مقالات متنوعة

التعليم والإصلاح عن بعد


نمو أي قطاع في الدولة يعتمد على رغبة الحكومة وسياساتها تجاهه وحرصها عليه ، و في نفس الوقت لا يمكن إحداث نقلة تحقق النمو بدون خارطة زمنية ورؤية تنفذ بطريقة علمية وعلى مراحل ، ولذلك التغيير المتعجل يضر بالقطاع أكثر مما ينفعه، وليس هناك أدل على ذلك أكثر مما فعلته حكومة الإنقاذ بقطاع التعليم بشقيه العام والعالي ، فخلال خمة سنوات فقط من مجيئها غيرت السلم التعليمي والمناهج وضاعفت عدد الجامعات والقبول ست مرات فزحمت التعليم بتغييرات ثقيلة وغير مدروسة وفي وقت قصير حتى ناء عن حملها ، ورغم ذلك لم تتوقف لتراجع الأمر وتستدرك الأخطاء وتعالجها، فظل التعليم يعيش كما المريض الذي يحيا على الأجهزة و المسكنات لا يتحسن ولا ينمو.
أصيب التعليم بصفة عامة في مقتل من تلك السياسات التي كانت تعتقد الحكومة إنها نقلة ولكنها جاءت بنتائج عكسية ، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن ما زال التعليم يعاني من مشاكل كثيرة لم تتعظ منها الحكومة ولم تغير تفكيرها ، كل ما تقوم به عبارة عن وعود ودراسات وورش عمل ومؤتمرات لم تثمر أبداً ، صحيح إنها خرجت بتوصيات كثيرة ولكنها لم ترً النور وظلت الحكومة 27 سنة عاجزة عن إخراج التعليم من الورطة التى وقع فيها.
وزيرة التربية والتعليم سعاد عبد الرزاق لدى مخاطبتها ورشة عمل عن التعليم قبل أيام بفندق كورنثيا، أقرّت بضعف نسبة مؤشرات النمو في التعليم والتي بلغت ٩٪ في مرحلتي الأساس والثانوي وطالبت بالخروج من الأنماط التقليدية في التفكير لوضع خارطة لتمويل التعليم وآليات لتنفيذ البرامج، لافتة إلى ضرورة أن تخرج الورشة بموجهات ومؤشرات واضحة لزيادة كفاءة التعليم وجعله جاذباً ومرضياً للناس، وما قالته سعاد قيل مئات المرات قبلها ولكنه لم ينفذ وعليها تبحث عن السبب قبل أن تعيد ماقيل .
مدير اليونسكو بالخرطوم في ذات الورشة قال إن اليونسكو لها مساهمات في مراجعة سياسات التعليم الفني والتقني والمهني وتطوير سياسات التعليم وإعداد نماذج لتطويره لافتاً إلى أن طلب السودان من اليونسكو لموءامة أهداف التنمية المستدامة خاصة الهدف الرابع الخاص بالتعليم والمتمثل في تعليم جيد ومنصف وشامل لتعزيز فرص التعليم مدى الحياة ،وليست اليونسكو وحدها لها مساهمات في التعليم منظمات أخرى كثيرة أيضاً لها مساهمات أنقذت الكثيرين من الجهل ولولاها لما وجدوا فرصة للتعليم ، ورغم ذلك كثيرون لم يجدوا فرصة للتعليم لا عند الدولة ولا المنظمات فما زال هناك نسبة كبيرة من الأطفال خارج المدارس ، وحتى المدارس لم تعد تقدم التعليم بكفاءة ، ويبقى السؤال المهم الذي يكشف لنا مستقبل التعليم وهو أين يقع التعليم في قائمة اهتمامات الحكومة؟ ، فسبع وعشرين سنة تكفي لصناعة تعليم قوى مثلما كانت كافية لتدميره .
التعليم في السودان لن تصلحة ورش العمل والمؤتمرات والتصريحات والمناشدة والمطالبة من بعد وإن لم تكن الحكومة لديها رغبة صادقة وإصرار والتعليم بالنسبة لها هدف استراتيجي فلن يتغير الحال.

اسماء محمد جمعة

التيار