مقالات متنوعة

من أمرنا رشدا.!


هل يا ترى ندرك جميعنا وقياداتنا السياسية التي تحكمنا منذ الاستقلال ما وصل إليه الحال الآن؟ هل استمعوا إلى السؤال الكبير المطروح في عيون الناس، إلى أين يسير بنا مركب هذا الوطن.. ودون الرجوع إلى كل الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال فترات التاريخ السوداني الحديث والتي بفضل قياداتنا السياسية، فشلت جميعها في أن تُحقق الحد الأدنى من الاتفاق على مسألة وطنية واحدة.

منذ أن أعلن السودان استقلاله، وحتى بعد أن أُعلن فيه استقلال دولة جديدة لا نزال نتسوّل تجربة رشيدة نحتكم إليها، كما لا يزال سياسيونا يدورون حول فلك واحد، لقد أهدروا كل الزمن في الكلام، كثر الكلام وتوقف الفعل تماماً، بل انعدم الفعل للدرجة التي أوصلت عدد أحزابنا السياسية إلى ما يقرب 100 حزب سياسي، كل هذه الضوضاء لم تقدم منجزاً وطنياً مؤقتاً كان أو دائماً… أُبتذل الفعل السياسي وتحولت القضايا إلى نكات سخيفة، وأصبحت الغالبية الساحقة من الأحزاب مجرد لافتات مصنوعة لتحقيق مكاسب هزلية وهزيلة.

هذا الكم الهائل من الأحزاب والواجهات السياسية ليست فقط مشكلتها في أنها عديمة الرؤية أو البرنامج، بل الأسوأ من ذلك، أن هدفها الذي أنشأت من أجله هو التكسب الرخيص والحصول على مشاركة بائسة مع سلطة أدمنت تقديم المناصب في شكل حلول للأزمة..

ويكفي فقط العملية الانتخابية الأخيرة، أحزاب وأسماء وضوضاء ولا برنامج يُذكر.. والنتيجة في آخر الأمر المزيد من تبديد الوقت على حساب هذا الوطن.. جميعنا يرى كل الانهيار يحدث على رأس كل يوم.

تحتاج قياداتنا السياسية والذين هم في السلطة أن تتفق أولاً على أن الوضع انهار، لأن الذي يتضح يوماً بعد يوم، إن الذين يحكمون قبضتهم على السلطة لا يرون ما يراه الآخرون، ويتجلى ذلك في التسجيل الصوتي الذي انتشر مؤخراً خلال اجتماعات مجلس شورى الحزب الحاكم، يتضح تماماً أن السلطة تصاب بالعمى فعلاً، هؤلاء ينكرون ويغالطون الواقع جملة، وأبعد من ذلك، إنهم يرون انتقال الناس من الفقر إلى الرفاهية بمقارنات مجنونة.. الحاجة قبل كل ذلك، إلى أن نوقظ هؤلاء الذين ينظرون إلى الواقع عبر منظار وردي، نحتاج أن نصدمهم بواقع الحال المزري، حتى يدركوا أن الواقع ليس كما يعتقدون.. حقاً، هي نقطة ذات أهمية، أنهم لا يرون ما نرى.. المتغيرات تسير بسرعة فائقة يصعب مواكبتها، والتغيير حتمي ولا ينتظر أحداً!.

شمائل النور
صحيفة التيار