طب وصحة

الذباب “مصاص الدماء”.. لاكتشاف الأمراض!


على الرغم من التقدم العلمي الذي يشهده العالم في كافة المجالات، لا يزال الباحثون عاجزين عن التنبؤ بالضبط أين ومتى وكيف تنشأ الأوبئة التي تصيب الإنسان؟

فقد توصلت دراسة جديدة إلى أنه يمكن استخدام الذباب مصاص الدم بمثابة “حقن سحب عينات طائرة” للكشف عن الأمراض المعدية في الحيوانات قبل أن تنتشر إلى البشر.

وقام الباحثون بتحليل وجبات الدم من الذباب الذي يمتص دم الحيوانات لمعرفة أنواع الحيوانات التي تحمل أمراضا معينة، وفقا لما نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.

ويمكن أن يساعد البحث في مكافحة تفشي الأمراض في المستقبل، مثل إيبولا وزيكا، وهي أمراض معدية في الحيوانات يمكن نقلها إلى البشر.
7 مسببات للأمراض الجديدة

ووفقا للباحثين، يتم تحديد 7 مسببات للأمراض الجديدة في جميع أنحاء العالم كل عام، ومن المتوقع أن تصل ما بين 15 و20 كل عام بحلول العام 2020، بسبب زيادة الاتصال البشري مع أنواع الحياة البرية التي يحتمل أن تحمل المرض.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، والعالم في مجال الوراثة التطورية، الدكتورفرانك بروغنول، من المركز الوطني للبحوث العلمية في مونبلييه بفرنسا “إن هذه قضية ضخمة في مجال الصحة العامة، تتطلب على وجه السرعة أدوات جديدة للرصد النشط لتفشي الأمراض المعنية والتشخيص السريع لمسبباتها”.

وأضاف “أردنا دراسة ما إذا كانت الحشرات المتغذية على الدم يمكن أن تستخدم كأداة لأخذ العينات في البيئة البرية، ما يسمح لنا بمراقبة وجود وظهور الأمراض المعدية”.
بديل لاصطياد الحيوانات

وعادة، فإنه لدراسة مسببات المرض، التي يتم تداولها في المواطن البرية، يقوم الباحثون بتحليل الحيوانات التي يصيدها البشر من أجل الحصول على الغذاء. ومع ذلك، فإن هذه الحيوانات لا تقدم عادة سوى النزر اليسير من واقع الحياة البرية في المنطقة.

وهناك طريقة أخرى تتمثل في نصب فخاخ للحيوانات لدراسة وجود العدوى في أعضائها وأنسجتها، ولكن هذا ليس من السهل القيام به، كما أنه يمثل خطورة على الأنواع المعرضة للانقراض.
مصائد الذباب

وأظهرت الأبحاث السابقة أن الحمض النووي للحيوانات، ومن أمراض مثل الملاريا، يحتفظ بها في وجبات الدم للذباب.

ويعد هذا الأمر هو الذي أوحى للدكتور برونول وفريقه البحثي بالفكرة لمعرفة ما إذا كان يمكن استخدام وجبات الدم كوسيلة غير تدخلية لدراسة مسببات الأمراض المتداولة في الحيوانات البرية.

لذلك أجرى الباحثون دراسة على مدى 16 أسبوعا في 4 حدائق وطنية في غابات الغابون، في إفريقيا الوسطى. وأقاموا مصائد لـ3 أنواع من الذباب (الـ”تسي تسي”، والـ”ستومكسيدس” والـ”تابانيدز”) ثم قاموا بتحليل وجبات دم الحشرات لتحديد مصدر الدم وأنواع طفيليات الملاريا الموجودة.
انتهازية تسي تسي

وتم اصطياد أكثر من 4000 ذبابة، 30% من غالبيتها من ذباب الـ “تسي تسي” الذي كان مشبعا بالدم. وذبابة تسي تسي تنقل ما يسمى مرض النوم، الذي يسبب أعراضا مثل الحمى والصداع وآلام المفاصل ودورات النوم المضطرب.

ويشرح المؤلف الرئيسي للدراسة، دكتور بول يانيك بيتوم-إسونو، من المركز الوطني للبحوث العلمية في مونبليه بفرنسا، الأمر قائلاً: “كنا نظن أن ذبابة تسي تسي قد تكون مرشحا جيدا في دراستنا، حيث إن كلا الجنسين يتغذى على الدم، فهي كبيرة الحجم ويسهل صيدها، كما أنها تتواجد بأعداد كبيرة في وسط إفريقيا، وهي متغذيات انتهازية، مع عدم وجود تفضيل قوي لحيوانات مضيفة بعينها، لذلك فإنها قد تتغذى على مجموعة واسعة من الحياة البرية”.
18 نوع ملاريا جديداً

واستخدم الباحثون تقنية جديدة لدراسة الحمض النووي لوجبة الدم، والعثور على أصل الحيوان المضيف لثلاثة أرباع العينات. وأظهرت النتائج أن الذباب قد تغذى على أكثر من 20 نوعا مختلفا تتراوح من الفيلة وفرس النهر إلى الزواحف والطيور. ووجدوا طفيليات الملاريا في حوالي 9% من وجبات الدم، بما في ذلك 18 حالة من أنواع الملاريا التي لم تكن موثقة في السابق. كما حددوا الحيوانات المستضيفة لبعض أنواع الملاريا التي لم يكن مضيفها المفضل معروفا من قبل.
أمراض جديدة

وقال دكتور برونول: “تظهر هذه النتائج أن وجبات الدم من الذباب المتشبع بالدم يمكن استخدامها بنجاح لتحليل تنوع طفيليات الملاريا المعروفة”، مشيرا إلى أن الخطوة التالية هي النظر في طرق لتحسين الطريقة باستخدام تقنيات جديدة لتسلسل الحمض النووي وطرق الكشف عن المرض.

وأضاف: “يمكن لهذا النهج من “مراقبة غير المضيف” الكشف عن مسببات الأمراض قبل أن تنتشر إلى الإنسان، فضلا عن ظهور أمراض جديدة في الحيوانات البرية التي قد تهدد بقاءها على المدى الطويل.

العربية نت