مقالات متنوعة

وقفة شَعبيَّة ..!


«لا تشن الشعوب حروباً فالحكومات هي التي تفعل ذلك» .. رونالد ريجان ..!
قبيل إحدى قمم العشرين الماضية انتقد الرئيس الروسي العقوبات الأمريكية على بلاده، واتهم أمريكا والغرب عموماً بتقويض أداء المؤسسات التجارية الدولية بسبب تلك العقوبات التي تضر باقتصاد العالم أجمع .. وهو لم يهتم بإثارة مسألة العقوبات خلال القمة،لأنه لا طائل من ذلك .. فالحكاية في أصلها وفصلهاحزمة مواقف اقتصادية مفروضة على بلاده،عشماً في أن تُغِّير بعضمواقفها السياسية ..لكنه أكد – يومها – أن بلاده مدججة بالاحتياطات الوفيرة اللازمة لإدارة الأزمة .. «قادر الله» ..!

أما نحن في السودان فلنا الله وحده .. أما «عيشة السوق» فتشهد ـ في نفسها ـ تعثراً محلياً بسبب تدابيرنا المصرفيةالتي تتفوق نتائجها الكارثية ـ أحياناً ـ على مقاصد الحصار الاقتصادي ..!فالمغترب ـ مغترب الله والرسول! ـ في معظم دول العالم، هو مورداقتصادي مرموق، ليس بمشاريعه أو استثماراته، بل بمدخراته فقط، فتحويلاته المالية تعد سبباً مهماً في توفير النقد الأجنبي لبلاده .. إلا في هذا السودان ..!
أكبر الاقتصادات التي تأسست في أوروبا ـ بعد قيام الحرب العالمية الثانية ـ قامت على أكتاف الإدخار، ولكن مدخراتالمغتربين وتحويلات المهاجرينمن أبناء السودان ظلتخارج مسار نظامه المصرفي لأسباب عصيَّة، لا يعلملها أسباباً موضوعية إلا الله حده .. وحتى سياسة «تشتيت السكر» التي اتهجتها الدولة مؤخراً لم تؤت أكلها كما يجب والسبب أزمة الثقة الأزلية بين المغترب وأجهزة الدولة ..!

والنتيجة أن قطاع المغتربين ظل يشهد (بفعل سياسات القائمين على شئون وشجون الاقتصاد)موتاًإكلينيكياً إلى أجل غير مسمى،وعليه فمن الممكن لأي مغتربسوداني أن يقول ـ دون أن يطرف له جفن! ـ إن السياسات الاقتصاديةفي بلاده هي أول وأولى أسباب تعاظم اغترابه وتفاقم هجرته ..!
ولأن معيار الخطأ والصواب وفكرة الحق والواجب بين الدول تختلفان بتباين زوايا النَّظر إلى مفهوم العدل والظلم، ولأن المصلحة العليا بمعناها السياسي مقدمة على كل شيء .. ولأنه .. ولأنه .. هالك دعوة موجهة إلى ولاة الأمر إلى تفعيل اقتراح ثمين مصدره شاهد من أهلهم (أحد الدبلوماسيين الأوروبيين المقيمين في السودان) ..!

الشاهد إياه أشار على بعض السياسيين في بلادنا، بأن تتم مقاضاة البنوك الأجنبية التي تحرم عملاءها السودانيين ـ في كل أنحاء العالم ـ من تحويل أموالهم إلى السودان قانونياً ..ذلك أنها تفعل ذلك بدوافع ساسية، وليس في التشريعات الدولية قوانين تمنع البنوك الأوروبية من تحويل أموال المهاجرين أو المغتربين السودانيين إلى بلادهم ..!
وعليه فلماذا لا يتكون كيان شعبي من أبناء السودان (جهابذة المحامين السودانيين الدوليين الذين يملأ صيتهم القانوني الحَسَن أرجاء الدنيا، وخيرة أبناء السودان المقيمين في أوروبامن أصحاب المهن والمناصب الرفيعة) بتدبيج دعاوى قضائية فردية، متتابعة، متلاحقة، متلاحمة،متضافرة، ضدسياسات بنوك العالم الأول ..؟!
من يدري؟! .. قد تفلح المواقف الشعبية فيما أخفقت فيه السياسات .. والعبرة ـ عموماً ـ بنجاح المقاصد ..!

هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة