تحقيقات وتقارير

الأزياء الضيّقة.. جكسا يعود لخط ستة


طالبة: معروضات السوق فرضت عليّ أن أرتدي الأزياء الضيقة

موظف: الزي الذي يُشاع أنه محتشماً حالياً يتنافى مع الزي الإسلامي

ابن باز: الملابس يجب أن تكون وسطاً للمرأة وللرجل أيضاً

يبدو أن ظاهرة الزي الضيّق الذي ترتديه العديد من الفتيات والنساء في طريقها لأن تمتد بصورة أكبر، خاصة بعدما أوشكت أن تكون هي السمة الغالبة في الأسواق والجامعات والطرق العامة، وهو ما يدعو إلى الوقفة الحقيقية، ولا سيّما بعد أن دخلت مفاتن الأنثى مرحلة “التسليع” في نظر الكثيرين بسبب تلك الملابس الضيّقة أو “المحزق والملزق” كما يطلق عليه في الأوساط الشعبية.

الشاهد أنه بعد أن مرت مرحلة (الكارينات) طفت على السطح موضة الإسكيرت الضيّق والقصير، وهو ما أعاد حركة التاريخ إلى الوراء، ذلك أن مثل تلك الملابس كانت شائعة في السودان.

موضة
الانتقادات التي توجّه إلى زي الفتيات في هذا الجيل، كان مصدر استغراب لدى رضاء أحمد، بحجة أن الزي يكون خاضع لإفرازات وثقافة كل حقبة زمنية، وقالت إن كل الأجيال تمر بما يعرف بالموضة، وأضافت أن قديماً كان الأمهات يرتدين إسكيرتات قصيرة جداً كُنّ يطلقنَ عليها أسماء متعددة، واشارت إلى أن أمها أبلغتها أن هذا النوع من الإسكيرتات القصيرة كانت تُلبس مع بلوزات شبه عارية، وقالت إن ذلك كان زيّاً متاحاً وشائعاً، وليس هناك أيّ غبار على من ترتديه من البنات حينها، وأضافت أن ذلك الزي كان يُلبس بمصاحبة الثوب السوداني، وقالت إن الأمر كان عادياً ولم يكن تلحق بأي فتاة أو سيدة ممّن كن في ذلك العهد أيّة صفة موغلة في الإهانة، وأوضحت أن ما ترتديه البنات اليوم ليس شاذاً، فالإسكيرت الذي ينتشر الآن فيه بعض القصر نعم، ولكن ليس عليه أيّ ملاحظة من لفت انتباه مقارنة بما كان في الماضي، فهو يُعبّر عنا كجيل له حق كامل في ارتداء موضة تتناسب معه.

عصرية
أقرّت (نسرين .م) الطالبة الجامعية بأنها ترتدي الزي الضيّق بالرغم من أن بداخلها صوت يناديها بعدم القناعة بما تلبس، وقالت إن المشكلة تكمن في أن السوق ليس به إلا هذا النوع من الملابس، وأكدت أن هذا فرض أزياء معينة على البنات، خاصة أن من لا تلبس ممّا يعرضه السوق توصف بأنها رجعية ولا تفهم في الموضة أو الإستايل، وأشارت إلى أن الملابس الموجودة بالسوق الآن غير مقنعة إطلاقاً.

دور البيت
حاجة سيدة محمد يعقوب، ربة منزل تقول إن التربية السليمة هي المسؤول الأول عن كل سلوك البنت بما في ذلك إرتداؤها للملابس، وقالت إذا كان المربي وولي الأمر متهاوناً فلا تُلام البنت على ما تلبسه، وأشارت سيدة إلى أن البنت أيضاً لها جانب يجب أن تقوم به من خلال تلقيها التعليم وهو توعية نفسها بنفسها، مشيرة إلى أن الفتاة تفرض على المجتمع أن يحترمها، وقالت إن الزي الذي يلبسه كل إنسان هو عنوان له، مبينة أن المجتمع السوداني ما زال محافظاً، وله آراؤه التي أصبحت أعرافاً على الكثير مما يهم أفراده المختلفون، وشددت على أنه يجب على البنت أن تكون ملتزمة بما يرضي ربها ومجتمعها من زي محتشم حتى لا تُحرك تجاهها صاحب نفس ضعيفة أو مدعِ بالقول السافر عنها، فهي ترى بقولها هذا أن البيت هو المسؤول بشكل مباشر عن تنشئة البنت تنشئة قويمة تضمن لها الكثير.

رأي الرجل
وبدوره هاجم عادل الوسيلة وهو موظف زي البنات، بيد أنه عاد وأكد أن هذا النوع من الزي كان شائعاً في وقت سابق، وأضاف أنه كان يعرف قديماً بـ(جكسا في خط ستة)، وألحق تعبيره بضحكة قبل أن يعود ويكمل حديثه قائلاً إن الملابس الضيقة في رأيه كرجل، لا تلفت الانتباه بل تدعو للاشمئزاز، ووصف البنت التي ترتدي الزي القصير بأنها جاهلة وينقص عقلها الكثير من الوعي، لافتاً إلى أن أصل البنت هو الاحتشام، وأضاف أن الحشمة تعبر عن مدى وعي البنت الذي ينعكس حتى على مستوى حديثها وتعاملها العام،وأشار إلى أنه لا ينقص قدر البنات بقدر ما أنه يريد أن يوصل مفهوم الرجل تجاه البنت من خلال ما ترتديه، مبيناً أن الزي المحتشم الذي يشاهد بالشارع العام الآن فيه الكثير من الضيق، مما ينافي قواعد الزي الإسلامي المحتشم الذي يفترض أن يكون فضفاضاً، وناشد عادل الجهات المختصة بضرورة توعية البنات للحد من الظاهرة وحتى لا تستشري في المجتمع مخافة عواقبها التي لا يحمد عقباها لكونها تجعل المفاتن مشاعة ومتاحة للنظر.

قديم عتيق
وفي ذات السياق أشار عمار الطاهر وهو تاجر، إلى أنه لوقت قريب كانت المرأة السودانية المشهود لها بالعفة والسترة تتحدث عن الموضة ومستحدثاتها في سوق الأزياء حيث تفتخر بمن تلبس التوب أبو قجيجة والزراق وغيرها من المسميات التي لا تعرفها نساء وبنات هذا الجيل، وأكد أنه تغير المكان الذي من حولنا، ولم يعد كما كان، وأصبحت الأمور على غير نصابها، وهو تغيير لا علاقة له بمتقلبات العصر، بقدر ما له من تأثير قوي على البنية الأساسية التي تقوم عليها المرأة السودانية، خاصة فيما يتعلق بمظهرها العام الذي يعني الكثير بالنسبة لرؤية المجتمع.

مسميات غريبة
في جولتي لبعض المحال التجارية لبيع الملابس سألت صاحب إحدى المحلات اسمه الزبير نصر الدين عن مسميات الملابس بحكم مهنته، فقال كانت هناك طرحة اسمها (عدم الوالي)، وهذا فستان يسمونه (فصل الدين عن الدولة)، وسمى فصل الدين عن الدولة لأنه من قطعتين بلوزة وإسكيرت، ويفصل منتصف الجسم عند منطقة السرة، فيصير الجسم بهذه اللبسة أعلى وأسفل، وأكد أن أسعارهم مناسبة ، أما الإسكيرت الضيق جداً مع فتحتين تظهر الأفخاذ وما فوق الركبة فهو اسمه السودان الجديد، ويستعاض عنه أحياناً بـ(السودان جميل).

غياب القدوة
وتشير الدكتورة مها مهدي المختص النفسي والاجتماعي الى أن تلك الظاهرة هي نتاج طبيعي لانتشار الميديا بالمجتمع، وأضافت في حديثها لـ(الصيحة) إلى أن الانفتاح حدث في المجتمعات، وهو ما ألقى بظلال سالبة على السلوك العام، وأكدت مها أن الاستلاب الثقافي هو أقرب تفسير لما يحدث الآن في الشارع العام من زي غريب يستهجنه كل المجتمع بمختلف شرائحه مهما أظهروا عكس ذلك، وأوضحت أن الفضائيات لها الدور الأكبر في ترسيخ تلك الثقافات الوافدة والتي تنافي كل الثقافات الموجودة ببلادنا، ولفتت إلى غياب القدوة الحسنة لدى معظم الشباب والشابات مما يجعل مثل تلك الظواهر تنتشر بشكل مزعج.

معايير
ويرى الشيخ المدثر عبدالرحمن أن الدين لم يفرض زياً معيناً، لكنه وضع معايير لذلك الزي بالنسبة للمرأة، وهو أن يكون واسعاً لا يشف ولا يظهر ما خلفه، وأن لا يلتصق بالجسم، أو ضيقاً يصف مفاتن المرأة، وقال لـ(الصيحة) إن الدين لم يضع أيّة مواصفات للون ذلك الزي، فقط ألا يكون لافتاً.

وأضاف الشيخ مدثر أن الزي الضيق بشكل عام مرفوض مهما كانت الداوعي، لأنه مثير للغرائز، وهو سبب أساسي من أسباب انتشار الزنا والأفعال الفاحشة، ويخلق الفتن، وهو بمثابة الدعوة إلى كل مصيبة على المجتمع، وقال إن الصلاة بالزي الضيق لا تجوز، ولا لبسه لخارج المنزل، كونه يكشف عن مفاتن أمر الدين أن تُستر.

فتنة
وسبق أن أفتى الشيخ عبد العزيز ابن باز بأن الملابس يجب أن تكون وسطاً للمرأة والرجل أيضاً، وليس للمرأة أن يبدو منها شيئاً من عورتها، وإذا اعتادت ذلك ربما تساهلت فيه عند الرجال، فينبغي لها أن تحرص على الوسط والتستر الكامل، أما هذا عند النساء أمره أسهل، لكن اعتيادها لهذا عند النساء قد يجرها إلى التساهل بذلك عند الرجال، أو عند المحارم، وقد يكون فيه فتنة لبعض المحارم من الرجال، فينبغي لها التوقي لهذا الشيء، وأن تكون ملابسها ساترة غير ضيقة، بل متوسطة حتى لا تفتن .

تحقيق: تيسير الريح
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. والله الموضوع مثير جدا و للنقاش سمعنا آراء متعددة من عينات من الجمهور بس نحب نسمع رأي الكاتبة سهير في الموضوع محل النقاش واعتقد جازم بأن سهير هي أدري من يتكلم لنا عن الموضوع.بكل شفافية وصراحة. تفضلي.