تحقيقات وتقارير

العالم الخفي أرواح وأشباح “أولاد ماما”.. تفاصيل عوالم مدهشة


الريح الأحمر يتلبس المرأة ويحاول الانتقام من أي شخص جَرح كبرياءها
كيف جرحت عبير زوجها عثمان بـ(السكين) على ذراعه؟

الفريق أبو حراز : السواد الأعظم من الجرائم تتصل بالغيبيات
بعض هذه الطقوس الروحية ارتبط بجرائم قادت مرتكبيها للشرطة

الشيخ بشرى: التوبة والتوحيد هما المخرج الوحيد والعلاج الناجع
الحلقة التاسعة

تحدثت في حلقات سابقة عن شخصية شاكر مانزوي وقلت إن هذه الشخصية تعد الأشرس في عالم الريح الأحمر وهو من قبيلة الزرق، طبيعة هذه الشخصية مائلة الى العنف لا يجيد لغة الحوار عندما يتنزل بالمرأة تختلف معالم وجهها تماماً وتبدو ضخمة الجثة وتنتابها قوة خارقة وإن كانت هزيلة، الزي المفضل لهذه الشخصية الجلابية السوداء والطربوش الأسود ويحبذ حمل السكين وأكل الشية والفراخ المشوي بالفحم والمرارة وخيطه المحبب

سلام أبوي شاكر

شاكر حلال المشاكل
ولأن الريح الأحمر يتطبع بطباع الشخصية نجد أن شاكر مانزوي يتصدى لكل مشكلة إذا كان طرفها المرأة التي يتلبسها ويحاول أن ينتقم من أي شخص جرح كبرياءها وشاكر هذا مزعج ومعيق الى حد بعيد يمكن في لحظة غضب أن يرتكب الكثير من الحماقات ولا يبالي كتحطيم الأواني المنزلية أو الضرب والركل واستخدام السكين إن دعا الأمر .

علاقة عشق
علاقة شاكر بالمرأة التي يتلبسها علاقة عشق في المقام الأول، لذا نجد أن المرأة المصابة تكون في حالة عداء دائم مع زوجها غير مطيعة تتعامل معه بندية وبصيغة الأوامر وإن دعا الأمر يمكن أن تغدر به في غفلة وتسبب له الأذى وكل ذلك خارج عن إرادتها.

ليست بيدي
لم تحتمل عبير منظر الدماء التي تسيل من ذراع زوجها فأسرعت بتضميدها غير أن زوجها أدار ظهره وأجابها في كلمتين لمي هدومك وامشي أهلك عرفنا كل حاجة كمان جابت ليها ضرب بالسكين. أصيبت عبير بحالة أقرب للذهول وهي تستفسر سكين شنو انت جنيت يا راجل فطفرت دمعة من مقلتيه وأجاب بصوت منكسر أيوا ياعبير سكين انتي ضربتيني بيها لمن كنت نازله.

أحست عبير بمرارة وهي تقترب من زوجها وهي تقول معقولة أنا اعمل فيك كدا يا عثمان.

ليلة عاصفة
كانت ليلة عاصفة حضر فيها عثمان من عمله منهكاً كانت الساحة تشير الى الحادية عشرة، قبلها بنصف ساعة اتصلت عليه عبير وأخبرته أن يحضر معه طبقا من الدجاج المشوي غير أن عثمان نسي، حضر إلى البيت وجد عبير منتفخة الأوداج ألقى عليها التحية إلا أنها لم ترد، فادرك بخبرته أن هنالك شيئًا ما وهيأ نفسه لتفاصيل ليلة مليئة بالنكد بدأت عبير تتفوه بكلمات غير لائقة، وهي اللغة التي يتحدث بها شاكر غير أنه لم يرد حتى لا تتطور الأمور لأنه يدرك تماماً أنه إذا قام بمجاراة هذا الملعون لن تعدي ليلته على خير غير أن المفاجأة كانت عندما فاجأته عبير بصفعة قوية على وجهه غير أنه لم تصدر منه أي ردة فعل، ذهب إلى بهو البيت دعا لها بالشفاء وتوضأ حتى يطفئ نيران الغضب التي تمور في عروقه، وعندما دخل إلى الغرفة دار حوار عنيف بينه وبين شاكر مانزوي عندما باغته بركل على صدره وهو يقول أنا ما قلت ليك جيب معاك الطعام أنا قاعد جعان.

محاولة للتبرير
حاول عثمان أن يشرح ويبرر غير أن المفاجأة كانت أن استلت عبير سكيناً وسددت له طعنة نجلاء على ذراعه بعد هذه الحادثة، خير عثمان زوجته عبير بخيارين أحلاهما مر إما أن تذهب إلى أهلها ويتم الانفصال أو تذهب إلي مركز الرقية الشرعية ويتم العلاج.

داء عضال
فكان الخيار الثاني بأن يتم العلاج خاصة وأن عبير قد أنهك جسدها من العلل ولم تتذوق طعم العافية منذ أن أصيبت بهذا الداء العضال ولم تستقر حياتها الزوجية وظلت طوال سنيين زواجها في حالة حزن وقهر واكتئاب .

وهيأت عبير نفسها الى الذهاب إلى مركز الرقية الشرعية وقبل التحرك بلحظات رن جرس الهاتف بأن شقيقها أصيب في حادث حركة فتجمدت أوصالها وظلت قرابة الشهر بعيدة عن زوجها ممارضة لشقيقها وعندما تعافى شقيقها وقررت أن تذهب مرة اخرى للعلاج تعرض زوجها لمشكلة كبيرة في العمل وأحيل الى مجلس تحقيق، فأدرك بأن هنالك شيئاً ما ولا زال عثمان يعاني .

في عالم الغيبيات
ولتفسير هذه الظواهر قال الفريق شرطة أحمد المرتضى أبو حراز الخبير في مجال العلوم الروحية عملي في البوليس ألقى بي في متاهات عجيبة في هذا السودان الواسع وثقافاته العديدة وكان السوداد الأعظم من الجرائم تتصل بالغيبيات. وقد شدتني الكثير من الثقافات ذات الطقوس العجيبة لمعظم قبائل الجنوب، فالشلك لهم مملكة غيبية مؤسسة على روح (نكانق) التي تحل في الرث ويعمد مكاً (ملكاً) للشلك وحينما تحل فيه الروح في طقس احتفالي عظيم تستحضر أولاً بقرع الماء وهو نوع من القرعيات شبه الجوفاء والشلك يعتقدون أن جدهم (نيكانق) أنجبه النهر الأبيض وخرج من الماء ليقود الشلك.

حينما تحل روح (نيكانق) في الرث يغيب عن الوعي بعد أن يرتجف ويصرخ وهنا تقرع الطبول وتنشد أناشيد التحية ثم يحمل للبقعة المقدسة في فشودة دوايت..

رث الشلك
ويواصل أبو حراز حديثه ويقول: الشلك لا يقتربون من الرث ويأتون إلى مسافة منه زاحفين وإذا مر بقربهم جلسوا في سكون وإذا مرض قتلوه، أما النوير فلهم الكجور ويدعون أن جدهم الأكبر (جيلا) ابن الماء قد خرج بهم من أرض النوير في الغرب بمنطقة بانتيو وسار بهم إلى الشرق حتى أثيوبيا حيث منابع نهر (جيلا).. للنوير عادات وطقوس أغرب من عادات الشلك ويدير حياتهم الاجتماعية الكجور وكجورهم الأكبر (مون دينق أو أون دينق)، ويقولون عنه انه ابن جد الناس (الله) فهو (قادونق ناه)، كذلك الدينكا جدهم (بور نانق) الثور الأبيض الذي خرج من الماء.. أما قبائل الاستوائية فهي قائمة عاداتها على السحر

ظواهر غير مالوفة
ويضيف أبو حراز وكان بروفسور محمد المكي بابكر عميد كلية البيطرة الأسبق بجامعة الخرطوم قد ذكر في محاضرة في الجمعية الروحية 1988م أن سبب هيمنة السحر على قبائل الاستوائية أن أرضهم بها مواد مشعة مثل اليورانيوم ومعروف جغرافياً ان الهضبة الجنوبية الحمراء يكثر فيها الحديد والمعادن وعندها خط تقسيم المياه الذي يجعل مياه الأمطار تنحدر شمالا حاملة التربة فتنمو الأشجار والحشائش المتأثرة بالمواد المشعة التي تحدث ظواهر غير مألوفة وبعضها سام وقاتل وهم يستعملون السهام والحراب ويمسحونها بالعروق والأوراق واللحاء.. الخ.. بعض هذه النباتات تتلألأ ليلاً وكذلك الحشرات.. السحر عند قبائل الزاندي وهم في الواقع عدة عشرات من القبائل تسمى مجموعة الزاندي او نوع (بحر الغزال) حسب تقسيمات علم الإناسة وحسب كتاب سلجمان عن القبائل النيلية الوثنية في السودان.

نعود للشمال فنجد في النيل الأزرق وجبال النوبة العروق والمعراقيين الذين يتحدثون عن (حبل بندة) وعرق (اركبي) وعن عروق أشجار شتى تستخدم في السحر والعلاجات في الطب الشعبي..

في دارفور أيضاً علوم الحرف والطلاسم واستحضار القوى الخفية المختلفة وارتباط كل ذلك بالعلاج من المس والاستحواذ والأمراض العضوية وإزالة العارض.. الخ.

استخدامات الجن
ويببن أن في الأواسط تجد الزار والفقراء والعلاج بالقرآن واستخدامات الجن والروحانية وكذلك الحال في الشرق والشمال. بعض هذه الطقوس الروحية ارتبطت بجرائم قادت مرتكبيها للشرطة ومن خلال التحريات بعضها كشف واتضح أن ذلك دجلاً وشعوذة وسحراً والبعض الآخر كان غريباً استعصى على التعليل والمنطق فصار غامضاً ولغزاً.

ويقول أبو حراز توافري على هذه الأشياء وأدواتها المادية والطقوس الروحية جعلني ألج هذا الميدان الفسيح وأبحث فيه علي أقف على سر من أسراره فمررت على الكجور والشيخ وكودية الزار ثم بحثت في الإرث العربي والديني والفروق بين المعجزة والكرامة والاستدراج والإعانة والقيافة وتتبع الآثار وسلوك الحيوان البري وما إلى ذلك.

ويضيف لقد تأكد لي أن هذا المجال واسع وبعضه حقيقة ومعظمه خرافة وأطلت الوقوف في مقولة سير آرثر كونان دويل: “إن النقود المزيفة دليل قوي على وجود نقود حقيقية مبرأة للذمة وأن الدجل والخداع دليل أيضاً على وجود علم حقيقي جاء هذا مقلداً له..”

إن الأديان السماوية والأرضية جميعها تتحدث عن كائنات روحية من الجنة: ملائكة وجن وأرواح وأن عالم الروح أكبر بما لا يقارن من عالم المادة الأمر الذي شدني لدراسة الكون والإنسان من هذه الجوانب فعرفت ان القوانين الروحية أعظم وأجل وأكبر من القوانين المادية وأن هذه الحياة التي نحياها لها ظاهر وباطن وكل شيء في الوجود له ظاهر وباطن والحق سبحانه وتعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن في إطلاقه وما عداه في المحدودية، وأن كل الذي يعمل في الكون هو قوانين إلهية هي سنة الله التي لا تبديل ولا تحويل لها وما القوانين المكتشفة إلا بعض تلك السنن ولم يخلقها الإنسان فقط اكتشفها وهي أصلا هنا وهناك “والله من ورائهم محيط”.

التوبة هي الحل
من جانبه يواصل الشيخ بشرى حديثه ويقول إن التوبة والتوحيد هما المخرج الوحيد والعلاج الناجع إضافة للرقية الشرعية والأدعية المأثورة ولكن للأسف كثير من الناس تركوا طريق الحق واتبعوا الباطل بمحاولتهم الذهاب الى الدجالين لاسترضاء تلك العوالم ومن ثم تمكينها فكلما تلبي طلباتها تمكنت أكثر وهناك من يذبح لها دون ذكر اسم الله ومن يبتليه الله بهذا المرض عليه بالصبر واللجوء إلى الله والتضرع إليه وأن يتمسك بالتحصينات الشرعية وسورة البقرة ففي أخذها بركة وفي تركها حسرة ولا تستطيعها البطلة.

حكايات يرويها: معاوية السقا
صحيفة الصيحة