مقالات متنوعة

متلازمة العوز الوطني..!


لو عدَّد السودان الاتفاقيات والوثائق والإعلانات التي تم التوقيع عليها بين الأطراف السياسية لأهَّلتنا للدخول في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، قد ضرب السودان رقماً قياسياً في التوقيع على الاتفاقيات التي تحمل أهداف السلام أو التوافق الوطني، وجميع هذه الاتفاقيات نتيجتها تمزق وأزمة مستفحلة.

أمس تم الإعلان عن نهاية الحوار الذي دخل عامه الثالث، والذي سيكتمل الإعلان بخصوصه اليوم، حيث تم التوقيع على (الوثيقة الوطنية) والتي هي أساس الحكم، وفقاً للإعلان.. هذه الوثيقة تُضاف إلى كم مهول من الوثائق والاتفاقيات والتي لا تختلف صيغها في شيء إلا تاريخ التوقيع عليها أو إعلانها، حكومة ومعارضة، ظل الفعل السياسي يدور في حلقة مغلقة، تعيدنا إلى ذات النقطة التي انطلقنا منها، فهل نحن بحاجة إلى وثائق جديدة، أم أننا بحاجة لتنفيذ ما تواثقنا عليه؟، هل نحن بحاجة لاتفاقيات جديدة، أم إنزال ما اتفقنا عليه؟.

بصراحة الشارع أصابته تخمة الاتفاقيات والمبادرات دون فعل حقيقي. هذا الوطن نال نصيبه ويزيد من المبادرات والوثائق والإعلانات التي لم تقدم شيئاً مثلما اكتفى من اتفاقيات السلام التي تزيد الحرب اشتعالاً واتساعاً في رقعتها فضلاً عن تشظي الوطن. المشكلة لم تعد في أن نوقع أو نتواثق، الأزمة الآن في إيجاد الوسائل لبلوغ مثل هذه الحلول وليس طرح المزيد منها والتي في نهايتها “جمع الصف الوطني”.

الأحزاب السودانية من كثرتها تفاجأ الناس بأسمائها حينما احتشدت في لقاء الرئيس بقاعة الصداقة مطلع 2014م، وحتى تاريخ اليوم نتفاجأ بأسماء لأحزاب لأول مرة تصل إلى مسامعنا والناتج الوطني صفر كبير.

ليت القوى السياسية تقدمت خطوة نحو إيجاد وسائل فعالة حتى تبلغ المبادرات المطروحة أصلاً أهدافها، ولا حاجة لتوافق أو تواثق جديد يُضاف إلى الكم الهائل من رصيد الاتفاقيات..المرض شُخِّص والعلاج معلوم ولم تعد هناك حاجة لمزيد من التوافق يُمكن أن يخرج في نهاية الأمر بخارطة طريق منقذة، الحاجة الآن أن نواجه الواقع بشجاعة ونُشير إلى السبب وبذات الشجاعة، أما غير ذلك فكل ما يُطرح سيكون مصيره أن يواجه ذات الأزمة التي طُرحت لأجلها بل وزيادة، الأزمة شُخصت والداء عُرف كما أن الدواء بات مكشوفاً ويُشار إليه، فقط الحاجة باتت شديدة للوسيلة التي تبلغ الشعب هذا الدواء، فلا داعي لكتابة روشتات جديدة، أكسبوا زمن الوطن وتوقفوا عن المزيد من إهدار الوقت.

شمائل النور

التيار