوين: لم تكن تلك المرأة تدرك أنها قد عثرت على المنهج الذي حررها من الخوف وكتب لها الشفاء، وهو أسلوب علمي يعرف بـ “العلاج بالكتابة” writing therapy.

وهكذا وبالإضافة للعلاج الطبي فقد تماثلت تلك المرأة من الشفاء التام بما يشبه المعجزة الخارقة، ليس هذا فحسب، بل قررت العودة إلى المستشفى الذي كانت من مرضاه لتقوم فيه بدور مختلف عماده رد الاعتبار لهؤلاء المصابين عبر زرع الثقة فيهم من جديد. وبدأت تتنقل من غرفة لأخرى، وهي تتقاسم قصتها مع المصابين وهي تحثهم على أن يفعلوا مثلها بأن يبدأوا في كتابة القصص. وكانت تزورهم لتأخذ المسودات وتقوم بعمل التعليقات عليها، ومن ثم تعيدها لأصحابها لتصبح أكثر نضوجا.
المرأة الغامضة والملهمة

ويفيد المقال بأن هذه المرأة الغامضة صاحبة الحكاية المذكورة تبحث عمن يعطيها دورة في الكتابة، وهنا تقول أوين، إنها فكرت في هذا المرأة بأنه يمكن أن تساعدها باعتبارها كاتبة ومحررة، ولكن إذا ما وجدتها فإن ذلك يعني نهاية القصة.

لكن بعدم العثور عليها، فالقصة لم تنته “فإنني سوف أحمل شعلتها لأنير بها الظلام”، تقول أوين.

ثم تضيف أنها من هنا فكرت في السبب الذي يمنع من أن تصبح الكتابة الجديدة وطرائقها أمرا شائعاً، أو تتحول لمنظمة غير ربحية، تخدم آلاف الناس، ولماذا لا نقوم بخدمة وتعليم الأطفال المصابين، ولماذا لا يتم تدريب العاطلين، كذلك يمكن أن نعطي كبار السن أملا جديدا في الحياة، وبهذا فإن المحاضرات العامة والمنح والجهات المساهمة، يمكن لكل ذلك أن يكمل هذا المشروع المتصور.

وإذ كانت الاحتمالات مفتوحة، فقد بدأ المعهد فعليا بشخص واحد ثم مضى في الطريق متوسعا، لكن بحسب أوين فإن البحث عن تلك المرأة الغامضة والملهمة لا يزال قائما، لكي تخبرها بما أسدت من جميل رائع لأناس كثيرين..

تتساءل أوين: “من هي؟ وأين هي؟ إذا ما كان أحد قد عثر عليها فليخبرني. على أي حال فإن شخصا واحدا يمكن أن يحدث الفرق، لقد تعلمت ذلك. وأنتم كذلك تقدرون أن تفعلوا”.

العربية