مقالات متنوعة

هل رهنونا؟


لتمويل زراعة (270) ألف فدان قمح في مشروع الجزيرة رهنت إدارة المشروع أصولاً بقيمة (341) مليون جنيه، ووفقاً لصحيفة (السوداني) الأصول التي تم رهنها هي الأصول الثابتة والمتحركة الموجودة في المشروع، إضافة إلى أصول المشروع من مبان ومخازن في مدينة بورتسودان، مدير مشروع الجزيرة عثمان سمساعة يحاول التطمين، إذ يقول: إن الرهن مسألة إجرائية؛ لتكملة إجراءات التمويل، وألا خوف على أصول المشروع المرهونة للدولة، والبنك الزراعي مملوك لوزارة المالية!.

الرهن ليس مسألة إجرائية- فحسب- فإن فشل الموسم الطبيعي أن يسترد الممول أمواله التي دفعها حتى لو باع المشروع، هذا ما هو معلوم، فكيف يكون الحال إذا ما كان المرهون له، هو الدولة؟.. قبل الحديث عن خطورة رهن أصول المشروع- إن كانت مسألة إجرائية أو نهائية- علينا طرح السؤال هل أرادت السلطة التخلص ممّا تبقى من مشروع الجزيرة؟.

من التناقضات أن تقرأ مع خبر الرهن خبراً آخر منشوراً في (سونا)، يقول الخبر: (يشارك نحو 250 رجل أعمال، وشركة سعودية في ملتقى آفاق وتحديات الاستثمارات السعودية في السودان)، وهذا ليس الملتقى الأول ولا الأخير، ما دام أصبح الفعل الاقتصادي يقتصر على إقامة الملتقيات، والمنتديات، وطرح الأرقام الكبيرة التي تُوهم الناس أن الاقتصاد بخير.

شهر أبريل من العام 2013م عقد ملتقى اقتصادي سوداني سعودي في العاصمة السعودية الرياض، المؤتمر خلص إلى طرح 356 مشروعاً استثماريا بتكلفة تصل إلى 30 مليار دولار، شملت 117 مشروعاً زراعياً، و76 مشروعاً صناعياً، ونحو 147 مشروعاً في قطاع الخدمات الاقتصادية، إضافة إلى 11 مشروعاً في مجالات النفط، وخمسة مشاريع تعدينية، هذه الأرقام طرحها الجانب السوداني للسعودي؛ في محاولة لضخ أكبر عدد من الاستثمارات السعودية في السودان، ولم يحدث شيء.

عام 2011م شارك رجل الأعمال السعودي صالح الكامل في مؤتمر للأمن الغذائي استضافته الخرطوم، الكامل صاحب تجربة استثمار في السودان، قبل أن يسرد معوقات الاستثمار في السودان، قال أمام المؤتمر: إنه شارك في مؤتمر عن معوقات الاستثمار العربي والأجنبي في السودان عام 1992م، وهو يرغب أن يعيد ذات الخطاب الذي ألقاه مطلع التسعينيات؛ لأنه يرى أن شئياً لم يتغير.

حتى متى تعقد المؤتمرات والملتقيات، وتُطرح الأرقام الفلكية من مشروعات، ولا نرى في الواقع ثمراً لكل هذا؟، أظننا في حاجة إلى إعادة مفهوم الاستثمار، الذي يعني لدى السلطة ضخ أموال مقابل بيع، بيع وليس استثمار، فقبل أن نتعرف على معوقات الاستثمار السعودي في السوداني لماذا لا يملك الرأي العام حقيقة العقد الذي مُنحت السعودية بموجبه زراعة مليون فدان لمدة 99 عاماً؟!.

شمائل النور
صحيفة التيار