تحقيقات وتقارير

معايير جديدة: صارت مهن التدريس والطب خارج اهتمامات الفتيات في ما يتعلق باختيار شريك الحياة


اختلاف معايير وأسس اختيار الشريك أو الزوج لدى الفتيات في السنوات الأخيرة، جعل فرص الارتباط برجال يعملون في مهن بعينها أقل حظاً من غيرهم، وأضعف حظوظهم في الزواج والعثور على فتاة تقبل بهم، الأمر الذي دفع عدداً من هؤلاء إلى الالتفاف للأمر وعدم الإفصاح عن مهنتهم إلا في نهاية المطاف.
في السابق، كانت النساء يتمنين الزواج من المعلمين والأطباء إضافة إلى سائقي السيارات، وكان غناء البنات يدور حول تلك المهن ومثال على ذلك أغنية يـ “الماشي لي باريس جيب لي معاك عريس شرطا يكون لبيس ومن هيئة التدريس” بالنسبة للمعلمين، وأغنية “الدكاترة يا الستة أنا البي ريدكم هلكت” التي كانت تتغزل في الأطباء، وأيضا هناك أغنية “البنسلين يا تمرجي نادوا الحيكم” بجانب “يا السائق الكريسيدا سمحه وسمح سيدا” و(سائق الفيات)، وغيرها الأمثلة كثيرة لأغنيات نسائية تعبر عن أحلام البنات بالزواج من أستاذ أو طبيب.

بعيداً عن الأحلام
في زماننا هذا انقلبت الصورة رأساً على عقب وأضحى الأطباء والأستاذه الأكثر بُعداً عن أحلام وأمنيات النساء والفتيات لأسباب عديدة وعوامل متفرقة بفعل التطور والعولمة التي اجتاحت المجتمعات، والتي أثرت على كافة مناحي الحياة، بما فيها معايير الاختيار والارتباط بشريك العمر، والتي يعد فيها المال والنفوذ المعيار الأهم والأنسب لدى الكثيرات وأفقد الرجال العاملين المهن الرسالية وذات القيمة السامية مكانتهم في سباق التنافس والخيارات المفتوحة على المركز والرصيد البنكي والسكن الفاخر وغيرها من المستجدات التي تضعها نساء اليوم للقبول بالزوج، وتحول الأغنيات الآن إلى الدعوة لعدم الارتباط بهؤلاء كأغنية “المدرسين المفلسين.. بري منهم” وأغنية “ما بدور المزارعين البجيب الملوة في الطاقية” وغيرها.

دراسة جدوى
الأستاذة نفيسة مكي تقول لـ (اليوم التالي): “اختلاف الآراء موجود من زمان لكن يمتصها الحب والشباب أصبحوا ما عندهم تحاور وأصابهم الغرور”. وأضافت أن الفتاة تختار الشاب الوسيم (نيولوك) الذي يملك المال والعربية عكس زمان الزواج يكون عن طريق الحب وتختار الشخص المسؤول عن واجب البيت والأطفال لكن الزواج بقى دراسة جدوى.

القلق والاكتئاب
من جهتها تقول اختصاصية علم النفس سارة محمد الطاهر لـ (اليوم التالي): قناعات المجتمع النسوي اختلفت وأحلام الفتاه السودانية أصبحت محصوره في المادة دون الأخلاق والفكر والثقافة، وبالتالي أصبح الغناء لصاحب المال دون منازع، لأنه يحقق طموح الفتاة في الشيلة والصالة، لأنها تعد بنداً يحمل في طياته ثلاثة بنود على أقل تقدير مثل الحناء والزواج والجرتق، مشيرة إلى أنه إذا ارتبط اختيار الزوج بالماده تصبح مشكلة معقدة، لأن السعادة هنا ترتبط بالمال، وبالتالي من ناحية نفسية يكون الاعتقاد في السعادة مع الزوج بماله بداية من مراسم الزواج إلى الاستقرار، وبالتالي استمرار السعادة مرهون باستقرار المال، وهذا في حد ذاته يسبب قلقاً نفسياً يمكن أن يكون ظاهراً أو مخفياً خوفاً من فقدان هذا الوضع حتى التقدير واحترام هذا الزوج يكون مرتبطاً بهذا الوضع المادي، وفي هذه الحالة تصبح مكانة الزوج مهددة.

استقرار الحياة الزوجية
قالت الأستاذة هادية قاسم لـ (اليوم التالي): اختلفت معايير اختيار الزوج عن السابق، فقديما كان الدكتور أو المزارع يمثلان غاية عظمى للفتاة، وذلك وفقاً للأوضاع الاقتصادية التي كانت تنعمان بها هاتان الفئتان. وأضافت: اليوم أصبح المغترب هو الغاية المثلى التي تتطلع إليها الفتاة، وقد نجد أن الظروف المعيشية والاقتصادية المتردية التي تعيشها مجتمعاتنا هي التي فرضت هذا الاختيار، فالرجل الذي يملك دخلاً محدوداً لا وجود له في قائمة اختيار الفتاة لشريك حياتها، لذا نجدها تحبذ الرجل المغترب أو صاحب المال والأعمال، مشيره إلى أن كثيراً من الفتيات لا يحسن الاختيار، ويقعن ضحية للمعيار المادي، فكثير من ذوي الدخل العالي قد لا يكونون مسؤولين مسؤولية تامة لإدارة حياة زوجية، أو ربما كانت أخلاقهم غير حميدة، الأمر الذي ينعكس سلباً على تربية الأبناء واستقرار الحياة الزوجية.

الخرطوم – ساره المنا
صحيفة اليوم التالي