حوارات ولقاءات

ستيفن كوتسيس القائم بالاعمال الأمريكي في السودان.. مقابلة حصرية


رُفعت العقوبات نتيجة لإنخراطنا في مباحثات و اتفاقيات ثنائية

وإحراز السودان تقدماً هائلاً للإيفاء بشروط رفع العقوبات.. ولا استطيع ان أصف سعادتي رفع العقوبات.

كانت العقوبات على السودان معقدة للغاية ورفعها يتطلب خطوات متتالية وقد يأخذ ذلك زمناً

سنستمر بالضغط علي المعارضة بالانضمام إلى  خارطة الطريق

العديد من الدول الذين شجعونا بإعادة النظر في سياستنا تجاه السودان

التعاون في مجال الاستخبارات عن طريق أجهزة الأمن  المختلفة يمكن و يجب أن يستمر

ندعو السودان  بالعمل بطريقة متعددة الأطراف مع قضايا جواره الإقليمي

لدينا مقترحات بخصوص توصيل المساعدات الإنسانية بالمنطقتين.. وواشنطون ستقوم بهذا الدور

للحكومة حق الرد على أي هجوم قد يحدث دفاعاً عن النفس فقط

 

قبل أسبوع من مغادرته البيت الأبيض، وقع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما علي الأمر التنفيذي برفع العقوبات الإقتصادية المفروضة على السودان منذ 1997. رفع العقوبات سيمّكن  السودان من إستئناف معاملاته التجارية و الاستثمارية مع الدول الأخرى.  

أعلن البيت الأبيض عن قرار رفع العقوبات كجزء من اتفاق  من خمسة مسارات. فلقد انخرط اوباما في مباحثات لمدة ستة أشهر مع حكومة السودان توصل من خلالها إلى قرار رفع العقوبات عن السودان.  في 12 يوليو من عام 2016 أكدت العديد من الوكالات الأمريكية للبيت الأبيض الذي يترأسه الرئيس المنتخب دونالد ترامب أن السودان يواصل في أعماله الايجابية وهذا ما أدى إلى الرفع الجزئي للعقوبات. و قد أشار اوباما في رسالة إلى الكونغرس نشرها البيت الأبيض أن هنالك “تراجع ملحوظ في الأنشطة العسكرية توجت بتعهد بالإبقاء على وقف القتال، والى جهود لتحسين عمل المنظمات الإنسانية في البلاد. كما أشار إلى تعاون الخرطوم مع واشنطن في “التعامل مع النزاعات الإقليمية والتهديد الإرهابي”.

ولفهم المزيد من  الآثار المترتبة على هذه الخطوة، والتحول في السياسة، حصل المركز السوداني للخدمات الصحفية على فرصة لقاء بالقائم بالأعمال الأمريكي استيف كوتسيس في السفارة الأمريكية بالخرطوم، فإلى مضابط الحوار:

شكرا لك لإعطائنا هذه الفرصة لمقابلة سعادتكم… في بادئ الأمر دعنا نتحدث عن الدور الذي لعبته السفارة .. التحول الأخير في العلاقات والتحول السياسي في السودان، خاصة وأن المبعوث الأمريكي الأسبق }جيرارلد غالوشي{ كان قد انتقد سياسة واشنطن تجاه السودان ؟

مرحبا بكم في السفارة الأمريكية، و نحن سعداء بوجودنا معكم، إن المباحثات التي انخرطت بها كل من حكومتي السودان والولايات المتحدة منذ يونيو الماضي من العام 2016 لعبت فيها السفارة الامريكية دوراً بارزاً، فلقد كانت “المُحاوِر” بين الحكومتين، فلقد عقدت سلسلة من الاجتماعات لكلا الجانبين، وقد أتي مسؤولون من واشنطن ووفد من السفارة وكنتُ ضمنهم وذلك لمناقشة سير رفع العقوبات عن السودان. و كما أشار زميلي سابقاً فإننا نرغب في وضع نهج جديد بشأن العقوبات لا إنتقاد السياسات.

هل تعتقد أن السودان فعلاً أحرز تقدماً هاماً ليستحق رفع العقوبات عنه، خاصة ان هناك تدخلات غربية تحاول إنتقاد الخطوة التي قامت بها الولايات المتحدة بشأن السودان، فما رأيك بذلك و ماذا تود أن تقول لهم؟

لقد تلقيت بعض الانتقادات ولكن من جهه أخرى وجدت دعماً كبيراً لمواجهة تلك الانتقادات، و كما نقول دائماً، رُفعت العقوبات عن السودان لينعم بالسلام الداخلي و مع جواره.

عندما سأل الوزير إبراهيم غندور حكومتنا عن طريق وزير الخارجية الامريكي  ما الذي يعنيه هذا تحديداً فالسودان ينعم بالسلام فعلاً، وضعنا خطة عمل ليحصل السودان على السلام بقدر الإمكان، وأدركنا أنه بالنظر إلى الجدول الزمني لحكومة الولايات المتحدة، كنا بحاجة إلى فترة ستة أشهر قبل رفع العقوبات، عندها فرضنا بعض الشروط التي يجب تنفيذها في سبيل رفع العقوبات. و في الحقيقة لقد أحرزوا تقدماً هائلاً للإيفاء بهذه الشروط الخمس التي طلبت منهم، هل كان ذلك كافياً؟ لا ، ولذلك رفعنا العقوبات لفترة ستة أشهر فقط  فترة إعَادَة النَّظَرَ في الرفع الكلي للعقوبات ابتداء من الآن و يتبعها استعراض سنوي، و لكننا متأكدون من أن حكومة السودان قد فهمت المغزي، وهو أن تصير أمة واحدة تنعم بالسلام.

قد يحدث الكثير في هذه الأشهر الست. هنالك بعض المخاوف من أن سياسة الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد لا تتماشي مع سياسة اوباما، و قد تطرأ بعض التغيرات … ما تعليقك علي ذلك؟

من المؤكد أن الإدارة الجديدة لديها السلطة القانونية لفعل ما تريد، يمكنها أن تجعل الأمر أكثر تقييداً ​​لكنها أيضا قد تأخذ هذا كنقطة إنطلاق لتطبيع العلاقات. ولا استطيع أن أتحدث في هذا الأمر حالياً.. ولكن ذلك يعتمد على موقف حكومة السودان خلال الأشهر الست القادمة. فإذا استمروا في نهجهم الحالي، فإنهم سيحصلوا على إستحسان الإدارة الجديدة.

 متي سيجري تعميم الأمر التنفيذي ضمن القوانين والأنظمة في الولايات المتحدة؟ أي نوع من التعاون هل ترى في المستقبل؟

في الواقع جري تنفيذ هذا أمر إلغاء العقوبات  ابتداء من يوم [الثلاثاء]، لقد صدر ترخيص عام  من قبل وزارة المالية بتنفيذ القرار إعتبارا من الثلاثاء،  فالأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس اوباما سيلغي اثنين من الأوامر التنفيذية التي تشكل أساس هذا الترخيص العام في ستة أشهر والتي ستصبح دائمة، ولكن في الواقع لا يوجد فرق حقيقي في الواقع بين الآن بعد وستة أشهر، على مدى السنوات العشرين الماضية كانت العقوبات على السودان علي مستويات في مختلف القوانين وهي معقدة للغاية ولقد أمتدت خلال  العديد من الأعمال المختلفة من الكونغرس والعديد من الإجراءات التنفيذية المختلفة ولذلك يتوجب حلها واحدا تلو الآخر، و قد يأخذ ذلك زمناً.

لقد كان هذا القرار مفاجئاً نوعاً ما للعديد من رجال الأعمال والمستثمرين السودانيين الذين ليسوا متأكدين من كيفية الاستفادة منها…كيف يمكن لحكومة الولايات المتحدة خلال الأشهر الستة المقبلة مساعدة الحكومة السودانية ورجال الأعمال في التكيف مع هذه التغييرات؟

فعلاً لقد كان مفاجئاً. لقد رفعنا القيود القانونية للشركات ولكن يجب عليهم اتخاذ قراراتهم بناء على المخاطر التي قد تواجههم و ما الذي سيجنونه، ولكن ما نستطيع أن نفعله أو ما سيسمح به لنا ذلك الأمر التنفيذي هو التحدث إلي الشركات  ورجال الأعمال لتشجيع الصادرات من الولايات المتحدة إلى السودان، وسنواصل جهودنا كما في الماضي  أن نشرح للبنوك ما هو جائز وفقاً للقانون، وهذا الأمر متروك للبنوك و الشركات لتحديد خططها الخاصة.

السودان غني بموارده الطبيعية كما إنه يتميز بموقع إستراتيجي، وهناك فرص غير مستغلة في الزراعة وغيرها، ما هي المجالات التي ستهتم بها الولايات المتحدة للاستثمار في السودان ؟

هذا الأمر تقرره الشركات الأمريكية، فالاقتصاد الأمريكي نظاماً ثابتاً كما في بعض الدول ولا مركزياً كما في أخرى، فكل ما نفعله هو تشجيع المستثمرين و لديهم الخيار في أي مجال يودون الاستثمار فيه ولكن أعتقد أن مجال الزراعة هو ليس المجال الوحيد الذي لم تستثمر فيه الولايات المتحدة ولكن قد ترغب بعض الشركات في الإستثمار فيه.

دعنا نرجع لقرار رفع العقوبات، هل لعبت أي من الدول الإقليمية دوراً في سبيل رفع العقوبات عن السودان؟

لقد تحدثنا خلال السنوات الماضية مع العديد من الدول الذين شجعونا بإعادة النظر في سياستنا تجاه السودان ،  ولكن هذا القرار تمً عن طريق انخراطنا في مباحثات و اتفاقيات ثنائية تمت بين البلدين.

في الآونة الأخيرة طرأ تحول كبير في الولاءات في المنطقة، فالسودان يتعاون مع الصين و روسيا و الان مع الولايات المتحدة … هل سيكون هنالك منافسة أو مزاحمة علي السودان؟

قضية الصين و روسيا و الولايات المتحدة في افريقيا تعد من اكثر القضايا تعقيدا ، فهي تجري في عدة مجالات و في عدة دول افريقية ولكن خلاصة القول هو ان الجميع يلعب وفقا لقوانين و يتبع المعايير الدولية و غيرها من الإجراءات التي تعد كنوع من المنافسة و قد تكون مفيدة جدا للدولة المعنية.

يحاول السودان ان ينأى بنفسه من النزاعات التي تحدث في جنوب السودان و ليبيا، ما الذي تتوقعه الولايات المتحدة من السودان بخصوص ذلك؟

لا اصفه بأنه ينأى بنفسه، في الواقع نحن نشجعه للإنخراط في هذه القضايا ، ولكن ما نتوقعه هو انهم قد ينخرطوا في مفهوم تعددية الأطراف، وعدم اتخاذ قرارات تستند فقط على مصالحه الخاصة، وقد فعل السودان ذلك في جنوب السودان عن طريق العمل من خلال الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وفي ليبيا من خلال المناقشات المتعددة الأطراف، وذلك ما نريده من السودان بالمواصلة فيه كما انه الآن يقوم بالعمل بطريقة متعددة الأطراف.

لقد تعاون جهاز الأمن و المخابرات السوداني مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، هل تري ان التعاون قد يزداد و يمكن أن يكون علي ارض الواقع ، أو ربما مشاركتهم في أفريكوم (AFRICOM

تعاوننا مع المخابرات السودانية هو لمكافحة الإرهاب في المقام الأول و أتوقع أن يستمر هذا التعاون، أما التعاون مع افريكوم إلى حد ما بسبب ان قوانيننا لا تزال لا تسمح لنا ان نقدم المبيعات العسكري و المساعدات العسكرية، ولكن اعتقد ان التعاون في مجال الاستخبارات عن طريق أجهزة الأمن  المختلفة يمكن و يجب ان يستمر.

هنالك اتفاقيات بين السودان وواشنطن فيما يتعلق بعملية السلام في المنطقتين في دارفور، ما الذي تقوله الولايات المتحدة للحركات المسلحة التي ترفض عملية السلام الان؟

المبعوث الأمريكي للسودان و جنوب السودان السفير دونالد بوث الآن[الإسبوع الماضي] في باريس محاولاً العمل مع أعضاء من “نداء السودان” و بعض الأحزاب الأخرى لإستكمال اتفاقية خارطة الطريق مع الوساطة الأفريقية و خاصة اتفاقية  وقف أعمال القتال في المنطقتين في دارفور،  نتمنى لهم النجاح، و لكن إن لم ينجحوا في ذلك ، فإننا سنستمر بالضغط علي المعارضة بالانضمام إلى  خارطة الطريق ، فضلاً علي ذلك الحكومة.

أعلنت الحكومة السودانية تمديد وقف إطلاق النار، لكن هنالك مخاوف من أنه قد تحاول الحركات المسلحة إضعاف جهود الحكومة و خرق وقف إطلاق النار، كيف ستدعم الإدارة الأمريكية هذه الجهود من قبل حكومة السودان؟

إننا نقدر حقيقة انه في الأشهر الست الماضية لم تقم حكومة السودان بأي عمليات هجومية وإن النشاط العسكري كان محدوداً. وستواصل  الحكومة في ضبط النفس و التأكد من أن أي رد على هجوم قد يحدث إنما هو دفاعاً عن النفس فقط وليس ثأرا. و سنواصل في دفع المعارضة لتختار طريق السلام.

قد تعاون السودان مع الولايات المتحدة لفترة طويلة في محاربة الإرهاب و بذلت جهد كبير في هذا الصدد، و نصب نفسه حليفاً للولايات المتحدة، ولكنه رغم ذلك لايزال في قائمة الدول الراعية للإرهاب، كيف يكون ذلك ممكناً، ألم يبذل جهوداً رامية في مكافحة الارهاب ؟ و هل سيتم محوه من تلك القائمة السوداء؟

وضعه في القائمة أو إزالته منها، هذا أمر تحكمه القوانين، لذلك فإن عملية إزالته من هذه القائمة هو جهد قانوني، منذ أن كنا في الأيام القليلة الماضية في إدارة اوباما لم أتوقع حدوث أي شيء في هذا الأسبوع، لذلك فإن هذا الموضوع سننخرط فيه مع السودانيين وبالأحرى مع وزير الخارجية إبراهيم غندور الذي سبق أن عبّر عن رغبته في أن يشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. و أود أن أؤكد أن هذا القرار ليس مجرد قرار سياسي مبني على مجرد قرار يمكن اتخاذه في لحظات ولكنه مبنيٌ على متطلبات قانونية يتعين الوفاء بها.

دعنا نتحدث قليلاً عن التعليم و التعاون الثقافي، ما هي البرامج التي قد تحدث بين البلدين؟

بسبب هذه العقوبات لاتزال هناك قيود في ما يمكننا القيام به من المساعدات التنموية. نقوم ببعض التعاون الثقافي وبالفعل لدينا برامج قوية لمحاولة تعزيز التبادل الأكاديمي مع الولايات المتحدة. لقد قامت هذه السفارة بعمل رائع قبل وصولي وسنحاول إيجاد طرق أخرى لتعزيز الروابط الثقافية. وأما بالنسبة للمساعدات الإنمائية الأخرى فإننا نسعى للعمل مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في محاولة للقيام بهذا الدور. كما لدينا بعض البرامج التعليمية الأخرى ولكنها قليلة .

هل لدي الولايات المتحدة أي مخطط بشأن إيصال المساعدات الإنسانية للمنطقتين في دارفور؟ هنالك بعض الاقتراحات بأن توصل الولايات المتحدة هذه المساعدات؟

لقد اقترحنا ذلك بالفعل، يبدو أن حجرة العثرة الرئيسية في الاتفاق بوقف الأعمال العدائية هي مسار تقديم المساعدات الإنسانية للمنطقتين و هذا ما عرقل التقدم في اغسطس الماضي ، و التوقيع النهائي علي هذه الاتفاقية. و منذ ذلك الوقت و نحن نحاول أن نجمع بين الطرفين مع بعضهما. و لكن الحركة الشعبية تصر علي تقديم المساعدات عبر الطرق الحدودية مع دول الجوار، فهي تري أن الحكومة السودانية لن تفي بإلتزامها في أي اتفاق بشأن تقديم المساعدات الإنسانية، اما بالنسبة للحكومة السودانية فهي تري أن فتح الحدود يسمح بتهريب السلع كما انه قد تواجههم صعوبة في ضبط تدفق الأسلحة إلى داخل الدولة، إضافة إلى بعض الأشياء الأخرى، و دورنا الأساسي هو أن نجمع الطرفين  و أن نعزز الثقة بينهم . و ما فعلته الولايات المتحدة هو أنها اقترحت أن تكون طرفاً فاعلاً في ضمان أن هذه التدفقات سوف تستمر ولن تعترضها الحكومة. فنحن نحاول أن نتوصل إلى اتفاق مع كلا الجانبين عندها تقوم الولايات المتحدة بلعب ذلك الدور.

ما الذي تعنيه أن الولايات المتحدة ستلعب دوراً “فاعلاً” بالتحديد ؟ و ما الذي قد تفعله بهذا الصدد؟

يجري حالياً تفاوض بشأن المزيد من التفاصيل ، لذلك لا اريد ان افترض اي شي قبل النتيجة النهائية ولكن الشيء المهم هو ان ندرك ان الولايات المتحدة مستعدة لإتخاذ خطوات لضمان وصول المساعدات الانسانية دون ان يعترضها اي طرف.

كان ذلك سؤالنا الاخير ، هل تود اضافة شئ؟

اود ان اقول كما قلت في اليوميين الماضيين في اعقاب اعلان رفع العقوبات ، لقد كانت عملية معقدة جداً وذلك لأن العقوبات نفسها كانت معقدة و تغطي عدداً لا يحصي من القوانين. لذلك، فإن التعمق في الأمر التنفيذي والترخيص العام و  التجارة يمكنك من طرح التساؤلات ونحن نستقبل هذه التساؤلات ولكن بيت القصيد هو ان يتم رفع عقوبات شامل ابتداء من اليوم. و لا استطيع ان أصف سعادتي بذلك.

شكراً جداً لسعادتكم لمنحنا جزء من وقتكم و إجراء هذا الحوار الشيق معنا.

حاوره:-  (SMC) سلمى محمد آدم إسماعيل.