الصادق الرزيقي

العصيان المدحور


> ألم تر كيف فعل الشعب السوداني بأصحاب العصيان ..؟ لقد أخزاهم وأفشل تدبيرهم وجرَّعهم براميل من الخسران ..! لقد كانت الصورة واضحة من البداية لكل ذي عينين، إن الدعوة البلهاء للعصيان، هي دعوة معزولة، وعمل جبان تخفَّى دُعاته وصُنَّاعه وراء حُجب وسُحب الفضاء الإلكتروني العريض، وجُلهم وراء الحدود، لم يكن لديهم وجود على الأرض، وكلهم كان ظاهرة صوتية راحت في وادي السيليكون وانتهت في أقبيتها وسراديبها الافتراضية، ولم تتبقَ منها إلا الغُصص في الحلوق والحسرات في النفوس واللحظات النحسات التي كانوا فيها يحلمون بتغيير النظام والحكم في السودان بكبسة أزرار على الهواتف الذكية وهم يمتطون أحصنة الجيل الرابع المُطهمة.

> أين ذهبت تلك العنتريات البلقاء؟ . وكيف غابت الخطط التآمرية وآلاف، بل شحنات ملايين الرسائل والأفلام المصورة والأهازيج والأغنيات المصدَّرة من الخارج وكانت على ظهر الأسافير؟ ألم يحسب صناعها أن الشعب السوداني الذي تسامع بها وتابع بعضها وقرأ ما فيها، سيترك أعماله وأشغاله ويلتزم الجميع بيوتهم ، ولا تجدن فردا ًمن أفراد الشعب إلا ملتزما ًبيته موصداً عليه وعلى عياله بابه، ولا طالباً إلا ألقى كتبه ودفاتر درسه وكراساته وغفا نائما ًفي مخدعه ، ولا عاملاً او موظفاً أو سائق حافلة وبص إلا حمد الله وشكره على نعمة العصيان التي أراحته وجعلته قابعاً في انتظار إعلان اللحظة التي تتهاوى فيها صروح الحكم حتى يجيء من أقصى المدنية رجل يسعى ويقول يا قوم ها قد سقطت الإنقاذ ؟!!..

> لقد كانت الساحة مفتوحة على مصراعيها لدعاة العصيان ليفعلوا ما شاءوا ، لم تقطع الحكومة خدمة الإنترنت كما أشاع كبراءهم بالخارج وبعض الناشطين السياسيين، ولم تعلن أن يوم 19 ديسمبر هو يوم عطلة لإفشال عصيانهم ، ولم تنزل قواتها الى الشارع ، ولم نرَ جحافل الجيش والشرطة وقوى الأمن يجوبون الطرقات، تركتهم الحكومة يفعلون ما يريدون بلا تضييق ، كانت تجلس هناك تراقب وتبتسم وإن اضطرت تحدث بعض قادتها حديثا ًسمحاً ساخراً عن دعاوى العصيان المعزول..

> وليس هناك ما هو أكثر إثارة للشفقة، من شعارات المعارضين الناشطين وأصحاب العصيان، وخطبهم التي بلغت عنان الفضاء الإسفيري وهم يقولون لقد حانت لحظة الحسم .. وانتهت .. والـ game over ودقت ساعة النهاية، لقد حشوا الآذان والأسماع بكل ما في قاموس الثورات والانتفاضات وما أنتجه الجنس البشري من هتافات غضوبة عارمة ، لكن سرعان ما ذابت كل نشاطاتهم وأقوالهم وصرخاتهم وتبجحاتهم كفصوص الملح المُذاب في ماء الواقع، فشل العصيان وعصفت به ريح الشعب العاتية ، لقد أعطاهم الشعب وقته، وسمع كل ترهاتهم، تقيأوا كل مراراتهم على ثوبه الناصع، وحلم بعضهم بالمجيء سراعا ًخفافاً عند انتصار عصيانهم المخفوق مع الحلم الدنس بجعل البلاد الطاهرة ساحة للملحدين والسكارى والحالمين بكل خمارة وحانة وملهى ..
> لم يعطهم الشعب السوداني درساً فقط ، بل معها علقة ساخنة تليق بهم، حتى يعرفوا كيف تُصنع الثورات في بلاد الثورات والإباء والشموخ، ولو أراد الشعب السوداني إسقاط حكومته لفعل ذلك بطريقته الناجزة التي علمها شعوب الأرض كافة، لخرج وحده دون إملاء وتضليل، ولقال كلمته وصدره مفتوح لا يتوارى خلف الأستار والأبواب وحوله الحُجّاب ..

> ما حدث من نهار الأمس حتى اليوم ، على ساحة المعارضين، لأمر مذهل .. فريد .. عجيب .. غريب .. لقد أقبل بعضهم على بعض يتلاومون، يتهمون بعضهم بإفشال وإفساد العصيان المقبور، ويتنابذون بالخيانة والاختراق والتجسس والخذلان .. جعل الله كيدهم في نحورهم .. بعد أن ذهبت ريحهم وتفرقوا أيدي سبأ في لحظات هاهم في وادي الصمت المريب كالأشباح يرقصون وقد ثملوا من خمر الفشل على سيمفونية العصيان المدحور. .

الصادق الرزيقي – أما قبل
صحيفة الإنتباهة


‫4 تعليقات

  1. الكاذب المرتزق رجع القروش السرقتها من اتحاد الصحفيين يا حرامي بعدين تعال اتكلم عن العصيان الذي لا تعرف عنه شيء. انت لو رجل صحيح تكلم عن فساد الحكومة التي نصبت نقيب الصحفيين ايها الرعديد الجبان.

  2. نعم فشل العصيان ولكن ليس حبا فى الحكومة ولكن كرها فى المعارضة التعيسة بقيادة جون ماكنرو وأبو هاشم وعرمان وعقار والحلو ومن لف لفهم من حاملى الجزم ولولا هذه المعارضة البائسة لسقطت هذه الحكومة من تلقاء نفسها قبل سنوات ولكن ما دام هؤلاء فى خلفية الاحداث فابشروا بطول سلامة لهذه الحكومة لمدة لاتقل عن ما قضتها فى الحكم او انقراض معارضة الديناصورات وعلى الصادق الرزيقى ان يكون موضوعيا بمطالبة هذه الحكومة بمكافأة هذا الشعب الصابر المحتسب ومحاسبة المفسدين والفاسدين من منسوبى المؤتمر الوطنى الذين يقومون بنهب اموال هذا الشعب على قلته وتوزيعها على مناصريهم والتأدب عند الحديث لهذا الشعب المغلوب على أمره وسيأتى اليوم الذى يذهب فيه الحكومة الى مزبلة التاريخ ولكم فى القذافى وحسنى مبارك وبن على وصدام وغيرهم من الطغاة .

  3. سيأتي اليوم الذي تتنكر فيه لكل ما قلت و ذاك اليوم قريب !! .

  4. أحييك أخي الرزيقي على كشف حقيقة المعارضة البليدة وعلى روح الشماتة والتشفي التي كتبت بها الموضوع وأبشرك أن الحكومة دي قاعدة في نفس الزنادقة ديل لمن تسلمها لعيسى