مقالات متنوعة

الأقطان ..لم يُسدل الستار بعد !!


من القضايا التي أثارت جدلاً واسعاً قضية فساد شركة الأقطان، وكانت هذه القضية في كل مرحلة من مراحلها تأخذ منحى أكثر إثارة ودرامية فهي كالمُسلسل الذي به أكثر من ذروة (climax)، في كل مرة يعتقد مشاهديه بأنه وصل إلى نهاياته ليتفاجأوا بدوامة صراع جديدة تبشر ببعد أجل الحلقة الأخيرة.

منذ لحظات الكشف الأولى عن الوثائق والتداعيات التي لازمتها وحتى تقرير المراجع العام الذي كشف المثير من الأرقام والتفاصيل التي أدهشت المراقبين، مروراً بالتحكيم، وحتى قرار المحكمة مازال البعض يعتقد أن هنالك طلاسماً من هذه القضية لم يحل لغزها بعد، وأن جهات أخرى وشخصيات ضالعة، لكن العقوبة إقتصرت على البعض بحكم المسؤولية.

وبالمقارنة مع قضايا أخرى تجد أن الحزب الحاكم تعامل مع منسوبيه في هذه القضية بشكل مختلف لا يخلو من الجفوة، ففي الوقت الذي سارع فيه وزير المالية بدرالدين محمود للإدلاء بشهادته في قضية نائب أمين المؤتمر الوطني ومدير تلفزيون السودان الأسبق (القناة الطاهرة) وكانت بمثابة الدليل على براءته، لم يهتم كثيراً بالشهادة في قضية الأقطان، بالرغم من أن تقرير المراجع العام أشار بوضوح لتزوير نائب محافظ بنك السودان (بدرالدين محمود) وقتها ، في كراسة العطاءات المتعلقة بشركة الأقطان صراحة، ولكنه بخل على المحكمة بشهادته ولم يُحاكم، بل تمت محاكمة الدكتور عابدين ومحي الدين وآخرين وقفلت القضية بعد تنفيذ الحكم .

وتبقى أيضاً المفارقة واضحة بين مقارنة هذه القضية وقضية مكتب والي الخرطوم السابق والتلاعب في أراضي الولاية والتي تمت تسويتها بـ(التحلل) رغم البيات الواضحة التي تشير الى الفساد، ليعود الموظفين المنتمين للحزب الحاكم الى وظائفهم بعد أن (تحللوا) من جزء ما اغتصبوه، فيما نال الدكتور عابدين ورفيقه محي الدين جزاء سنمار لأن الحركة الإسلامية لم تقف معهم في ورطتهم وتركتهم يتحملون وزرها وضحية تؤكد للرأي العام أن لا أحد فوق العدالة، هذه الحادثة هي الثالثة من نوعها والأولى وقعت في عشرية الإنقاذ الأولى عندما دفع بأمين الجبهة الاسلامية في نهاية الثمانينات ومحافظ القلابات بعد التمكين الاستاذ علي النحيلة الى المحكمة بعد إتهامه بتجاوزات مالية، أشار مقربين منه أنه تبرع بها لصالح مكتب تنظيمي مركزي يصعب الافصاح عنه لسريته.

ويبقى السؤال هل إستأثر عابدين ومحي الدين بكل الأموال الخاصة بشركة الأقطان لوحدهما أم أن هناك جهات أخرى وشخصيات نافذة صعب عليهم البوح بها، (وأكلوها قرض)، وهاهي المحكمة العليا تصدر حكماً بالغاء الأحكام التي صدرت ضدهما وهذا يعني مقدمة البراءة.
كثيرة هي القضايا التي تحتاج (لنبش) والمتعلقة بالهبات والتبرعات التي تقوم بها مؤسسات لصالح جهات تنظيمة تتبع للحزب الحاكم أو رسمية، مثلاً تبرع ديوان الزكاة لقناة لا وجود لها إسمها (ضحى) بـ(50) ألف دولار، وحتى الآن لا يعرف أحد أين ذهبت هذه الأموال وعلى ذلك قس.
طال الزمان أو قصر ستتكشف فضائح جديدة في قضية الأقطان وإن أنهى القضاء فصولها، سُيفتح الستار مرة أخرى وغداً لناظره قريب.

الصباح الجديد – أشرف عبدالعزيز
صحيفة الجريدة