مقالات متنوعة

الرئيس (الوَسَطِي) وسكرتيره..!


* العيش داخل بلاد السودان الراهنة يكسب الفرد ميزة الصبر على المكاره؛ وتحمُّل سخافات الأفراد ذوي العلاقة بالدائرة الأكثر سخفاً و(سجماً)؛ وهي دائرة السلطان وقصره الذي منه يحكمون؛ ويرفد الساحة بالغرائب والعجائب والرذائل؛ كما يدوس اسم السودان في الرَّغام..! فما من مكان حط قدر الوطن أكثر من (سنتر) كرسي الرئاسة.. ولا ذلّ عصف بسمعة البلاد ــ منذ خلقها ــ كالذي ارتبط بتواجد قوم صغار النفوس والهِمم على سدة الحكم.. سدّوا أبواب الإحترام والتوقير بقوة لوطن كامل؛ ينظر إليه العالم منذ 28 سنة كدولة وضيعة تبعاً لوضاعة حكامها وهوانهم على العالمين؛ بل وعلى أنفسهم..! مع كل هذا الإنحلال والتفسخ السياسي المُعلن بحراك الحزب الحاكم؛ ومع الفشل والفساد المتدحرج (من قمة هرم القمامة) يكيل البعض المدح للحاكم بأمره؛ إذ يرفعونه مصافاًعليَّا لن يبلغه حتى لو حدثت معجزة..! وكيف يرتفع من جعل السقوط منهاجه وسبيله؟!

النص:
* لو كان التنطع يُجرَّم بقانون ستضيق السجون بأتباع السلطة؛ ومنهم هذا السكرتير الذي يتهجم على صدور الخلق أجمعين بخزعبلات ومضحكات مبكيات حين يتحدث بمثالية عن شخصية رئيس الانقلاب عمر البشير.. فالسكرتير الصحفي السابق لقصر البشير (ونتعمد نسيان اسمه) لا يستاهل منّا حرفاً سواء كان ذماً أو مدحاً؛ ففي الكتابة ــ سلباً أو إيجاباً ــ تكريم له غير مستحق.. ورغم (شناة) ما قاله لن نتعرض له بلفظ مشين لأنه أفضل من يشين ذاته بالتناقض؛ فقد قرأنا ما قاله عن (بشيرِه) من قبل ونمسك عنه.. واليوم يمتدحه كما لم يمدح جميل بثينة.. كذلك نضيف: إن المادح أفضل من يشين وجهه بالإطراء حيال ممدوح حرىٌ به الهجاء المُر.. فماذا نقول سوى (هذا مزاج السكرتير)! وله ما يشاء حتى لو كتب معلقة عن سلطانه..! لكن الخداع لا يقل ضرره عن الحروب، ومهمتنا تتعاظم في تبيان ما هو بائن أصلاً للكثيرين، إنما ــ بالكتابة ــ نراعي أجيالاً يسهل خداعها بعمليات (تجميل) الدكتاتور (الوسطي!) بفتح السين؛ كسر الطاء.. وأمامنا العمليات التجميلية التي أجراها هذا السكرتير في حوار جلبته وسائل التواصل الاجتماعي لحدقاتنا؛ منقولاً من جريدة الصيحة.. ونجتزئ من كلام السكرتير عن الرئيس (المفروض) ما يلي؛ يقول: (تكفي شهادة أحد الصحفيين الأجانب الذين أحضرناهم وتعاملوا مع الرئيس حين أعلن إسلامه بعد الزيارة الطويلة التي مكثها في ضيافة إعلام الرئاسة، وذكر للصحف الأوربية والعربية أن ما جذب نظره هو شخصية الرئيس البشير، وتواضعه، وأن رئيسنا هو مثال للإسلام الوسطي الذي يمكن أن يحكم الدول الإسلامية في هذا العصر). انتهت الفقرة.. ولم تنتهي (المُضحكات).

* السطور الآنفة من شهادات السكرتير المغايرة جداً عن الرئيس؛ تكفي أكبادنا؛ فباقي كلامه يصعب (بلعه) أيضاً..!
* السؤال الأول: من الذي أعلن إسلامه بسبب وسطية عمر البشير؛ وسلوك المذكور لا مظهر فيه للإسلام الوسطي من قريب أو بعيد؟ فالمؤكد أنه ليس قدوة في الدين أو (التدين).. وانجذاب شخص للإسلام العظيم بتأثير (نموذج البشير) لا يزيد عن (نكتة) ولكنها (بايخة جداً) فلنبحث عن سبب منطقي لاعتناق (الشخص المعني) للإسلام؛ إن صحّت الواقعة..!
* السؤال الثاني: هل حقاً البشير ــ الواحد المعروف ــ وسطِي؟! إنه سؤال عابث؛ على ضوءه نستدرك سيرته المبذولة؛ ناهيك عن صلاحه المزعوم كحاكم للمسلمين (هذا هو الغي بعينه) بل منتهى عدم الحياء من الربّ وعباده..!

1 ــ من يصفه السكرتير المتنطع (بالوسطية) تظل أخف الكلمات على لسانه هي: (الزارعنا غير الله يجي يقلعنا).. ولو كان الشاعر الكبير الجاغريو على قيد الحياة لندم على كتابة قصيدته التي ورد فيها ما تقدّم بين القوسين؛ وقد استهلكه البشير استهلاكاً مزرياً في غير مكانه وعصف بمعانيه السامية..! مما ورد تتضح عدوانية (الرئيس الوسطِي!).. وتعديّه على الشعر (المكرر) أقل (تطرف) يمكن أن يدمغ به البشير الموصوف بالوسطية على لسان السكرتير..! فالوسطيون لا يميلون للإستفزاز والتحدي الفارغ (بمناسبة وبدون مناسبة).. كما لا ننسى أن البشير (زرع نفسه بالقوة) ولم ينتخبه أحد.. ثم يدعو الآخرين (لقلعه) بالقوة (إن كانوا رجال!!) فما أعجب أن يكون عدواني وسارق للسلطة ووسطِي ومتواضع الخ..! ما هذه الخلطة المتنافرة؟! لن نذكر كم مرة كذب هذا (الوسطِي) الذي بنى حكمه على باطل (الغش) منذ البداية..! هل الغش من شروط (الوسطية)؟! ربما الإجابة (نعم) لدى المشوشين..!!

2 ــ الرئيس الموصوف (بالوسطية) يتحدث بأسلوب مقيت عن (المرأة السودانية) ويشجع على اغتصابها كما ورد في شهادة مسجلة للمقبور حسن الترابي..! لم تنفي الرئاسة أو (كسارو الثلج) هذا الجرم الشنيع حتى الآن.. فهل هذه هي الوسطية التي عناها السكرتير الصحفي السابق في شهادته؟!
3 ــ سيكمل القارئ بقية أفعال (البشير الوسطِي!!) أول رئيس سوداني (مفروض!!) يرعى التطرف والإرهاب.. وهو ذاته الذي قتل الآلاف (إن لم نقل الملايين) فكيف سيكون حال البلاد إذا لم يكن (وسطياً)؟! هل يرغب (المسطحون) في جرنا للخوض في مكامن الأقذار؛ ليشغلوننا بافتراءات جديدة لا غير؟!!

* بعد أن شوَّه النظام الحاكم الإسلام (على مستوى العالم) بأفعاله وأقواله؛ ها هو يتجه لتشويه (الوسطية) في السودان.. ويبدو السكرتير السابق بحاجة إلى (إعادة صياغة) ليعرف معنى الوسطية الصحيح.. أو هو يفتعل حبال الغرض عن قصد..! فمن يتحدث عنه ليس أقل من متطرف (تام!!)؛ أدخل دولة السودان بأكملها في (القائمة السوداء) رغم سماحة إنسانها؛ حاصَر الشعب داخلياً وخارجياً بتطرفه الذي لا يغالِط فيه إلاّ معتوه..!
* ببساطة شديدة: لو كان الرئيس وسطِي لانعكس ذلك على سلوك أجهزته سيئة السمعة وكفى.. إن الحديث عن شخصية واضحة مثل البشير؛ لا حاجة فيه إلى المدح أو الذم (بعد أن قطع قول كل خطيب).. فلا داع لتقطيع مصارين الأمة بالتضليل والتطبيل (المفضوح).. ثم عذراً لكل من أكمل هذا المقال؛ فالموضوع (لا يستاهل) ولكن…!
أعوذ بالله

أصوات شاهقة – عثمان شبونة
صحيفة الجريدة