سياسية

القائم بالأعمال الأمريكي حذر من “انقلاب ترامب”


بات في مقدور الخرطوم تسيير قطاراتها وطائراتها المتوقفة جراء الحصار الاقتصادي المفروض عليها منذ تسعينيات القرن المنصرم. وقالت سفارة واشنطون في الخرطوم، بإمكانية السودان ابتداءً من اليوم (الثلاثاء) استجلاب قطع الغيار التي من شأنها صيانة أساطيله المتوقفة، ما يعني أن حكومة الخرطوم ذات الصبغة الإسلامية يمكنها التغني بعد عقدين من الزمان بكلمات شاعر اليسار، الراحل محجوب شريف: (سكة حديد تهز وترز)، بعدما كانت تتغني بأهازيج ذات طابع حماسي لا تخلو من عداء معلن وغير منكور لأمريكا، من شاكلة “الأمريكان ليكم تدرّبنا”.. وأمريكا روسيا قد دنا عذابها”.
وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، يوم (الجمعة) رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ العام 1997م، وذلك قبيل أيام فقط من مغادرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما البيت الأبيض، مفسحاً أكبر القلاع السياسية لسلفه المثير للجدل دونالد ترامب، الذي كان فوزه أمراً مربكاً وغير متوقع حتى لاستطلاعات الرأي الأمريكية.
ارتياح
وكان القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم، استيفن كوتسيس، عبر عن ارتياحه من التقدم الذي أحرزه السودان في عدة مستويات على رأسها مكافحة الإرهاب في المنطقة عن طريق الحيلولة دون تسلل العناصر الإرهابية من وإلى داخل العمق الليبي.
واستدل كوتسيس على ذلك بتوقيف السلطات السودانية لمعز الفزاني، أحد أهم عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بعد تسلله إلى الخرطوم، معتبراً الخطوة بأنها إيجابية بيد أن السفير عاد وقال في مؤتمر صحفي، بمقر السفارة الأمريكية، بضاحية سوبا شرقي الخرطوم، يوم (الإثنين): (هذا الأمر لا يعني وجود تعاون عسكري بين الدولتين).
مساعدات
تعهد كوتسيس بدعم السودان، وقال إن الولايات المتحدة الأمريكية ستظل تدعم السودان وتقدم المزيد من المساعدات الإنسانية في دارفور والمنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان)، وفي الصدد نوه إلى لقاء المبعوث الأمريكي دونالد بوث خلال الساعات القادمة مع الحركات الحاملة للسلاح في العاصمة الفرنسية باريس، وأضاف: سوف تقوم الولايات المتحدة بالضغط على كافة الأطراف (الحكومة والمعارضة) للوصول إلى السلام. كاشفاً عن لعب بلاده دور الوسيط في توصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب، من خلال الدفع بمقترح يسمح بذلك، وقال إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر من أكبر الداعمين للعمل الإنساني في السودان.
بلا حدود
وأبان كوتسيس أن الرخصة العامة التي أعطيت للسودان، تتيح له فرصة استقطاب الاستثمارات والشركات الأمريكية، حيث أن القرار منح السودان أحقية التحويلات المالية، ورفع الأرصدة المجمدة عنه بحلول يوم (الثلاثاء)، كاشفاً عن رفع تقرير من وزير الخزانة الأمريكية ومسؤول المعونة ورئيس المخابرات خلال فترة ستة أشهر القادمة بشأن السودان فيما يتعلق بالتزامه بمجمل المسارات المتفق عليها وتشمل (التعاون في مكافحة الإرهاب، وجيش الرب، توفير الأمن والاستقرار بدارفور والمنطقتين، الاشتراك في إحلال السلام بجنوب السودان) متوقعاً أن يمضي السودان بذات الوتيرة في ملفات التعاون بالرغم من تنويهه إلى أحقية الرئيس دونالد ترامب في إلغاء ما تم التوافق عليه بطريقة قانونية.
وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت أمس الأول تمديد وقف إطلاق النار في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان لستة أشهر، وذلك استباقًا للعتبة المحددة بنصف عام والتي وضعتها الإدارة الأمريكية لاختبار جدية وصدقية الحكومة السودانية في حيازة الإعفاء الكامل من الحظر الأمريكي. ويبدو أن الحكومة أرادت أن تقدم نفسها في صورة الحادب على تجاوز عقبة الستة أشهر المقبلة، وصولاً إلى رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان كلياً.
ومع هذه الكوابح، نوه القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم استيفن كوتسيس بأنه أمام السودان فرصة لإنجاز ملفات السلام والتعاون بين البلدين، مشيراً إلى أن الخطوات الفعلية للحوار بين (الخرطوم، واشنطون) بدأت في أعقاب زيارة وزير الخارجية بروفيسر إبراهيم غندور للولايات المتحدة في العام 2015م ببحث متطلبات رفع هذه العقوبات. مشيراً إلى أن السلام يعتبر الطريق الأمثل للانتقال بعلاقة البلدين من محطة التشنج وتبادل الاتهامات إلى مرحلة الانطلاق.
وحاز وزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور على النصيب الوافر في الإطراء، بعدما سطع اسمه في سماء الدبلوماسية السودانية، مستفيداً من حالة القبول التي يتمتع بها لدى الأطراف السودانية، والأسرة الدولية، مقارنة مع صقور المؤتمر الوطني، لدرجة أن بعض وسائل التواصل الاجتماعي نشطت لإنصاف الرجل من خلال هاشتاق (شكراــ غندور) الذي ظهر لأول مرة في قروب “نادي الزوارق”، في تطبيق التراسل الفوري “واتساب” قبل أن ينتشر في مواقع ووسائط أخرى.
وفيما يبدو أنه أمر متصل بمهلة (180) يوماً شدد كوتسيس على ضرورة إنفاذ المسائل الملحة (حد تعبيره) وتتصل بقضايا (العدالة والمحاسبة، حقوق الإنسان، وفتح الفضاء السياسي، دعم الديمقراطية، فضلاً عن مخاطبة الصراع في دارفور).
خارج التغطية
وقطع القائم بالأعمال الأمريكي، استيفن كوتسيس، بأن القرار التنفيذي الصادر من الرئيس أوباما لا يشمل المبيعات العسكرية. واختتم بالإجابة على تساؤل يتصل بأسباب تأخر القرار الأمريكي لمدة عشرين عاماً بالقول إن الوقت الحالي شهد تحسن الأوضاع بالسودان، بما في ذلك الأوضاع الأنسانية، وقال: (لدينا مصالح من ذلك).
وفي المقابل لفت مسؤول المعونة الأمريكية بالسودان، جبري أشيلي، إلى مخاوف الحكومة من استغلال الحركة الشعبية المعارضة للمساعدات الإنسانية في تهريب السلاح إلى مقاتليها، وقال إنها أسهمت في حدوث تأخير في الملف الإنساني وقال: الولايات المتحدة الأمريكية كانت وما تزال مهتمة بالتعاون مع الخرطوم من أجل تحسين الأوضاع الإنسانية.

الصيحة