عالمية

فيون.. من هاوي سباق لمرشح محتمل للرئاسة الفرنسية


لم يكد يستيقظ العالم من مفاجأة انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، حتى أتت مفاجأة يمكن تصنيفها من العيار الثقيل أيضاً بتصدر رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون الانتخابات التمهيدية لأحزاب اليمين والوسط في فرنسا وبالتالي ترشحه للدورة الثانية من الانتخابات التمهيدية مع منافسه ألان جوبيه والتي ستحدد مرشح التيار لانتخابات 2017 الرئاسية، وإن كان حجم المفاجأة يختلف بحجم البلد ومدى تأثيره بالعالم ككل، فإن فرنسا تمشي بنفس اتجاه أميركا على ما يبدو، مع فارق كبير بين الشخصين، ففرانسوا فيون، وعلى عكس ترمب، هادئ لا ينفعل بسهولة ولا يلجأ الى الإسفاف ضد خصومه، ويصفه اليساريون بالبورجوازي ويقول أنصار ألان جوبيه إنه تقليدي، محافظ وكاثوليكي.
فيون “الأنيق”
فرانسوا فيون كان رئيس وزراء الرئيس نيكولا ساركوزي على مدى 5 أعوام، وهذا يفسر، ربما، انحياز ساركوزي له بعد خسارته بالانتخابات التمهيدية الأولى، ليعطي صوته لفيون بدلاً من جوبيه.
وتقول بعض الأصوات إن فيون كان مستعدا للانحناء أمام ساركوزي الذي كان يطرح نفسه “كرئيس نشيط وفاعل”.
وفيون عدا عن أناقته المعروفة وهدوئه، فهو يتمتع بحس فكاهي، ويقال إنه يشبه البريطانيين في أناقته وطبعه، وهاوٍ للتسلق وكرة القدم وسباق السيارات، ومتزوج من بريطانية ولديه 5 أولاد.
وتسلم مناصب حكومية عديدة كان آخرها رئاسته للحكومة، وأولها كانت بوزارة التعليم العالي لسنتين، ووزارة الاتصالات والبريد سنتين أيضاً، ومن ثم وزارة الشؤون الاجتماعية والشغل والتضامن سنتين، وأخيراً وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي لعام واحد.

خبر ساخر تحول حقيقة
كتبت صحيفة ليبراسيون اليسارية الفرنسية أمس أن مجرد الحديث قبل أسبوعين عن احتمال فوز فرانسوا فيون في الجولة الأولى بالانتخابات التمهيدية كان مجرد حديث يثير الاستهزاء، خصوصاً وأنه ووفقاً لاستطلاعات الرأي لم يكن فيون مرشحاً للفوز على المرشحين الآخرين وخصوصاً السياسي العتيق ألان جوبيه والرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ولكن فيون كذّب التوقعات وحصل على أكثر من 44% ما أدى لما يشبه الصدمة، مع برنامجه الانتخابي الليبرالي على الصعيد الاقتصادي والمحافظ على الصعيد الاجتماعي.
فرنسا اليمينية
يبدو أن فرنسا تودّع اليسارية شيئاً فشيئاً، وخلال الـ20 عاماً الماضية ازداد حجم اليمين شعبياً، ما يفسر تراجع شعبية ألان جوبيه الذي يعد امتداداً للتيار الذي كان يمثله جاك شيراك “اليمين الاجتماعي”.
ويمثل فيون اليمين المحافظ جداً والمعادي للأجانب إلى درجة قريبة من طروحات اليمين المتطرف.

فيون، ساركوزي، جوبيه

مفاجآت دائمة
لم يستغرب أو يستهجن الكثيرون نجاح فيون من لا شيء، فعدا عن يمينيته، فإنه اقترح إلغاء 500,000 وظيفة عمومية ليوفر على الخزينة مئة مليار يورو خلال خمس سنوات، كما اقترح لهذا الهدف رفع ساعات العمل الأسبوعية إلى 39 بعد أن حددها إصلاح أقرّه الاشتراكيون قبل سنوات بـ35 ساعة فقط.
كما أنه يريد رفع سن التقاعد إلى 65 عاماً بعد أن رفعه ساركوزي إلى 62 عاماً عن السن الذي حدده ميتران بـ60 عاماً، ورغم كل تلك الاقتراحات والطروحات فإن الناخبين اليمينيين صوتوا له.
السياسة الخارجية
يختلف توجه فيون في السياسة الخارجية تماماً عن توجه جوبيه، فالأول يريد تعاوناً استراتيجياً مع روسيا على طريقة ترمب بينما يُذّكِرُه جوبيه بأن حزبهما هو حزب ديغول السيادي الرافض لأي انحياز.
وبينما يرى جوبيه أن إيران تلعب دوراً خطيراً في الشرق الأوسط وأن بشار الأسد يجب أن يرحل عن السلطة يقول فيون إن الطريقة الوحيدة لدحر داعش هي التحالف مع مَن يقاتلها على الأرض وتحديداً الأكراد والجيش العراقي وحزب الله اللبناني والجيش السوري وإن كان يصف نظام الأسد ب”المقيت”.
ويقول فيون “إذا انتصر داعش، سيكون أمام مسيحيي الشرق الموتُ أو حقيبة السفر”.

فيون، جوبيه

صديق بوتين
أعلن فيون عدة مرات أنه سيعيد فتح سفارة فرنسا في دمشق وسيعاود التعامل مع بشار الأسد.
وفيون صديق شخصي لبوتين، وتربطه به علاقة ود وثقة وصداقة حتى أنه يلعب البليار معه ويمضي إجازات معه في منزله الريفي في سوتشي.
ولطالما تحدثت وسائل الإعلام الفرنسية عن علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويعود تاريخ بناء هذه العلاقة بين الطرفين إلى الحقبة التي ترأس فيها فيون الحكومة الفرنسية بين 2007 و2012.
وحسب الصحفي والكاتب الفرنسي نيكولا هينان مؤلف كتاب “فرنسا الروسية”، فإن فيون “مقرب من بوتين” شخصيا، مضيفا أنه دعا في مناسبات إلى رفع الحصار المفروض على موسكو منذ ضمها شبه جزيرة القرم في 2015. ويرى فيون أن “روسيا أقوى دولة في العالم، ندفع بها باستمرار نحو آسيا في وقت لا تشكل فيه أي خطر”، وفق ما جاء في مقابلة له مع القناة الفرنسية الأولى يومين بعد تحقيقه المفاجأة في الدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط.
وفي الحوار الأخير مع المرشحين السبعة قبل فوزه أعلن أنه يحبذ التقارب مع إيران، وانتقد الدبلوماسية الفرنسية الحالية، مطالباً وفق قوله، بـ “إعادة توازن هذه الدبلوماسية التي هي أساس الظاهرة الأصولية في الإسلام”.
وفيون يطالب منذ حوالي سنتين بالتقارب مع إيران و “حزب الله”. وبعض النواب المقربين منه مثل تييري مارياني وفاليري بوايي كانوا زاروا سوريا للقاء الأسد.
ويرى فيون أنه من أجل حماية المسيحيين في سوريا ينبغي الحفاظ على بقاء بشار الأسد. علماً أن منافسه في الانتخابات ألان جوبيه، استغرب كيف يمكن بناء مستقبل سوريا مع رئيس تسبب برحيل نصف السوريين عن بلدهم.

الأوفر حظاً
يتحدث اليوم الكثير من المراقبين عن كون فرانسوا فيون هو الأوفر حظا لتمثيل اليمين والوسط في الانتخابات الرئاسية 2017، نظرا للنتيجة الكبيرة والمفاجئة التي حققها في الدور الأول من الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط الفرنسيين. وجميع برامج فيون هي اليوم موضع بحث لفهم ما يطرحه رئيس الحكومة السابق من إصلاحات بشأن الملفات الشائكة وبينها الهجرة.

العربية نت