مزمل ابو القاسم

إدانة بتهمة الإفراط في النجاح


يكفي والي الجزيرة أيلا فخراً أنه يحاكم حالياً بتهمة الإفراط في النجاح، والإمعان في التنمية، والحرص على توجيه المال العام لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
* ما حدث في ولاية الجزيرة قبل أيام يعبر عن حالة انفلات تنظيمي لحزبٍ تعودنا من نوابه في البرلمان القومي والمجالس التشريعية الولائية على الانصياع لكل قرارات القيادة، وتمريرها (بالصفقة) والإجماع السكوتي، بل قبولها حتى ولو لم تعرض عليهم.
* لكن المجلس التشريعي لولاية الجزيرة اختار أن يشذ عن تلك القاعدة، ليدخل في مواجهة مفتوحة مع والي الولاية، ويسقط خطابه، بعد أن أشبعه تقريعاً، ووصفه بالميت الذي يستحق الدفن!

* لم يدفنوا خطاب الوالي يومها، بقدر ما قبروا مصداقيتهم، ووأدوا احترام ناخبيهم لهم، ووضعوا مجلسهم وحزبهم وأنفسهم في أصعب محك.
* فعلوا ذلك بعد أن أطنب الرئيس في الإشادة بالوالي الناجح، وأكد بقاءه في منصبه، وبعد أن أجاز المجلس التقارير المقدمة من كل وزراء حكومة أيلا، مما يعني إجازة خطاب رئيس الحكومة ضمنياً، لكن فقه (فش الغبينة) ساد في خاتمة المطاف، ليعبر عن حالة (مكاجرة) غريبة، تستهدف إفشال حاكمٍ ناجح، تشهد على كفاءته خمسون مشروعاً تم تنفيذها في وقتٍ قياسيٍ، ولم ير فيها من رفضوا إجازة الخطاب شفيعاً لمن فجر أكبر ثورة تنمية في تاريخ الجزيرة.
* تسعة ولاة سبقوا أيلا في التربع على حكم الولاية، ولم ير منهم مواطنو الجزيرة معشار ما شهدوه في العهد الحالي من عمل كبير، وتنمية ضخمة، حوت رصفاً للطرق، وتشييداً للمدارس وإعادة تأهيل الموجود منها، وعنايةً بملاعب وساحات الشباب، وتحسيناً لخدمات المياه، بخلاف ما تم من عملٍ مدهش في ملف النظافة.

* لم يعان من سبقوا الوالي الحالي على كراسي الحكم من معارضة المجلس التشريعي لبرامجهم ومشاريعهم، مع أنهم لم ينجزوا شيئاً يذكر، بالمقارنة مع ما فعله خَلَفهم خلال عامين من العمل المتقن.
* قفل أيلا (البلف) وأوقف (نقاطة) المشاريع الوهمية، و(درش) رموز الفساد، وحظر الامتيازات التي يتمتع بها من يشغلون عدة وظائف في وقتٍ واحد، ووجه كل إيرادات الولاية للتنمية والخدمات، وعظّم حرمة المال العام، واستجلب دعماً مقدراً لصندوق التنمية من المركز، وفجر طاقات مجتمع الجزيرة، وأشرك مواطنيها في إدارة المشاريع التي تستهدف تطوير مناطقهم، فأيدوه وهتفوا له، واصطفوا خلفه، حين حاربه من يفترض فيهم أن يكونوا له نعم العون والسند.
* الجميل في الأمر أن أيلا متعود على خوض مثل تلك المعارك، بدليل أنه واجهها إبان عمله في ولاية البحر الأحمر، وخرج منها ظافراً وموصوماً بالنجاح، لذلك لا نخشى عليه مما يحدث له حالياً، بقدر ما نخشى على الجزيرة من أن تفقد من وجدت فيه ضالتها، ورأت فيه منقذا لها، ومفجراً لنهضتها بعد دهور من التخلف والفشل والفساد.

* نتوقع من قيادة الدولة أن تسارع إلى رتق الفتق الذي اتسع في أرض المحنَّة بأمر أعداء النجاح، وتفرض هيبتها، وتوقف حزب أعداء النجاح عند حده قبل أن يعيد الولاية إلى عهود الفشل والتخلف والفساد.

مزمل ابوالقاسم – للعطر افتضاح
صحيفة اليوم التالي