اقتصاد وأعمال

السودان ينتج 500 طن ذهب خلال ثمان سنوات المعادن : مليون و117 طناً احتياطات مؤكدة تحت التقييم


أعلن المدير العام للهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية د.محمد أبوفاطمة عن أرقام مهمة لاحتياطيات المعادن خاصة الذهب وكشف أبوفاطمة خلال حديثه في ندوة (رفع الحصار الاقتصادي على نشاط التعدين في السودان) والتي نظّمتها الشركة السودانية للموارد المعدنية على هامش مشاركة الشركة في معرض الخرطوم الدولي أن السودان أنتج خلال الفترة من العام 2008 وحتى الآن أكثر من (٥٠٠) طن من الذهب، موضحاً أن احتياطات السودان المؤكدة من الذهب تبلغ(٥٣٣) طناً، فيما تبلغ الاحتياطيات تحت التقييم (1.117)طن ،أما الاحتياطيات غير المؤكدة وتحت الدراسات فإنها أرقام فلكية ،مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المساحة المستغلة في التعدين لا تتعدى الـ(20%) من مساحة السودان ،وأكد أبوفاطمة أن وزارة المعادن استعدت جيداً لمرحلة ما بعد رفع الحصار بإعدادها لإستراتيجية جديدة للتعامل مع الاستثمارات الواردة لهذا القطاع عقب رفع العقوبات الاقتصادية وتضمنت الإستراتيجية على عدة نقاط منها نقاط القوة ونقاط للضعف والمطلوب توفيره لجذب الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة والتي من ضمنها حصر السياسات التي تحتاج لتعديل وتطوير مع مواصلة الجهد في تطوير قطاع التعدين التقليدي بالإضافة إلى توطين صناعة المعادن الأخرى غير الذهب مع الاستعداد للتحرك نحو الآخر الذي كان يعطله الحصار إلى جانب التقرب من القطاع الخاص ودراسة المشاكل التي واجهت شركات التعدين في المرحلة السابقة ،مشدداً على وضع برتوكول صارم لاستقبال مستثمرين كبار.

من جهته أوضح مدير إدارة السياسات ببنك السودان المركزي محمد عثمان أن عائدات قطاع التعدين تجاوزت الـ(4) مليارات دولاراً مشيراً إلى أن العقوبات الاقتصادية أثرت كثيراً في الاستثمارات وذلك بمنع التحويلات المالية ،موضحاً أنه وبعد رفع الحصار قام البنك المركزي بمخاطبة البنوك المركزية في العالم للبدء في التعامل المصرفي مع السودان ،متوقعاً أن تعود العلاقات مع تلك البنوك في غضون أسبوعين ،كاشفاً عن تشكيل لجنة برئاسة نائب المحافظ لإعادة النظر في السياسات التي أصدرها البنك إبّان مرحلة العقوبات، مشيراً إلى قرار سماح البنك المركزي لشركات القطاع الخاص بشراء وبيع الذهب بعد أن كان حصرياً على البنك المركزي، وزاد شراء الذهب من قبل البنك المركزي له آثار سالبة كبيرة على رأسها زيادة نسبة التضخم .

في السياق ذاته أكد رئيس اتحاد الصاغة عبدالله الجاك على ضرورة إنشاء بورصة السودان للذهب والمعادن والعمل على تحرير صادر الذهب للشركات للقضاء على تهريب الذهب الذي صار يهرب لدول الجوار والإقليم والسبب يعود لسياسات البنك المركزي وتابع الجاك إذا حرر البنك حصيلة صادر الذهب فإن كل الذهب المخزن سيتم تصديره للخارج في غضون أيام قليلة ،مشيراً إلى أن كل الذهب الذي يصنع في دول الخليج الآن هو ذهب سوداني أو من غانا لأن البحرين لا تنتج ذهباً والكويت لا تنتج ذهب وكذلك دبي.

وتبين التقارير الرسمية أن أكثر من 2 مليون شخصاً يعملون فى مجال التعدين التقليدي بالسودان ينتجون حوالي 80 % من إنتاج الذهب من 266 موقعاً للتعدين بالسودان. ويأتي الاهتمام بمعدن الذهب في السودان عقب انفصال دولة جنوب السودان في العام 2011م وفقدت البلاد 75 % من إيراداتها النفطية التي تقدر بحوالي 600 ألف برميل في اليوم وتراجع إلى 120 ألف برميل عقب الانفصال.

إلا أن محلليين يرون أن أرض السودان ما زالت بكر فى مجال إنتاج الذهب ولم يتم اكتشافه في معظم أنحاء البلاد ويحتاج إلى تقنية حديثة خاصة في مجال التعدين التقليدي ويرى الخبير الاقتصادي البروفسورعبد الوهاب بوب إن الإنتاج يعتمد بصورة كبيرة على التعدين الأهلي قد لا يدخل في إطار الموارد الثابتة كما أن التعدين سطحي ولم يصل إلى مرحلة المناجم العميقة وأنه لم يحن الوقت للحديث عن إحلال الذهب موقع النفط.

ولكن الاقتصادي عبد العظيم المهل يؤكد أهمية التعدين وأن الأرض ما زالت بكراً وبالتالي ما حدث أبان الفترة السابقة هي مجهودات من قبل المعدنيين التقليديين وأنه يلعب دوراً كبيراً في تشغيل العمالة عكس الشركات المنظمة. واستطاع التعدين الأهلي تقليل حدة الفقر لدى بعض المجتمعات وفتح أسواق جديدة وأيضاً حد من هجرة الريف إلى المدينة وأسهم في الصادرات بصورة كبيرة برغم أنها بصورة غير رسمية.

وأكد بابكرعبد الوهاب عضو اتحاد التعدين الأهلي بمحلية بربر الواقعة شمال السودان أن حياة الناس تغيرت من الناحية المادية كما أن مجال التعدين أسهم في التقليل من نسبة العاطلين عن العمل.ويرى المهل أنه برغم أن التعدين الأهلي يستخلص حوالي 35 % من نسبة الاستخلاص والبقية تستخلصها الشركات من “الكرتة” 65 % إلا أن عائد التعدين الأهلي يعود على الفرد والأسرة والمجتمع المحلي.

ونشطت وزارة المعادن في الفترة الأخيرة في القيام بجولات على مناطق التعدين الأهلي بكل ولايات السودان لتوعية المعدنين على كيفية استخدام الزئبق لحين ايجاد بدائل له كما أقامت بعض الندوات والورش التثقيفية حتى لا يتضرر المعدن جراء البحث في أعماق سحيقة ويقول المهل إذا وجدت بدائل للزئبق يتم ضبط وترشيد التعدين التقليدي والتعامل معه كمصدر للعملة الحرة ودعمه بصورة غير مباشرة وإدخال معدات حديثة تساعده على الاستخلاص ولو تم مساعدتهم يمكن ان يساهم بنصيب كبير في العملة الحرة.ووفقاً لبيانات موثّقة فإن التعدين الأهلي برغم مخاطره إلا أنه استطاع العمل على سد جزء من الفجوة في العملات الخارجية.

ويقول باكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية السابق في البرلمان أن التعدين التقليدي “فتح من رب العالمين” ولولا التعدين التقليدي لكان هنالك عجز كبير في الميزانية حيث أن عائدات التعدين التقليدى اقنعت الشركات الكبرى للدخول في المجال.ويذهب في ذات الاتجاه الدكتور عثمان البدري أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم بالقول إن عائدات التعدين تسهم في رفد الخزينة بحوالي 50 % وأن جزءاً كبيراً من هذه النسبة يأتي من التعدين التقليدي.ويرى محللون أن عدم وجود دراسات وخطط في مجال المعدن الأصفر أدى إلى عدم الاستفادة منه وأن الجهود ما تزال قاصرة ولم تنجح في بلوغ المرام منها.ويقول البدري إن الكميات المنتجة من الذهب لم تذهب جميعها إلى الحكومة بسبب الرسوم والضرائب المتعددة التي قد تجعل المعدن يلجأ إلى طريقة وأسلوب التهريب كما أن الحكومة لا تبتاع الذهب منهم بأسعار مشجعة وهو ما يدفعهم إلى البحث عن مشترين يدفعون أكثر وأشار إلى استفادة العديد من المعدنين من التعدين التقليدي في تغيير وضعهم الاقتصادي للأفضل نظراً للأرباح الهائلة التي يتحصل عليها من ينجح في الحصول على سبيكة ذهب.

الخرطوم : عاصم إسماعيل
صحيفة الصيحة