مقالات متنوعة

برلمان مهان.!!


غاب وزراء القطاع الاقتصادي عن جلسة استماع بالبرلمان مخصصة لـ (معاش الناس)، نواب البرلمان غضبوا وثاروا واعتبروا الغياب إهانة للبرلمان. شهر يوليو الماضي، صدر توجيه رئاسي لكل الوزراء بالالتزام بكل استدعاءات وطلبات الجهاز التشريعي، ويبدو أن التوجيه الرئاسي لا يعدو كونه توجيهاً والسلام.

غياب أو تغيب الوزراء عن الحضور إلى البرلمان، ليس أمراً حديثاً، بل هو أكثر من عادي، وحتى في أحلك المواقف والمسائل يتغيب الوزير ليس لأنه متمرد على البرلمان، بل لأنه لا يرى في الأمر ما يستحق، فالمسؤول التنفيذي يتعامل بلا مبالاة مع الجهاز التشريعي باعتباره فاقد الشرعية، وليس برلماناً حقيقياً يُمثل صوت الشعب، ولأنه لا يرى فرقاً بين الجهاز التشريعي والجهاز التنفيذي.

حينما يصل البرلمان مرحلة أن يُكرر الشكوى من الوزراء وكثرة غيابهم أو تغيبهم ثم يستغيث ويطالب الرئاسة بالتدخل بإصدار توجيهات للجهاز التنفيذي للمثول أمام البرلمان، فهذه وحدها كافية لذهابه فوراً، البرلمانات في كل العالم تكتسب قوتها بشرعيتها الحقيقية وليس دون ذلك، وتاريخ البرلمان واستدعاءات الوزراء حافل بالإهانة.. سقطت هجليج على يد الجيش الشعبي في أبريل 2012م، ورفض وزير الدفاع وقتها، عبد الرحيم محمد حسين المثول أمام البرلمان وكان رده أنه مشغول بمتابعة المعركة، وعلى طريقة خدمة الـ (Delivery) ذهبت إليه لجنة مُصغرة ليرد على المسألة المستعجلة من مكان متابعته للمعركة. وكذا حادثة المتعافي إبان قضية التقاوي الفاسدة.

كثرة الشكاوى من عدم التزام الوزراء بالمثول أمام البرلمان، ينعي بشكل مباشر البرلمان كمؤسسة ينبغي أن يكون دورها غير، ويسحب منه الشرعية، كيف لا يكون ذلك، والبرلمان قوامه عضوية الحزب الحاكم والأحزاب الرديفة، وكيف يمثل وزير لمسألة مستعجلة أمام برلمان لا يُجيد إلا التصفيق لقرارات الحكومة، النواب الغاضبون عليهم أن يدركوا أن الأمر ليس بهذه الدرجة من الجدية، فهل صدّق هؤلاء النواب أنهم نواب برلمان حقيقي؟ لو صدقوا ذلك فتلك هي مشكلة.

البرلمان الحالي والذي سبقه وربما القادم الذي سوف يشغل التعيين جزءاً مقدراً من مقاعده، ما هو إلا (مُكمّل) لمشهد يجري فيه العبث بدرجة عالية من الجد، فلن يكون هناك برلمان بالمعنى ما لم يحدث تغيير حقيقي.. وليس بإمكان هذا البرلمان أن يكون برلماناً مثل برلمانات العالم إلا بحدوث تغيير شامل، سوف يظل في تصفيقه هذا ونظل نحن نتحمل نفقات هذه الحماقة.

شمائل النور

التيار