رأي ومقالات

السفير البريطاني بالخرطوم مايكل أرون: نتفق مع الحكومة في إنهاء تفويض اليوناميد.. ولكن!!


في مطلع ثمانينيات القرن الماضي لم يكن بمقدور الشاب البريطاني مايكل أرون الذي كان يعمل أستاذا للغة الإنجليزية في مدينة الدامر أن يدرك بسبب حداثة سنه – العقد الثاني من عمره – حجم التحولات الكبيرة التي تحدث في السودان لا سيما بعد مضي الرئيس الأسبق جعفر نميري في تطبيق قوانين مستمدة من التشريع الإسلامية على الرغم من المعارضة الدولية والإقليمية والداخلية، غادر أرون السودان والتحق بالخارجية البريطانية ليصبح سفيرا في عدد من الدول، قبل أن يعود للسودان في أغسطس من العام 2015 في بلد ألفه ويجيد التحدث بلغته، إلا أنه شهد تغييرات كبيرة، تابعها أرون كدبلوماسي عمل في شؤون الشرق الأوسط، في هذه المساحة التقت به (السوداني) وطرحت عليه العديد من التساؤلات:

· بحكم زيارتك لإقليم دارفور كيف تقيم الأوضاع هناك؟
نحن كدبلوماسيين نزور العواصم، زرت نيالا والفاشر وخرجنا قليلا من العواصم لكن مع قافلة كبيرة من اليوناميد، زرت أحد مراكز الخدمات لدولة قطر في الطريق إلى عد الفرسان، وزرنا بعض المشاريع التي ندعمها في جنوب وشمال دارفور، من الواضح أن الوضع الأمني تحسن كثيرا عما كان قبل عام أو اثنين، حيث كانت العديد من المشكلات تحدث حتى في عواصم الولايات، لكن أعتقد حسب ما سمعت وقرأت أنه ما زالت هناك مشاكل أمنية بين القبائل الرعاة والمزارعين، ونحاول أن نساعدهم في حل هذه المشاكل، عبر صندوق مجتمع دارفور للسلام والاستقرار هذا المشروع المدعوم من الــ(UNDP) وبمساعدة الحكومة البريطانية، وقد زرت مدرسة أسست لتجمع بين الشباب من المزارعين والرعاة مع بعض النازحين، في محاولة لتشجيعهم للعيش معًا دون مشاكل، وكان هناك أيضًا مشروع مسارات الرعاة (المرحال)، لتقليل النزاعات بين الرعاة والمزارعين، بجانب مشكلة النزاعات القبلية تبقى قضية النازحين في المعسكرات حيث يصل عددهم لأكثر من مليوني نازح، وهم بحاجة للمساعدة من المجتمع الدولي، والأمن بالنسبة لهم مهم جدًا، يوناميد مثلاً تؤدي دورًا مهمًا جدًا في هذا الشأن، طبعًا هناك مجموعات صغيرة في جبل مرة تحت سيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، ونحن نحث عبد الواحد على أن يكون جزءا من عملية السلام ويتفاوض مع الحكومة في إطار خارطة الطريق وأعتقد أن هذا مهم جدًا ومسؤولية عبد الواحد في هذا المجال كبيرة، فالحل النهائي للحرب في دارفور عبر السلام.
· هل تعتقد أن المجتمع الدولي يجب أن يضغط أكثر على من يرفض السلام ويرفض الدخول في خارطة الطريق؟
أنا أعتقد أن المجتمع الدولي يعمل كثيرًا لمساعدة ودعم جهود إمبيكي، لإنجاح خارطة الطريق التي كتبت في فبراير الماضي ووقعت عليها الحكومة في مارس، وبعد جهود كبيرة من المجتمع الدولي وضغط كبير على نداء السودان وقعت عليها بدورها، والآن هناك ضغط كبير على ياسر عرمان ليقبل المبادرة الأمريكية ونستمر في هذه الجهود وأعتقد أن تعاون دول الترويكا من جانب والاتحاد الإفريقي من جانب آخر مهم ومفيد لهذا التنسيق، وطبعًا نريد حلاً لهذه المشكلة وأعتقد أنه كان هناك تقدم ملموس خلال العام الماضي.
· ما موقف بريطانيا من دعوة السودان لإنهاء تفويض البعثة الأممية “يوناميد”؟
نحن نعتقد أن ليوناميد دوراً مهماً، ونتفق مع الحكومة في إنهاء تفويض عملية حفظ السلام ولكن يجب أن تستمر إلى الأبد، هذا غير منطقي، ونتشارك اهتمام الحكومة بإنهاء تفويض اليوناميد، وفي قرارات مجلس الأمن وُضعت ثلاثة أهداف لهذا الغرض، وأعتقد أن الحكومة السودانية قبلت بهذا، من أبرز هذه الأهداف حماية المدنيين خاصة النازحين، حتى الآن أعتقد أن استمرار دور يوناميد في هذا المجال مهم، صحيح كما قلت من قبل إن هناك تحسنًا في الأوضاع الأمنية، لكن في العديد من المناطق لا يتوفر حكم القانون، وآلياته سواء قوات الشرطة، والمحاكم، لذلك نعمل مع الأمم المتحدة، والحكومة السودانية، لتعزيز حكم القانون، عملية حفظ السلام في دارفور (يوناميد) تكلف المجتمع الدولي أكثر من مليار دولار سنويًا واستمرارها إلى الأبد أمرٌ غير منطقي، خاصة أننا كبريطانيين ندفع أكثر من خمسين مليون جنيه استرليني كل سنة في هذه العملية، ولا نريد أن ندفع إلى الأبد، نريد إيقاف هذا الوضع، لكن لا بد أن يكون هناك شيء بديل ومفيد وفقًا لتوافق وتفويض.
*ما تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على علاقاتها بالسودان؟
يمثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فرصة لتعزيز العلاقات مع الدول خارج أوروبا وعلى رأسها السودان، والملاحظ لحجم التبادل التجاري بين البلدين يلحظ أنه أقل من الطموح، وستسهم عملية الخروج في تعزيز العلاقات التجارية لبريطانيا مع دول العالم دون تعقيدات الاتحاد الأوروبي الذي كان يستلزم توقيع اتفاقات بهذا الشكل في بروكسل، في المستقبل بعد اكتمال عملية الخروج سيتم التعامل مباشرة بين لندن والدول المعنية.
· بريطانيا منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق توني بلير أشارت إلى أنها ستسعى لأداء دور عالمي فاعل ولا تجعل واشنطن وحدها تنفرد بما يعرف بالقطبية الواحدة، ألا ترى أن بريطانيا خرجت من أداء أدوار فاعلة في الشرق الأوسط؟
لا أعتقد ذلك، أعتقد إننا نؤدي دورًا مهمًا ومفيدًا في الإقليم، الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أنا كنت سابقًا سفير لليبيا، الدور البريطاني في ليبيا كان مهم جدًا مع الأمم المتحدة والاطراف المعنية بالتشاور والعمل حول الكيفية المناسبة لمساعدة الشعب الليبي لاستعادة الاستقرار وبناء مؤسسات راسخة، وفي سوريا الوضع سيء جدًا ولكن بريطانيا أدت دورًا مع الشركاء من الخليج وأمريكا لحل هذه المشكلة، وفي العراق ثمة مساعدة للحكومة العراقية، ومساعدة في تدريب الجيش العراقي لمكافحة الدولة الإسلامية (داعش) في شمال العراق، ونعمل مع الزملاء في الخليج وغيره من الدول العربية ودورنا مستمر وأعتقد بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، ومع الحكومة الأمريكية الجديدة التي لا يبدو أن دورها واضح تمامًا في الشرق الأوسط، وهو ما يعني دوراً ومسؤولية أكبر لبريطانيا.

حوار: محمد عبد العزيز
السوداني