رأي ومقالات

اللابس البمبي


تسنى لي مشاهدة فيلم امريكي باسم (قانونيا شقراء ) ..هذه ترجمة حرفية للعنوان ..تؤدي فيه البطلة ..دور فتاة شقراء ..درست القانون وتأهلت لممارسة مهنة المحاماة ..ولكنها واجهت التقليل من شأنها بشتى الطرق ..والسبب غريب حقا .. لأنها جميلة وشقراء ..وكذلك لانها تحب ارتداء اللون (الزهري) ….مما يجعلها تصنف في خانة (قلة الشغلة ) والانصرافية ..!!!! ينظر الجميع اليها نظرة مليئة بالسخرية ..انها امراة ..شقراء ..وايه كمان ..تفضل اللون الزهري ..
البطلة لم تهتم بكل تلك الاشارات السلبية حولها ..واستطاعت بأناة وصبر ان تصل لتحقيق ما اتت من اجله ..وعجز عنه الكثيرون من المتشحين بالسواد في مقابل الزهري الذي اصرت عليه طوال الوقت … المفارقة .. انني شاهدت الفيلم بعد ان فرغت من قراءة نص اسفيري يسخر من فكرة قيادة النساء للطائرات ..وكيف أنهن في نهاية الأمر اضطررن الى الاستعانة بالرجال لمعرفة الاتجاهات ..كنت متنازعة التفكير بين تلك الافكار الجميلة التي زرعها الفيلم ..وتلك النظرة الدونية التي تواجه بنات جنسي كلما هممن بأمر ما ..فيتم القضاء عليه في مهده بالسخرية تارة ..وبالتهديد والوعيد والتذكير بالضعف وقلة الحيلة تارة أخرى. …
لكن الابتسامة سرعان ما وجدت طريقها الي.. عندما علمت بما فعلته (هنية مرسي )..الدكتورة هنية .. تمكنت من رفع الحظر الأمريكي على توريد الاجهزة الطبية للسودان ..فعلت ذلك دون ضجة ..دون شعارات .. ..ثابرت وقاتلت ..سافرت في رحلات مكوكية الى واشنطن ..لم يوقفها شئ ..ولم يعجزها شئ ..كانت كلما طالبوها بورقة ..اتت بفايلات .كلما قالوا شيئا ..ردت بأشياء …قابلت ..وناقشت ..أقنعت وأفحمت ..ومن ثم أنتصرت لملايين النساء اللاتي يقتلهن السرطان بدون ادنى رحمة…اليس جميلا أن شعار الحملة ضد سرطان الثدي كان اللون الزهري ..الذي كانت ترتديه بطلة الفيلم طوال الوقت ؟؟ ..
الدكتورة هنية ..أثبتت ان المرأة ليس لها ان ( تبقى فأس ) ..ذلك انه ليس من الضرورة (قطع الرأس) ..فمن الممكن أقناعه بالحجة والمنطق ..بكل هدوء وروية ..أعطت هنية ..الساسة درسا بليغا في كيفية الوصول للهدف …ولو بعد حين .. بالتدبير ..والتخطيط ..وعدم أغفال أي نقطة مهمة ..او تجاهلها …(لعبت بوليتيكا) …بثقة وحرفنة ..وفي النهاية انتصرت لانسان السودان ..ولم تحاول أن تحتكر ذلك النجاح لمركزها فقط ..ولكنها جاهدت من اجل رفع الحظر عن كل الاجهزة الطبية
دكتورة هنية ..وذلك الفيلم .. ..همسا لي بان المراة لها من القدرات الكامنة التي لم تكتشفها بعد ..او قل لم تستخدمها .. القوة الناعمة ..روعة الصبر ..وتحمل الصعاب من اجل هدف سامي في نهاية النفق ..انها (الحسنة المعطت شوارب الأسد)…فقد ..اتضح ان لكل طريقته في الخروج من عنق الزجاجة ..لكل طريقته في حل العقد المركبة .. لكل لونه المفضل …فلا تحقرن احداهن وهي ترتدي الزهري او ترفعه شعارا …اذ .ربما كان الحل بيدها .
وللدكتورة هنية ..نرفع القبعة تحية ….وووو (صباح النور …عليك يا زهور …)

د. ناهد قرناص