تحقيقات وتقارير

المواجهة بين مولانا ونجله .. تطور نوعي في صراع (الاتحادي الأصل)


هل يريد الحسن خلق مركز قوة يوازي مؤسسات الحزب؟
مراقبون: “الوطني” اكتشف أن الحسن نسخة من والده في التعاطي مع السياسة

مصادر اتحادية: تقديم الأب لقائمة والابن لأخري يبرهن أن هناك سباقاً محموماً بينهما
ما هي ورقة الضغط التي يحتفظ بها (مولانا) في مواجهة الحكومة؟

ما الذي جعل المؤتمر الوطني يبحث عن بديل لمولانا محمد عثمان؟

يختصر تفسير الاتحاديين للحشد الذي نظمه نائب رئيس وأمين التنظيم للحزب الاتحادي الأصل الحسن المرغني لأنصاره من ممثلي الحزب في الحكومة في الجهازين التشريعي والتنفيذي في دار أبو جلابية بأنه بروز للمعركة الدائرة بين الحسن ووالده للعلن بعد أن رفع الحسن راية التحدي أمام والده بعد أن كانت صراعاً داخلياً كان يدور في الخفاء .

نقلة نوعية
يرى المتابعون لمراحل صراع الأجنحة داخل الحزب الاتحادي الأصل أن هذا الحشد يعد نقلة نوعية لمرحلة جديدة بين زعيم مولانا محمد عثمان الميرغني ونجله الحسن الذي قصد بالتفويض الذي منحه له أنصاره من نواب ووزراء الحزب في المستويين الاتحادي والحكومي ليس أن يتخذ ما يراه مناسباً بشأن استقالات لأن ليس هناك أحد سيستقيل من منصبه ولا حتى الحسن نفسه، ويستبعدون أيضاً أن تكون إشارة احتجاج من الحسن باتجاه المؤتمر الوطني لقبوله قائمة الدستوريين لحكومة الوفاق التي قدمها والده، وقال الذين تحدثوا للصيحة أنه واضح من تقديم الأب لقائمة والابن لأخرى بأن هناك سباقاً محموماً وتنافساً بلغ ذروته بين الحسن ووالده باتجاه المؤتمر الوطني، ويستشهدون في ذلك بالحديث الذي برز أخيراً عن قائمة مزورة لترشيحات الحزب لحكومة الوفاق الوطني، وهو ما يعكس صراعاً بين تياري رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني الذي ظل غائباً عن البلاد منذ العام 2013، ونجله الذي قصد بجمع نواب وتنفيذيي الحزب في الحكومة وجعلهم يصدورن قرارات، وقصد من هذا خلق شرعية بكيان جديد لخلق مركز قوة يتخذ عبره قرارات موازية لمؤسسة الحزب القائمة أصلاً يتحدى بها بل يتجاوز والده مع مؤسسات الحزب، والغريب أن الحسن كان يتخذ القرارات بصورة منفردة طوال الفترة الماضية ولم يسبق له أن جمع مناصريه حتى على أيام الانتخابات .

قائمة ترشيحات
ويذهبون للقول بأن رسالة الحسن باتجاه المؤتمر الوطني أن يبدأ باستقالته أولاً قبل الآخرين، ويقول إن لم يقبل المؤتمر الوطني القائمة التي قدمتها أنا لن أقبل أي منصب، لكن حدث العكس، الحسن طلب من أنصاره أن يقدموا استقالاتهم احتجاجاً على تعامل الحزب الحاكم مع قائمة ترشيحات للحكومة الجديدة من مصدر آخر، ولم تكن هناك أي إشارة لاستقالة الحسن ليؤكد أن هذا ليس أساس الخلاف وإنما أراد الحسن بذلك أن يخلق منهم مؤسسة جديدة للحزب تحت رايته ويجمعها وتتخذ القرارات باسم الحزب ويجمعها متى شاء لهذا الغرض في مقابل مؤسسات الحزب القائمة أصلاً برئاسة والده .

وعن الكيفية التي يصل بها لهذه المرحلة مقرونة بالسؤال المشروع كيف تحول موقف الحسن المرغني من معارض للمشاركة لمقاتل من أجلها، يقول العالمون بمجريات الأحداث وتسلسلها في الحزب أن المؤتمر الوطني قد شعر في فترة ماضية أن علاقته مع مولانا محمد عثمان قد أصابها الفتور وأصبح مولانا كثير المراوغة، لذلك حاولوا الاستغناء عنه وإيجاد بديل بعد أصبحت مواقف مولانا متقلبة، لذلك نشط المؤتمر الوطني في المضي في هذا الاتجاه خاصة عندما غادر مولانا غاضباً قبل القرارات الاقتصادية في سبتمبر (2013) لأن المؤتمر الوطني وعده بتأجيل القرارات الاقتصادية لحين إيداع الحزب الأصل رؤيته حولها ..

ورقة ضغط
الوطني زاد في وعده لمولانا بأنه سيقبل أي طرح يقدمه حزبه ويعمل به، لكن المؤتمر الوطني نفذ ما أراد بالقرارات الاقتصادية وتجاهل وعده لمولانا، ما جعل مولانا بعد مغادرته يوجه هيئة القيادة بإعادة النظر في المشاركة رغم أنه كان يعلم رأي هيئة القيادة مسبقاً أنها سترفض المشاركة وتطالبه بالانسحاب وقد كان، حيث وجهت هيئة القيادة بالانسحاب من المشاركة، لكن مولانا لم ينفذ هذ القرار، واحتفظ بها كورقة ضغط يستخدمها في مواجهة الحكومة لتنفيذ مطالبه بأن لديه قراراً من هيئة قيادات الحزب يمكن أن ينفذه بالانسحاب من المشاركة، وهذا كان سبباً قويًا جعل المؤتمر الوطني يبحث عن بديل للسيد محمد عثمان، ولم يجدوا بديلاً له مناسباً من أسرة الميرغني إلا السيد الحسن الذي ترتيبه الثاني بين إخوته، وأكبر أبناء السيد محمد عثمان السيد وهذا مقيم في أمريكا وليست له أي علاقة بالسياسة أو الطريقة، أما السيد جعفر فكان معهم وخرج، لذلك قرروا أن يكون البديل السيد الحسن وأجروا معه مشاورات عبر أصدقائه من حلفائهم في الحزب المؤيدين للمشاركة وعلى رأسهم أحمد سعد عمر ويعاونه الفريق طه مدير مكتب الرئيس بحكم علاقة والده بأسرة المراغنة باعتباره واحداً من كبار خلفاء الختمية، وكان من المقربين للسيد علي، وفي البداية وُعد الحسن بأن يكون نائباً للرئيس بجانب حل مشكلاته المالية مع البنك الإسلامي الذي كان يطالبه بسداد ما عليه، لذلك كان وضع السيد الحسن جعله في أشد الحاجة لدعم المؤتمر الوطني سياسياً لحل هذا الإشكال.

بؤرة صراعات
بعدها تم التفاوض معه على منصب كبير مساعدي الرئيس، لكن بعد التجربة اكتشف المؤتمر الوطني أن الحسن نسخة من والده في التعاطي مع السياسة بجانب أنه فجر بؤرة من الصراعات داخل الحزب أضعفته وأفقدته مواصفات الحليف القوى الذي يمكن الاعتماد عليه، وهذا وضع المؤتمر الوطني أمام خيارات، إما أن يعمل بتجانس بين الابن وأبيه او يتخلى عن الابن ويعود لوالده، وواضح أن الوطني فضل الخيار الأخير بالعودة لمولانا باعتماد القائمة التي قدمها، وهذا ما دفع الحسن لجمع قيادته المواليه له في الحكومة ليفتح جبهة صراع علني مع والده بخلق مركز قوة بهذا الاجتماع حتى يستطيع أن يصارع في جبهة والده ويثبت للمؤتمر الوطني بأنه صاحب نفوذ داخل الحزب لا يقل عن والده ..

قائمة الحسن
ويؤكد الاتحاديون المناوئون للحسن أن بيد المؤتمر الوطني تحجيم (الحسن) وإبعاده عن دائرة صراع والده لو أراد ذلك ، بالقبول بقائمة مولانا التي تضم حتى الحسن نفسه في منصبه، وحاتم السر وزيراً للتجارة، وإبراهيم الميرغني وزير دولة بالثقافة بديلا لسيد هرون، وجعفر محمد عبد الله باقس في منصبه وزير دولة بالثروة الحيوانية، ومدير مكتب مولانا أبوبكر عثمان وزيراً للأوقاف، وأحمد سعد عمر باقٍ في منصبه وزير مجلس الوزراء ، مضيفين بأنه بإمكان المؤتمر الوطني رفض قائمة الحسن الذي بالنسبة للمؤتمر الوطني قد استنفد أغراضه تماماً.

صراع وخلافات
والسؤال الدائر الآن في الأوساط الاتحادية وينتظر إجابة لماذا لا يريد مولانا حسم ابنه كما كان يفعل مع الآخرين؟ في هذا يقول الذين تحدثوا للصيحة إنهم في انتظار الطريقة التي سيحسم بها مولانا هذا الصراع، وأضافوا أنه في الفترة الماضية كنا نعذره بأنه بعيد عن دائرة الحدث ومشغول بمرضه وكانت هناك مغالطات دائرة حول هل مولانا على علم بما يدور من صراع وخلافات في الحزب بسبب ابنه، لكن الآن كل شيء يدور على مرأى ومسمع من مولانا ويضيفون أنه لم يكن موفقاً على ما يحدث من الحسن ويمكن أن يحسمه باعتباره متمرداً يحب حسمه وأي شيء غير هذا يعني أنه موافق على ما يقوم به الحسن، وهناك اتفاق بينهما، ويقول آخرون إن مولانا يعلم أن الحسن متهور، ويمكن ـن يفعل هذا أو أكثر، لذلك يتخوف منه ، يبد أن إخوانه غير راضين عما يفعله، لكن نسبة للتراتبية لا يستطيعون الإفصاح عما يدور.

تفويض مولانا
بالعودة لأساس الصراع، فإن الحسن دائما ًيقول إن لديه تفويضاً من والده، وفي المقابل فإن والده ظل يلتزم الصمت ولم ينف أو يثبت أنه منحه هذا التفويض، وهناك كثيرون يرجحون أن مولانا منح الحسن تفويضاً لأنه طوال الفترة التي أعقبت عودته للقاهرة من لندن ظل يتحاشى الحديث عن أنه منح الحسن تفويضاً بصورة واضحة، ويفسر آخرون صمت المرغني أنه يخشى أن يبرز الحسن هذا التفويض ويحرجه أمام جماهير وقيادات الحزب، ويرون أنه كان على مولانا أن يفصح بكلمة واحدة أنه لم يمنح الحسن تفويضاً، ولحظتها ستنتهي الضجة والصراع الدائر، لكن مولانا تحاشى ذلك بحزمة قرارات أبقى بها المشرفين والقيادات الذين فصلهم نجله وكوّن لجنة جديدة للدار بديلة للجنة الحسن، وكان على مولانا أن يتبع نفيه بأن يأتي بنفي آخر أنه لم يفوض الحسن ولم يعينه نائب رئيس ولا رئيساً لقطاع التنظيم لكنه صمت .

سيناريوهات قادمة
لكن السيناريو الذي يبرز في ثنايا صمت مولانا أنه في وقت من الاوقات منح الحسن تفويضاً، بالتفاوض مع المؤتمر الوطني ليحصل على حصة بمشاركة الحزب وينتهي الأمر عند ذلك، وفعلاً مضى الحسن في الطريق الذي رسمه والده بخوض الانتخابات والمشاركة في الحكومة وسبق أن فعل مولانا ذات الشيء في (2010) حيث خاض الانتخابات وشارك في الحكومة وهو مدرك أنه لو عرض هذا التكليف على مؤسسة الحزب في (2015) كانت سترفضه كما رفضته من قبل، ولكن لم يكن في حسابات مولانا أن الحسن يمكن أن يستخدم هذا التفويض ويدخل الانتخابات ويفصل القيادات وينقلب عليه، وهنا مولانا يصبح في مفترق طرق إن قال إنه لم يفوض الحسن لاحتمال ـن يبرز الحسن مستند التفويض، وهناك احتمال آخر أن مولانا صمت في البداية عن فعل ابنه لأنه يصب في مصلحته ورغبته، لكن الواضح أن الأخير خرج عن الخط المتفق عليه باصطدامه مع القيادات وفصلها وهذا ما لا يريده مولانا لأنه سيخلق له مشكلة في الحزب، وبعدها تطور الصراع وعجز مولانا عن إيقاف الحسن عند حده أو يحجمه، السيناريو الثاني أن مولانا مدرك للحد الذي يمكن أن يصل له ابنه في الخصومة معه لأن الحسن مشهور وسط إخوته أنه رجل عنيف للغاية، ويمكنه أن يتصرف أي تصرف بدليل تشكيله مركز قوة جديد لاتخاذ القرار داخل الحزب والاجتماع الأخير خير دليل، رغم أن القرار الصادر عن مجلس الأحزاب قضى بأن الحسن ليست له أي شرعية ولا منصب في الحزب يعطيه صلاحية اتخاذ قرارات في الحزب .

الخرطوم ـ الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة