طب وصحة

مصاب بالإنفلونزا؟ الزم بيتك


عند انتشار لقاح الإنفلونزا، راح الناس يقبلون عليه كما لو أنّه ترياق سحري. إلى ذلك، نصف لأنفسنا مضادات حيويّة نراها ضروريّة للشفاء. لكنّ الحماية من المرض الشتوي قد تكون أكثر بساطة.

خلال فصل الشتاء، يُسجَّل ارتفاع كبير في الأمراض وحدّتها، لا سيّما التهابات الجهاز التنفسي التي تستهدف تحديداً ذوي المناعة الضعيفة، كالأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة تختلف طبيعتها إلى جانب كبار السنّ والأطفال الصغار.

وقبيل حلول فصل البرد، يتهافت كثيرون على الصيدليات طلباً للقاحات الإنفلونزا التي تنفد في أحيان كثيرة. بالنسبة إليهم، هي كفيلة بتأمين الوقاية لهم. إلى ذلك، يلجأ كثيرون عشوائياً إلى المضادات الحيوية كلّما شعروا بعارض ولو بسيط، إذ يظنّون أنّ في ذلك علاجاً سريعاً وحماية لهم. لكنّ تلك المضادات بحسب أهل الاختصاص الذين يحذّرون من استهلاكها كيفما اتفق، خطيرة وقد تؤدّي بمتناوليها إلى غرف العناية الفائقة.

يقول الطبيب المتخصص في الأمراض الجرثومية والمعدية، الدكتور بيار أبي حنا، إنّ “الأمراض التنفسية تكثر في فصل الشتاء. نتيجة البرد والصقيع، تتكاثر الفيروسات والبكتيريا التي تنتج عنها التهابات رئوية. كذلك، ينشط موسم الإنفلونزا في آخر أشهر السنة”. ويتحدّث لـ “العربي الجديد” عن إجراءات وقائية من قبيل “لقاح الإنفلونزا الذي يُستحسَن التحصّن به ابتداءً من شهر سبتمبر/ أيلول، كحماية أولية. يُذكر أنّ مفعوله لا يسري إلا بعد أسبوعَين تقريباً”. ويشدّد على أنّه “من المستحسن تحصين الأشخاص الأكثر عرضة للالتهابات الرئوية، بهذا اللقاح. وهؤلاء هم الذين يعانون من أمراض مزمنة في القلب والكلى والرئتَين ومن داء السكّري ومن الأمراض السرطانية، بالإضافة إلى الذين يشكون من ضعف في المناعة والمتقدّمين في السنّ والأطفال دون الخامسة والنساء الحوامل وكذلك العاملين الصحيّين”.

ويوضح أبي حنا أنّ “الوقاية لا تكمن فقط في لقاح الإنفلونزا”، مشدّداً على “ضرورة التنبّه إلى عدم الاقتراب من أشخاص مصابين بالإنفلونزا أو تقبيلهم. أمّا إذا كنّا نحن مصابون، فلا بدّ علينا من تجنّب الاحتكاك بالناس حتى لا ننقل العدوى إليهم. وفي حال السعال، يجب تغطية الفم والأنف بمحارم تُرمى لاحقاً على أن تُغسل اليدَين بعدها”. كذلك ينصح مريض الإنفلونزا “بالمكوث في المنزل لمدّة ثلاثة أيام على أقلّ تقدير، تجنباً لنقل العدوى لغيره وحتى يستعيد صحته من جديد ويُشفى كلياً”.

مضادات حيوية عشوائية

من جهته، يشدّد المتخصص في الطب الداخلي، الدكتور معين جمال، على “تجنّب تناول المضادات الحيوية عشوائياً لأنّها قد تلحق الأذى بالصحة ولا تؤدّي إلى النتيجة المرجوّة منها”. ويقول لـ “العربي الجديد” إنّ “أكثر الأمراض التي تتزايد في فصل الشتاء هي الالتهابات الرئوية والتهابات الجيوب الأنفية، لذا من المستحبّ أن يتّخذ الناس احتياطاتهم عند تغيّر الطقس. ومن المهمّ الإكثار من شرب المياه وتناول الفيتامين سي”. وإذ يؤكد على “أهمية تكرار غسل اليدين للتخفيف من احتمالات انتقال العدوى”، يوضح أنّ “الإنفلونزا في معظم الحالات تأتي بسبب فيروس وليس بكتريا (جرثومة). وقد تبيّن لنا أن 90 في المائة من الأمراض الناتجة عن فيروس الإنفلونزا لا تحتاج إلى مضادات حيوية للشفاء، لا بل قد تؤدّي هذه الأخيرة إلى مضاعفات صحية قد ينتهي المريض على أثرها في المستشفى”.

ملازمة البيت ضرورة

في السياق نفسه، توضح الطبيبة المتخصصة في الأمراض الصدرية، الدكتورة ميرنا واكد، لـ “العربي الجديد” أنّ “ثمّة فئتَين من الناس معرّضتَين للإصابة بالإنفلونزا. ثمّة أشخاص مصابون بأمراض تجعل مناعتهم ضعيفة، من أمثال المصابين بانسداد رئوي أو بالربو أو بالسكري، لذا من الأفضل تحصينهم بلقاح ضد جرثومة المكورة الرئوية (بنوموكوكوس) خصوصاً الذين تخطّوا الخمسين من عمرهم. أمّا الفئة الثانية فهي الأشخاص غير المصابين بمرض مزمن. هؤلاء، من المفضّل أن يلازموا المنزل عند الإصابة بالإنفلونزا، تفادياً لنقل العدوى إلى غيرهم، سواءً في العمل أو في أيّ مكان عام”. وتشدّ كما زملائها على “ضرورة عدم تناول المضادات الحيوية عشوائياً، حتى لا تتشكّل أيّ مناعة أو مقاومة علاجية”. إلى ذلك، تنصح الفئة الأولى بتفادي زيارة المرضى في المستشفيات، تفادياً لنقل العدوى.

إلى ذلك، ينبّه الطبيب المتخصّص في الأمراض الصدرية، الدكتور جورج خيّاط، إلى ضرورة تفادي التعرّض لتغيير مفاجئ في الحرارة. ويشرح لـ “العربي الجديد” أنّ “الانتقال من جوّ بارد إلى جوّ دافئ أمر لا بدّ من تجنّبه، لأنّ ذلك يعرّض الشخص أكثر للإصابة بالإنفلونزا”. وينصح من يضطر إلى ذلك، “بتغطية الأنف والفم لأنّ الهواء البارد يؤثّر سلباً على الجهاز التنفسي، كذلك الأمر بالنسبة إلى الدفء الزائد”. وإذ يشير خيّاط إلى أنّ “التحصّن بلقاح الإنفلونزا يخفّف من احتمالات الإصابة أو حدّتها”، يشرح أنّ “ثمّة أكثر من مائة سلالة من فيروس الإنفلونزا، واللقاح لا يحصّن الناس إلا ضدّ أربع سلالات فقط. من هنا، نشدّد كثيراً على أهمية اتخاذ الإجراءات الوقائية للحدّ من تداعيات الإنفلونزا في فصل الشتاء”.

العربي الجديد