رأي ومقالات

البطل: أمريكا: دنا وفاقها.. رجلين من الكونغرس: نظام العقوبات ألحق أفدح الأضرار بالمواطنين في السودان وعلى نحو بشع


(1)
في حوار مع صحيفة (اليوم التالي)، الاسبوع الماضي، جاء على لسان وزير الخارجية السابق الاستاذ على كرتي عبارة لافتة للنظر. قال هذا الحبيب يصف ردود افعال بعض الجهات داخل الولايات المتحدة تجاه قرار رفع العقوبات عن السودان: “بعض الناس في أمريكا أمثال اريك ريفز وغيره فوجئوا بالقرار وحزنوا له، وهسة فارشين”!
مع استصحاب صدمة بعض الجهات وعويلها وحسرتها الى درجة (الفراش) لا بد ان ننظر الى الصورة المقابلة. أعنى صورة الشخصيات الامريكية الفاعلة في الحياة العامة والمؤثرة في مراكز صنع القرار التي سارعت باعلان ارتياحها وغبطتها للخطوات التطبيعية.
(2)
من اكثر السياسيين فاعلية في الولايات المتحدة أعضاء الجهاز التشريعي بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ. ومن بين هؤلاء خرجت صباح أمس السبت شخصيتان من أشهر السياسيين الأمريكيين لتعلنان مباركتهما ومؤازرتهما لخطوة تطبيع العلائق مع السودان. الاول كريستوفر هيس أحد أبرز نجوم الحزب الجمهوري، والذي مثل ولاية كونيكتيكت في الكونغرس لفترة اربع وعشرين عاما متواصلة، وشغل فيه موقع نائب رئيس لجنة الامن القومي.
أما الثاني فهو المستر ريتشاد سويت، احد ابرز قادة الديمقراطييين ورئيس الحزب في ولاية نيوهامشير لعدة سنوات. وقد مثل تلك الولاية في الكونغرس سنين عددا وكان قبلها سفيرا للولايات المتحدة في عدد من الدول الاوربية. وكلاهما، كريستوفر هيس وريتشارد سويت، من اكثر السياسيين استضافة في البرامج التحليلية لكبريات الفضائيات الامريكية.
(3)
تحت العنوان العريض ( (Enough Alreadyويمكن ترجمتها حرفيا ونصيا الى (هذا يكفي) او (يكفي بالفعل)، كما يمكن ترجمة روح العبارة الى (كفي عقوبات على السودان)، تحت ذلك العنوان كتب هذين القائدين السياسيين، الاول عن الحزب الجمهوري والثاني عن الحزب الديمقراطي، مقالاً مشتركا مطولاً نشرته صحيفة (The Hill).
وإن لم تكن تعلم، رعاك الله، فإن صحيفة (ذي هيل) وترجمتها الحرفية (الجبل) هي الصحيفة الاولى في الولايات المتحدة التي تتخصص في تغطية شئون الكونغرس والرئاسة الامريكية. وهي احد المراجع الأساسية، الاكثر احتراما ووثوقية، لاعداد تقارير الكونغرس فيما يتصل بالمصادر المفتوحة للدارسين. أما تسمية الجبل، او (ذي هيل) فتعود الى ان الكونغرس يُكنى وينادى عند الفرنجة باسم (كابيتول هيل)، حيث ان مبناه التاريخي يقع في حي كابيتول هيل العريق بواشنطن.
(4)
لن تسع مساحة هذا العمود بالطبع ترجمة هذا المقال الهام لاثنين من رموز السياسة الامريكية، وقد طلبت من الحبيب عطاف محمد مختار مدير تحرير (السوداني) تكليف احد المحررين بترجمة كامل المقال ونشره حتى تكون مضموناته دولة بين الناس، فلا تقتصر على قراء الانجليزية من مرتادي مواقع الصحافة الكونغريسية الواشنطونية. ولكنني وقفت على بعض النقاط الهامة التي لفتت نظرى في سطور الرجلين:
ابتدر الرجلان مقالهما بالفقرة التالية: (جادل جون برندرغاست امام الكونغرس كثيرا بأن العقوبات المفروضة على السودان غير كافية، وطالب بإبقائها وزيادتها. وهو مخطئ تماما). ويمضي المقال فينبه الى ان برندرغاست وأمثاله يعملون لخدمة اغراض جماعات معينة مقابل أموال يتقاضونها. ويضيف: (وكثيرا من المعلومات التي ينشرها هؤلاء تجد صدى واسعا في اوساط القطاعات التي تقل معرفتها وتسودها الجهالة بالحقائق الموضوعية). ثم يزيد: (ربما كان بريندرغاست يعتقد ان عمله لصالح مخدميه اكثر اهمية وفائدة من رفع مستوى حياة فقراء السودان. ولكننا لا نؤمن بذلك ونرفضه).
ويذكّر هذين السياسيين الامريكيين بأن العقوبات استمرت على السودان برغم وفائه بمقتضيات منح الجنوب حق تقرير المصير تحت رعاية الولايات المتحدة. ثم يعرضان الى الخيبات التي منيت بها امريكا بعد ان انتهى فصل الجنوب، الذي تبنته ورعته، الى مأساة مروعة عرّت وفضحت سوءة الموقف الامريكي، حتى ان واشنطن تدرس الان فرض عقوبات على جنوب السودان بدلا عن شماله!

(5)
وهاك، أعزك الله، هذه الفقرة من مقال رجلي الكونغرس: (ظل السودان من بين الشركاء الاكثر جدية الذين يمكن الاعتماد عليهم خلال هذا القرن، خاصة في مجال في الحرب ضد الإرهاب، كما تورد التقارير السنوية الراتبة لوزارة الخارجية الامريكية. ومع ذلك استمر نظام العقوبات الذي ألحق أفدح الأضرار بالمواطنين العاديين في السودان في مناح كثيرة وعلى نحو بشع).
ويضيف المقال: (يتم فقدان ما يربو على ثلاثة بليون دولار من الناتج المحلي الاجمالي سنويا في بلد كالسودان يعاني غالبية شعبه ويلات الفقر وذلك لمجرد ان البنوك الدولية تخشى الغرامات المالية الضخمة التي تفرضها وزارة الخزانة الامريكية عليها في حالة تجرّؤها على قبول وتدوير التعاملات المالية السودانية. ومما يؤسف له انه تعذر على البنك الدولي، بسبب نظام العقوبات، تمويل مشروعات كان بإمكانها ان ترفع مستوى حياة مئات الآلاف من الذين يرزحون تحت نير الفقر، كمشروع بناء القرى الشمسية المستدامة في حزام الصمغ العربي الذي يمتد من البحر الاحمر شرقا الى دارفور في الغرب).
(6)
نعم، هناك من (فرشوا) وأقاموا مأتما وعويلا، وفي مقدمة هؤلاء مستخدمو اللوبيهات، سنخ جون برندرغاست وأضرابه. ولكن هناك في المقابل، وفي قلب الحزبين الحاكمين، من سُرّ بالهم وفرحوا وابتهجوا لقرار رفع العقوبات أمثال الكونغريسيين هيس وسويت.
الفاتحة للفارشين، جعله الله آخر الاحزان!

مصطفي عبدالعزيز البطل
السوداني


‫4 تعليقات

  1. (فرشوا) اسلوب سمج ولا يشبه وزير خارجية .. بل عاهرة في سوق الدعارة

    1. هو ليس وزير خارجيه ولم يقل كلمته هذه فى قناة فضائيه ثم أن كلمه فرشوا ليست كلمه تستحق منك هذا الوصف وكلنا نفرش عندما يموت لنا عزيز لكن الظاهر كما يقول المثل الما بريدك احدر ليك فى الضلمه .

  2. وتعليقك لا يشبه أولاد الشيوخ ، وقد يصنفك ضمن جماعة ( قاست )وكأني بك قد آلمك أمر رفع العقوبات الذي ألحق الألم ببعض كبار متسوقي السياسة الذين يودون أن لا ترفع العقوبات إلا وفقا لأحلامهم ( وشروطهم ) التي رقموها مفصلة ،،١, ٢ ، ٣ ، ٤ ، وهم يدركون أن العقوبات ظالمة ، وأن أمانيهم البائسة ليست أكثر من زفرة تألم وحسرة !!