منوعات

طبيبة سعودية كرمها أوباما: هذا من ألجأ له.. ولست عنصرية


هي أم وتعرف أن شجاعتها تكمن في اختيار طرق التربية الصحيحة والتي لا ترى أنها تكرار لتربية والدها لها، فالزمن تغير والمعطيات تغيرت مع بقاء القيم نفسها والمبادئ.
مها المنيف، دكتورة وطبيبة أطفال، لا ترى جائزة أشجع امرأة إلا مزيداً من الإصرار والتحدي نحو قضية العنف الأسري التي تتعرض له بعض الأسر وتضرب أعماقها لتخرب العلاقات وتفسدها.
لم تؤثر صلة القربى التي تجمعها مع عمها الأديب والروائي الشهير، عبدالرحمن منيف، في حبها للأدب والتفاعل معه، حيث إن ميولها علمية بحتة رغم حبها لمكان عمها الشهير قصيباء الذي يفتخر فيه الأديب المنيف، خصوصاً أنه يحمل قصة حب خالدة لعنترة بن شداد.
من هي؟
مها منيف حاصلة على شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة الملك سعود 1986م وخريجة جامعة ييل الأميركية في طب الأطفال والأمراض المعدية وحماية الطفل، وعلى البورد الأميركي في الأمراض المعدية والوبائية بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم الصحية. كذلك أعمل استشارية في طب الأطفال والأمراض المعدية والوبائية بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية والمدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء. وعملت سابقاً في مجلس الشورى لمدة خمس سنوات.
تقلدت العديد من المناصب الدولية والإقليمية، فهي تعمل كمستشارة إقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الأطفال ومستشارة في منظمة الصحة العالمية في قسم الوقاية من العنف والإصابات. كما تم انتخابي عام 2013 كرئيسة للجمعية العربية لحناية الطفل من العنف والإيذاء. فخورة بحصولي على جوائز لمنجزاتي في مجال مكافحة العنف وحماية الطفل. كان آخرها فوزي بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014 وتكريمي من قبل الرئيس الأميركي، باراك أوباما.
كيف تنظرين إلى لقب أشجع امرأة في العالم؟ وهل تصنفينها على أنها شجاعة أم حياة طبيعية؟
حقيقةً، هذه الجوائز تجلعني أكثر إصراراً على مكافحة العنف الأسري، كونها قضية شائكة لأسباب كثيرة، منها تعدد التخصصات والقطاعات المعنية وفيها كذلك قضية تؤثر في كيان الأسرة وبالتالي المجتمع ككل.
أطمح للاستمرار في خدمة هذه القضية والعمل على حل تعقيداتها في مجال عملي كطبيبة استشارية بطب الأطفال والأمراض المعدية، وكذلك في مجال عملي الاجتماعي كناشطة في مجال حماية الطفل والأسرة من العنف والمساهمة في التشريعات والقوانين والأنظمة التي من شأنها حماية ورعاية وتأهيل الضحايا وسن عقوبات رادعة لمرتكبي مثل هذه الجرائم.

هل ترين أننا كمجتمع بحاجة للتخصص ضد عنف الأطفال؟
للأسف العنف ظاهرة وجدت مع بدء الإنسان، وهي موجودة بكل المجتمعات، لذلك أؤمن بأهمية وجود أخصائيين لمكافحة العنف في المجتمعات، وتناول المشكلة وتعزيز الوقاية والحماية لأفراد المجتمع من أطفال ونساء وكبار سن وغيرهم. فالوقاية من العنف الأسري من أهم سبل تنمية المجتمعات وسموها. في برنامج الأمان الأسري الوطني نعمل على بناء قدرات العاملين مع أفراد الأسرة من أطباء أو أخصائيين وغيرهم ممن يعملون في الجهات الأمنية والقضائية عن طريق تقديم الدورات للمهنيين المتعاملين مع حالات العنف والإيذاء. كما نعمل الآن على إطلاق دبلوم متخصص في العنف الأسري للأخصائيين الاجتماعيين.
هل العنف والتعامل السلبي تجاه الطفولة مستويات تزداد مع الزمن أو تقل؟
لا يمكن الجزم بماهية مستويات العنف في المستقبل. لكننا نأمل مع استمرار التوعية في هذا المجال أن تقل معدلات العنف بالمجتمعات. ونأمل أن نلمس تطوراً ملحوظاً في سلوكيات التربية للأطفال وتفادي الممارسات السلبية. تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال أثبتت أنه كلما ازدادت نسبة التوعية والبرامج الوقائية وتمكين أفراد الأسرة، أدى ذلك إلى انخفاض معدل العنف.
إذن، ما الفرق بين العنف والتربية خصوصاً أن البعض يرى أن في “العنف تربية”؟
يلجأ بعض الآباء والأمهات أو المعلمين إلى الضرب في إخضاع الطفل، وذلك لقلة صبرهم لأنهم يعتقدون أن هذا الأسلوب يختصر الطريق عليهم لحل مشكلتهم مع الصغار لكن الضرب الذي قد يسكت الطفل إلى حين، قد يترك آثاراً سلبية في شخصيته على المدى البعيد فهو يولد لديه إحساسا بالقهر والخوف من جهة وموقفاً رافضاً من الشخص الذي يضربه من جهة أخرى، إضافة إلى أن دراسات أثبتت أن الأطفال الذين تعرضوا للضرب التأديبي تكون تصرفاتهم عندما يكبرون مرتبطة بالخوف من العقوبة أكثر من ارتباطها بالأخلاق والمثل العليا.
أن نُشعر الطفل بالاضطهاد بفعل استخدام أسلوب العنف معه هو شكل من أشكال الظلم الذي يفترض بالأولياء تجنبه والاستغناء عن مثل هذه السلوكيات باستخدام طرق أكثر نجاحاً في إيصال أي فكرة إلى عقل الطفل أو إيصال أي شعور إلى قلبه وذلك بمراعاة ما يمكن أن تتحمله شخصية الطفل من دروس أو ضغوط، ذلك أن الخط التربوي العام الذي يفترض أن تتبناه يقوم على رحمة الطفل باعتبار أن الرحمة خط عام يحكم علاقة الله بالإنسان وعلاقة الإنسان بالإنسان الآخر.

لو اتبع أحدنا نفس الطريقة التي تمارس في التربية قبل نحو 50 عاماً لوصفت بالعنف، ما الذي تغير برأيك؟
طرق التربية تغيرت بشكل جذري عما كنا نراه في الماضي، وذلك يعود لأسباب مختلفة ولم تعد الأساليب التربوية القديمة مقبولة. كما لا يخفى عليكم أن التربية الحالية اختلفت عنها في الماضي وتعددت الأسباب التي يتأثر بها الأولاد وذلك يعود للعولمة والانفتاح في وسائل التواصل الاجتماعي.
كذلك يواجه الوالدان حالياً ضغوطاً تربوية متعددة لم تكن موجودة في السابق بالإضافة لوجود مشاكل اجتماعية متعددة لم تكن موجودة في السابق أيضاً كالإرهاب والتطرف وغيرها مما يستلزم اتخاذ الوالدين سبلا تربوية قوامها التوجيه والحوار مع الأطفال لاحتوائهم وتربيتهم تربية سليمة.
من يلجأ للدكتورة مها ثم إلى من تلجأ هي؟
تبعاً لمجال عملي تردني كثير من الاستشارات المتعلقة بقضايا العنف الأسري من المهنيين العاملين بمجال مكافحة العنف، وكذلك تردني حالات فردية من المتضررين من العنف الأسري، وآخذ على عاتقي توجيههم بشكل صحيح وسليم للجهات المسؤولة لإيجاد حلول لمشاكلهم. أما أنا فألجأ إلى الله سبحانه وتعالى أولاً وأخيراً.
كيف تنظرين إلى استغلال بعض الجهات والشركات والإعلام لأشخاص مارسوا العنف ضد أطفالهم من واقع بعض القصص؟
أستنكر دعم الشركات والمؤسسات لمثل هذه الممارسات غير السوية وتداول الأفراد لمقاطع سيئة تتضمن عنفاً أسرياً. كما أن الإعلام شريك مهم في التوعية في قضية العنف الأسري وهو أيضاً ناقل للعنف خصوصاً مع انفتاح بوابة التواصل الاجتماعي.

من يُعنِف أكثر الرجل أم المرأة؟
ليست عنصرية، لكن الرجل هو المعنف الأكثر، وذلك يعود للقوة البدنية للرجل بشكل عام، كما أن للرجال قوة معنوية أقوى من النساء، وذلك يعود للقيم والعادات المجتمعية.
أين الأدب في حياة الدكتورة مها المنيف؟ خصوصاً أن عمها الروائي الشهير عبدالرحمن منيف؟
عاش عمي حياته خارج الوطن وعشت أنا وأسرتي في السعودية ونتيجة لذلك كان هناك ضعف في التواصل بيننا لبعده عنا وكنا نصدفه في بعض الزيارات لباريس ودمشق أثناء إقامته في هاتين المدينتين. ورغم هذا لا أنسى قوة انتمائه لمسقط رأسه قصيباء الواقعة شمال القصيم رغم حياته البعيدة عنها. وقد قام بتأليف مجموعة من الكتب تركز على الحياة في هذه المنطقة.
أخوتي ورثوا هذا الأدب عن عمي رحمه الله، لكنني شخصياً أميل أكثر للمواد العلمية بحكم تخصصي بحسب العربية نت.

مزمز