منصور الصويم

ابتسامة آسيوية


[JUSTIFY]
ابتسامة آسيوية

يحكى أن انتشار العمالة الآسيوية يكاد يصبح ظاهرة تتفرد بها الدول الخليجية – لاسيما الإمارات وقطر – دون سائر بلدان العالم بقاراته المتعددة وجنسياته المختلفة، فأنت حين تسافر باتجاه الخليج أول ما يلفتك هذه الكثافة للجنسيات الآسيوية؛ كثافة تغطي مرافق الخدمة المدنية كافة بتلك البلاد الجميلة، وهذا التلاقي والتواصل بينك والعمالة الآسيوية يبتدئ بمجرد امتطائك الطائرة المتجهة بك صوب الخليج (الطيران الخليجي)، حيث تصادفك على سلم الطائرة المضيفة الآسيوية (صينية، فليبنية، هندية.. الخ)، تستقبلك وهي ترسم أجمل الابتسامات وبكلمات رقيقة تطلب منك الدخول إلى الطائرة والاستمتاع بـ(خدمادتنا) المريحة والمتطورة، وهنا لابد من ملاحظة أنك ومنذ هذه اللحظة تكاد تفارق لغتك العربية (إن كنت عربياً) لتلج العولمة من بابها اللغوي (الإنجليزية)، حيث أنها ستظل اللغة الوحيدة التي تصادفك في كل مكان لك فيه معاملة أو خدمة أو مجرد تسوق.
قال الراوي: أكثر ما يميز العمالة الآسيوية التي تعمل بدول الخليج ذلك الهدوء (البوذي) المصحوب بتهذيب عالي يجعلك بين كل لحظة وأخرى تتحسس ابتسامتك وتنتقي كلماتك حين تود سؤال أحدهم أو مخاطبته في أي شأن يخصك، كما يمتاز آسيويو العمالة الخليجية بالنظافة والأناقة المفرطة التي تحيلك إلى جمال وبهاء من تحدثه وتدفعك دفعاً إلى تقديره واحترامه أياً كان موقعه الخدمي (مضيفة طائرة أو عامل تنظيف بفندق).
قال الراوي: الانضباط والصبر وقلة الكلام والالتزام بموجهات العمل والنأي بالنفس عن التدخل في ما لا يعنيها صفات أخرى تميز العامل الآسيوي؛ وتجعله مفضلاً على خيارات عمالية أخرى تأتي في مقدمتها العمالة العربية، التي يبدو أنها ما زالت في الأطوار الأولى من (الرقي العمالي)، بحسب ما تعكسه الكثافة العمالة الآسيوية خليجياً، فالنادلة الصينية (مثلاً) قد تظل طوال ساعات النهار واقفة على قدميها ترسم ابتسامتها (الودودة)، وتتقدم بلطف من كل زائر لتسأله بكل التهذيب (البوذي) إن كان يحتاج شيئاً، نهارا بأكلمه تظل واقفة دون شكوى أو ثرثرة أو مجرد محادثة عابرة مع (أبو العيال) بالموبايل.
ختم الراوي، قال: ليس غريباً أن تجد عاملاً هندياً (مثلاً) مهمته تنظيف الغرف وترتيبها وجمع الغسيل وخلافه، ليس غريباً أن تكتشف أن مثل هذا العامل هو خريج إحدى الجامعات الهندية المرموقة، وأنه أحد (الكتاب) الشباب (مثلاً)، وأن كتاباته تنشر على مستوى واسع (بلغته) على الانترنت، وأنه الآن بين حصة نظافة وأخرى يعمل على كتابة مذكراته بمنطقة عمله الخليجي، مستصحباً التاريخ والعادات (المحلية) وطارحاً تجربته الخاصة ساعة (اختلاج).
استدرك الراوي، قال: ابتسامة آسيوية (بهية) قد تزيل عنك كل رهق السفر ومكابدات الغربة.

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي