منوعات

الفنانون وتقديم البرامج: هل تكون شيرين آخرهم؟


تراهن شركات الإنتاج وعدد كبير من محطات التلفزة في العالم العربي على استثمار نجوم الغناء في البرامج التلفزيونية، في وقت لم يعد بالإمكان إلا الاستعانة بنجوم الغناء أو الممثلين في إنتاج عصري يُقال إنه مطلوب من قبل المتابعين.
قرابة عشرين عاماً، وبعد الانفتاح الفضائي العربي، أصبحت المادة الفنيّة الأساس في الخروج ببرامج جديدة، لجذب المُشاهد.
في التسعينيات، ومع دخول قنوات روتانا وأوربت، وART، وبعدها جاءت MBC عالم الانفتاح الكبير، تحوّلت البرامج الفنية إلى وجبة رئيسية على الفضائيات، الأمر الذي دفع بعض القنوات المحلية في لبنان، ومصر، ودول الخليج العربي، أيضاً، للتفكير جدياً في المنافسة وكسب المُشاهد نفسه، وكلما تقدمت القنوات المحلية في عرض جديدها رفعت المحطات الخليجية سقف التنافس، والذي أصبح مفتوحاً.
لم يعد بمقدور شركة “روتانا” السعودية، بعد أكثر من عشر سنوات على تعزيز هذا النوع من البرامج المُنوعة المُكلفة، بدأتها منتصف التسعينيات، الاستمرار في تقديم نفس الإنتاج، بسبب الأزمة الاقتصادية العامة التي شهدها العالم منذ عام 2008. هكذا خسرت روتانا قواعد أساسية من جمهورها، وتحولت قناة روتانا موسيقى إلى قناة عرض، خاصة بالأغنيات المُصورة (فيديو كليب) فقط. وغابت معظم البرامج التي أغنت الشاشة السعودية وشهدت على فرادتها، وهذا ما فتح الباب أمام منافس جيد، هو MBC السعودية أيضاً. شبكة “أم بي سي” واجهت “روتانا” وفهمت اللعبة التلفزيونية بشكل كبير، وحضرّت جيداً لتقديم وجبة من البرامج التي تستّغل النجوم وتُعنى بالمواهب الخاصة في العالم العربي.
بعد خمسة مواسم من “سوبر ستار” الذي قدمه تلفزيون “المستقبل” اللبناني بداية القرن الحالي، اتجهت البوصلة إلى “سوبر ستار” جديد، بمُسمى آخر، “أراب آيدول” الذي يعرض حالياً بجزء رابع على فضائية MBC. شكل البرنامح مادة جذابة للناس، والمتابعين، بفعل وحضور النجوم الموجودين ضمن لجنة تحكيم البرنامج، وفتح شهية باقي المحطات على الاستعانة بالنجوم في برامج أخرى مشابهة. فكان “اكس فاكتور” و”صوت الحياة” و”كاستينغ العرب” و”نجم الخليج” و”ذا فويس” وصولاً إلى “شكلك مش غريب” و”نجم الكوميديا” و”جيل جديد”، كل هذه المُسميّات جاءت لقناعة المحطات بأن مشاركة النجوم في البرامج تدفع إلى النجاح.
لكن ذلك لم يقتصر على برامج “مستوردة” أو خاصة بالمواهب في العالم العربي، بل فتح شهية المنتجين على الاستعانة ببعض النجوم في تقديم برامج خاصة، وتحول الفنان إلى مغنٍ، أو ممثل، ومقدم في وقت واحد.
لعل تجربة الفنانة السورية أصالة نصري تعتبر الأقوى في هذا الاطار، لثلاثة مواسم قدمت نصري “صولا” واستطاعت من جلسة بيتية، أن ترسم صورة جيدة عن الفنانة المحاورة، دون تكلف، ولا إعداد يعتمد على شاشة القراءة النص أو الأسئلة. من دون شك فإن تفرّد أصالة في الرؤية والهروب بالبرنامج والاعتماد على التقليدية زادا من شكل المنافسة عند البعض، فاستعانت MBC بالفنانة التونسية لطيفة لتقديم برنامج “يلا نغني” الذي لم يحقق النجاح المطلوب، وكذلك محاولة المطربة اليمنية أروى في تقديم مجموعة من البرامج المنوّعة.
اليوم، تعاود بعض المحطات العربية فكرة توظيف الفنانين لتقديم برامج فنيّة خاصة، آخر هؤلاء، دخول الفنانة المصرية شيرين نادي التقديم التلفزيوني، بعد ثلاثة مواسم من مشاركتها في برنامج “ذا فويس” وإسهامها إلى جانب الفنانين كاظم الساهر وصابر الرباعي وعاصي الحلاني، في حصاد ونجاح “أجمل صوت”، وتخريج مجموعة جيدة من المواهب في العالم العربي وتحويلهم إلى مغنين محترفين، اتجهت إلى برنامج خاص تقدمه وحدها على فضائية DMC المصرية.
في الحلقة الأولى من برنامج “شيري استديو” اعترفت شيرين عبد الوهاب بأنها مذيعة فاشلة، الواضح أن المحطة وظّفت شيرين لصالح جذب المشاهدين المعجبين (جمهورها)، أكثر منه مقدمة برامج، وهي، أي شيرين، بعيدة جداً عن هذا المجال، ومن الحلقة الأولى وقعت وأوقعت المشاهد في فخ “البهرجة” والمؤثرات التقنية التي برأي المنتجين تساعد على مشاهدته، من دون الاعتناء بالمُحتوى العام، إن من جهة الأسئلة التي بَينت عن عفوية عادية لا تستند إلى خلفية خاصة بسيرة الضيوف الفنية، والمبارزة في حوار يسعى إلى هدف، ولو أن إطار البرنامج ترفيهي غنائي.

لم يقتصر الأمر على شيرين عبد الوهاب التي تحولت إلى مقدمة على المحطة المصرية الجديدة، فمجموعة أخرى من الفنانين تحولوا إلى مقدمين، ومنهم بعض الممثلين، بعيداً عن المسلسلات التي يشاركون فيها. التجربة الأولى لمكسيم خليل وأياد نصار وشريف سلامة بينّت عن ثقافة جيدة يتمتّع بها هؤلاء في “قعدة رجالة” في حوار بسيط، ربما أفضل قليلاً من حال شيرين في صياغة أو طرح النقاشات والأسئلة على ضيوفها. يتمتع الممثلون الثلاثة بثقافة جيدة، تمهد لفتح حوار مع ضيفة هي على الأرجح “الندّ” تجلس أمامهم، وعليها الردّ على كافة تساؤلات، جلسة حوارية جيدة، قريبة جداً من تطلعات وأفكار شباب اليوم، وبعض الهواجس التي تسكن هؤلاء، وخصوصاً أن لمكسيم خليل وأياد نصار وشريف سلامة جمهوراً كبيراً في العالم العربي، وحضوراً في الدراما التلفزيونية خلال السنوات الأخيرة، وقد يسمح الجمهور لهم بالكشف عن الوجه الآخر للتعبير، في حوار بعيد عن القيود.

مجلة الرجل