عالمية

أوباما هو السبب.. هكذا ساعد الحزب الديمقراطي خصمه الملياردير في الوصول للبيت الأبيض


لم يكن نجاح دونالد ترامب بالمفاجأة المدوية لكثير ممن تابعوا الشأن الأميركي بحيادٍ وبرصانةٍ ولا الذين لم تشُب آراءهم الرغبةُ الشخصية في مطمع فئوي أو الخوف من مخاطر ترامب.
فعبر 8 سنوات من إقامة أوباما الديمقراطي بالبيت الأبيض -الذي خدمت فيه هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية 4 سنوات- لم يتحقق لأية فئة أميركية ما كانت تطمح إليه من الناحية الفعلية. ولم تتحقق وعود الديمقراطيين ولا أوباما بتغيير حقيقي للجميع كما كان يأمل كثيرون من أول رئيس من أصول إفريقية.
وبلغ الحال من خيبة الأمل في حكم الديمقراطيين، أن جل ما كان يطمح إليه الناخب الأميركي في انتخاباتِ أمس هو تفادي بعض مخاطر ترامب وتطرّفه عن طريق اختيار كلينتون -الأقل سوءاً- حيث انتشرت صور كثيرة للناخب الأميركي هنا وهو يضع أصابعه على أنفه كمن يشرب الماء وهو يغطي أنفه لتفادي الرائحة. وكررت العديد من المنشورات منطق الإمساك بالأنف عند الانتخاب.
وعود أوباما الزائفة
في عام 2008، كان الجميع يظن أن انتخاب باراك أوباما كأول رئيس من أصول إفريقية سوف يفتح الباب أمام تحول عميق في واشنطن، لكن سرعان ما اتضح أن أوباما ما هو إلا عضو في النخبة الأميركية التي تسيطر عليها الأيديولوجية الحربية والمالية التي حكمت الولايات المتحدة الأميركية منذ نشأتها تقريباً، وإن اختلف لون جلده عن المعتاد.
وفي السنوات التالية، نبتت الأسباب التي أدت إلى وضوح هوية الديمقراطيين كجزء من الهيمنة السائدة وأنه ليس لديهم قدرة ولا رغبة في تغيير حقيقي على عكس ما يدعون.
فمثلاً، بالنسبة للفئات التي يعتقد ميلها إلى الديمقراطيين مثل الأقليات، والنساء والشباب المستقلين -الذين يمثلون قاعدة الحزب- يتضح أنه ما من أحد منهم حقق مكاسب ذات شأن تحت حكم أوباما، وكان جُل ما كسبوه هو بعض التصريحات اللفظية التي لم تغادر الحناجر ولم تصل إلى حد تعديل الاتجاه على الأرض.
مثلاً، كان أوباما قد وعد بإغلاق معتقل غوانتانامو سيئ السمعة واحترام حقوق الإنسان إلا أنه، وبعد 8 سنوات، ما زال مفتوحاً، وجُل ما فعله هو إخراج بعض المساجين بعد سنوات طويلة من الاعتقال والتعذيب، منتهكاً الضجة الديمقراطية المعتادة عن حقوق الإنسان، حسب منظمات حقوقية.
أوباما خيب آمال كل هذه الأقليات.. السود
الأقليات، على سبيل المثال، عانت اضطهاداً ضخماً تحت أوباما دون محاولة جادة وقوية من الإدارة الديمقراطية لوقف ذلك التدهور، حتى إن فترة أوباما شهدت أكبر تصاعد للغضب الأسود ضد معاملتهم على يد الشرطة الأميركية. صحيح أن “العنصرية الصريحة” لا تصف الديمقراطيين مثل الجمهوريين إلا أن التمييز القائم لم يندحر ولم يقلّ تحت حكمهم.
المسلمون
أما المسلمون، فتصاعد اضطهادهم على يد مسؤولي المباحث الفيدرالية وضباط الهجرة بشكل غير مسبوق، وفق ما كشف عنه اتحاد الحريات المدنية الأميركي في عدة تقارير؛ منها وجود برامج سرية تستهدف المسلمين تحت حكم الديمقراطيين تشمل عملية غير معلنة بدأت في أواخر عهد بوش واستمرت بشكل سري في عهد أوباما تسمى “كارب” CARRP
ويعطي هذا البرنامج لضباط الهجرة الأميركيين ومعهم ضباط المباحث الفيدرالية سلطات غير دستورية واسعة ضد مسلمي أميركا المهاجرين، حتى إن برنامج “كارب” استُخدم، تحت حكم الديمقراطيين، لإكراه المسلمين الأميركيين على التجسس على باقي المسلمين ومساجدهم وشؤون حياتهم مقابل الحصول على حقوق مثل الجنسية أو الإقامة أو حتى الفيزا.
اللاتينيون
أما المهاجرون اللاتينيون، فلم يتحقق لهم شيء له قيمة تحت أوباما، على الرغم من تزايد أعدادهم. فلم تتغير القوانين لصالحهم على الإطلاق؛ بل إن كل البيانات تشير إلى أن عمليات ترحيل جماعية قاسية.
تمت بشكل هادئ و”دون شوشرة” تحت إدارته؛ بل إن ظروف احتجاز المهاجرين اللاتين، ومعهم أطفال، كانت سيئة للغاية، ولم يتم ولو مرة واحدة توبيخ ضباط الجمارك أو الهجرة لسوء معاملتهم للمهاجرين من أصحاب الأصول اللاتينية.
اللاجئون السوريون
حتى في القضايا الإنسانية الملحة، لم يقدم أوباما شيئاً للاجئين السوريين يُذكر سوى الموافقة على إدخال 10 آلاف لاجئ سوري، حسب إحصاءات وزارة الخارجية الأميركية نفسها، هو رقم مضحك أمام أكبر أزمة إنسانية شهدها العالم الحديث، وإنما كانت سياسته وسياسة الديمقراطيين هي المخادعة وذر الرماد في العيون. والمدهش أن هذا الرقم -ورغم بكائيات الديمقراطيين الإعلامية- جاء بعد ضغوط ضخمة من الأوروبيين وبعض المؤسسات الدولية.
الشباب والمستقلون
أما الشباب -خاصة الحاصلين على شهادات جامعية- فإنهم يعيشون الآن في عالم يرضخ تحت ثقل الديون الجامعية التي اضطروا إلى دفعها للحصول على شهادة قد تساعدهم في الحصول على عمل يوماً ما، كما أنهم عالقون في عالم افتراضي غير واقعي على خدمات التواصل الاجتماعي.
أما المستقلون، فكثير منهم يعترفون بأن سياسة أوباما والديمقراطيين -خاصة الخارجية- ما هي إلا انعكاس للمتشددين، لكن بتعبئة وتغليف أكثر لطفاً، صحيح أنهم يتحدثون بلغة التحضر والتطور والتسامح، لكن الواقع غير ذلك تماماً حتى إن الجمهوريين أكثر وضوحاً وشرفاً في خصومتهم.
الأغلبية والطبقة الوسطى
أما الناخب من الطبقة الأميركية البيضاء -خاصة العاملين وغير المتعلمين والفقراء منهم- فلم يحصلوا على أية مزايا ديمقراطية تحت حكم أوباما وهم يرون رواتبهم لا تزيد، وبعض الوظائف يتم نقلها للخارج حيث العمالة الأرخص؛ بل لا يتم خلق فرص جديدة وإذا حدث فإان المتعلمين من المهاجرين (ذوي الألوان المختلفة) يحصلون عليها دونهم.
ولم يتصدَّ أوباما أو الديمقراطيون لحملات التحريض ودفعهم للتطرف من الإعلام اليميني ومن المتشددين دينياً في الكنائس الإنجليكية لتجييش المتدينين الأميركيين ضد الأجانب وأصحاب الديانات الأخرى.
سياسات القتل
وأوباما لم يتخلَّ عن الطموح العسكري الأميركي في الشرق الأوسط؛ بل إنه ومعه هيلاري كلينتون دشنا نوعاً جديداً من الاغتيالات الخارجية -خصوصاً في الدول الإسلامية والعربية – شملت ولأول مرة قتل الأميركيين في الخارج عن طريق استخدام طائرات من دون طيار، وهي كلها سياسات باركتها كلينتون، وهو ما يفسر الدعم الكبير من المحافظين الجدد لهيلاري.
وإصرار اللجنة الديمقراطية العليا -التي تدير شؤون الحزب الديمقراطي- على دعمها، وهي جزء أصيل من النظام الحاكم النخبوي، هو دليل على تجاهل الديمقراطيين للرغبة في التغيير ضمن الديمقراطيين والجمهوريين على حد السواء.
أخطاء الهجوم على ترامب
ويفسر ذلك تردد هذه الأقليات في دعم كلينتون. واذا كان منهم من “عصر على نفسه ليمونة” وانتخب كلينتون، فإن ذلك كان خوفاً من ترامب لا حباً واقتناعاً بالديمقراطيين.
ففي أحد الاستطلاعات يوم التصويت، وجد الاستطلاع أن الأميركيين يخافون من المرشحيْن بشكل متقارب إلى حد بعيد؛ وهو أن ترامب يمثل بعض التغيير، في حين أن كلينتون تمثل استمرارية لسياسة أوباما المترددة والضعيفة والمخادعة للجميع، خاصة للأقليات والشرق الأوسط والدول الإسلامية.
ومن علامات الدور الذي لعبه الديمقراطيون أنفسهم في فوز ترامب، هو أنهم اتهموه بشكل مكثف بأنه يروج للعنصرية، وكراهية الأجانب، والتمييز ضد النساء، في حين أن أوباما والديمقراطيين لهم الميول نفسها ولكن بشكل غير معلن وأكثر حرفية.
حتى إن قادة السود في ولاية فلوريدا المهمة اشتكوا من تجاهل كلينتون لهم قبيل الانتخابات.
أخيراً.. بيع الطبقة الوسطى لشركات الأعمال
وقد لخّص الكاتب الأميركي كريس هيدجز هذه المعضلة حينما كتب في منشورة “تروث ديج” أن كلينتون “تمثل قمة التعامل بمعيارين للنخبة المتعلمة جامعياً ممن يتكلمون بلغة تقرّ بمعاناة الرجال والنساء العاديين ومن يحملون لواء الصحة السياسية ولكنهم في الوقت ذاته يبيعون الفقراء والطبقة العاملة لسلطان الشركات والاعمال”.
والخلاصة الآن في الانتخابات الأميركية، أن الديمقراطيين بقيادة أوباما كانوا أهم سلاح في ترسانة التطرف لدى الرئيس الأميركي المنتخب، رجل الأعمال والبليونير الشعبوي، برتقالي الشعر، ذي السبعين عاماً، الذي يعرف كيفية الإيقاع بالنساء الجميلات، دونالد ترامب.

مزمز


تعليق واحد

  1. انت قاعد تردد زي الببغاء، بس لا اكتر
    نحن هنا عارفين اكتر منك أوباما دا