منوعات

“ملهمة الفنانين” أحدثت الفنانة الراحلة منى الخير تحولاً في عالم الغناء وأخرجت الأغنية من نمط الحماسة وبيوت الأعراس إلى الفضاء الواسع


من أصوات النساء الرائدات في عالم الغناء تأتي الفنانة الراحلة منى الخير التي أحدثت تحولاً في الغناء النسائي سيراً على درب عائشة موسى الشهيرة بـ (الفلاتية)، وتُعد أغنية “ما رأيت في الكون حبيبي أجمل منك” هي أولى الأغنيات التي رددتها وعُدّت – في ذلك الحين – مؤشراً لخروج المرأة المغنية من نمط أغاني الحماسة وأغاني البنات في بيوت الأعراس إلى الفضاء الغنائي الواسع.
رفضت أسرتها – كما كان متوقعاً وسائداً حينها – أن تتغنى ابنتها بهذا النمط من الغناء، فتصبح مثل المغنين (الرجال)، لاحقاً وبعد جهد وإصرار وعزيمة تمكنت منى الخير بفضل احترامها لنفسها وفنها من إقناع أسرتها بأنها تبلي حسناً في هذا الصدد، فسمحت لها بالسير قدماً في درب الفن.

مسيرة فنية
في السياق، قال الباحث في التراث الغنائي محمد جاد الله لـ (اليوم التالي): ظهرت منى الخير كفنانة ضمن فرقة الخرطوم جنوب، وكانت أول فنانة تقدمها الفرقة، وذلك في العام 1956 الذي واستمرت مسيرتها بعد ذلك، وأقنعت عدداً من الشعراء والملحنين بصوتها وإمكاناتها. وأضاف: قدم لها الشاعر عبد الرحمن الريح أغنية “عيون المها يا عيون يا عيون انت لون الليل زي لونك سوادو كحيل كلاهم اراهو جميل للعارف جمال الليل”.. وأيضا أغنية (أحزان معاك) من تلحين خليل أحمد. وأردف: التقت بالشاعر عبد الرحمن الريح في عدد من الأعمال الأخرى من بينها أغنية “أنا ما بنسالك لوانت نسيت الناس والحب الخالد”.

أم الكل
من جهته، قال الموسيقار عوض اللورد لـ (اليوم التالي): التقت منى الخير بالشاعر النعمان على الله في أغنية (من بعيد لبعيد) وأهداها الشاعر سعد الدين إبراهيم واحدة من أجمل ما تغنت بها، وهي من أوائل أعماله الغنائية أغنية (أبوي)، ويقول مطلعها “شعبنا روح آمالنا ضو البيت ضراعو الخضرا ساريتنا تقبل في ظلالها”.. فضلا عن كونها كانت صاحبة رأي سديد مارست أمومتها على (وحيدتها) وأسبغت عليها حنوا لا يوصف. وتابع: كان الجيران يطلقون عليها (أم الكل)، وكيف لا وهم يرونها تقدس مفردة الأمومة، وتستوعب معناها، حتى أنها رددتها لحناً حنوناً تجلى من خلال أغنيتها الرائعة للأم (أمي أنا يا أمي) قبيل رحيلها الصاعق في26/1/1980م.

البوح وتجاوز الصمت
وُصفت منى الخير بأنها جميلة (خلقة وأخلاق)، وفي ذلك كتب عنها المؤرخ الاجتماعي الأمدرماني الشهير الأستاذ (شوقي بدري) بأنها كانت ملهمة الفنانين، وهي واحدة من ملهمات ود الريح، إذ يقول “منى عمري وزماني” وفي أغنية الجابري إشارة لذلك “أنا يا منى لم كم سنة”، وكذلك في أغنية (الدنيا منى وأحلام) لإبراهيم عوض، حيث أكد بدري أن جميعها كانت من إلهام الراحلة منى الخير التي اتسمت بلونها الأبنوسي الخلاسي الجميل وصوتها الفيروزي.

الخرطوم – منهاج حمدي
صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد

  1. حقيقة هي واحدة من أجمل الأصوات التي غنت في السودان ونحن من الجيل الذي تمتع بحفلاتها وغنائها الجميل ولا زلنا نستمع إليها بكل متعة رحمها الله رحمة واسعة