آمنة الفضل

وجهٌ من العام


* أجمل مايحمله الصيف هو الحقيقة …
يشعرنا أننا حقيقيون ، يجردنا من كل الأدوار المسرحية التي نتغمصها في فصل الشتاء ،فصل الحب ، والأحلام ، والأمنيات الجميلة ..
فجأة يأتي الصيف ليبعثر تفاصيل الشتاء المدهشة ، ثم يرسم بداخلنا عهدا من الذوبان اللاإرادي ، كل شي يصبح سراباً في تلك اللحظة التي نصبت فيها الشمس عرشاً في كبد السماء ، الآن كل شي بدا مكشوفاً لا مجال للتخفي أو الإنكار ..

* لا يمكننا إحتمال مجرد كلمة من صديق مقرب في ذلك التوقيت المشمس ، لا نحتمل صوت صراخ طفل رضيع في مركبة عامة ، أو ثرثرة أحد ما يجلس بجوارك في غرفة إنتظار الطبيب أو تسديد فاتورة الهاتف …

* ضجر في كل مكان ، تأفف ، توتر وانفعال ، كل الذي يحدث في الصيف يخبرنا أنه فصل التباعد وعدم الإتزان ، هو توقيت من العام نود فيه وبشدة أن نشعر بالعزلة ، لا حاجة لرفيق على إمتداد اليوم ، ولا جليس يكسر حاجز صمتك لبضع دقائق ، هو توقيت نناجي فيه أرواحنا ، ونستجدي فيه طاقتنا الإيجابية عبثاً علنا نستطيع إحتمال صوت دقات الساعة التي بجوارنا …

* نتكاسل في ممارسة الرياضة ، وتغلق فيه معدتنا أبوابها عمداً ، كل شي فيه يحتاج الى حسابات مختلفة ، طقوس مختلفة ، وأناس مختلفون ،لأن الروتين لا يجدي نفعاً في هذا الفصل ، كل شي يظل رهين الساعة القادمة ، الحظ الآتي من لا شي ، ثم يذهب كل شي دون عودة في ذات الدوامة تماماً كساحبة صيف ماعدا قاروة الماء الملتصقة بيدينا أبدا…
يقول الشاعر فاروق جويدة :

وما العمر يا أطهر الناسِ
إلا سحابةُ صيفٍ كثيف الظلال
وتبكين حباً .. طواه الخريف
وكل الذي بيننا للزوال
فمن قال في العمر شيء يدومُ
تذوب الأماني ويبقى السؤال
لماذا أتيت إذا كان حلمي
غداً سوف يصبح.. بعض الرمال؟

قصاصة أخيرة

أيعقل أن تكون سحابة صيف ؟

قصاصات – آمنه الفضل
(صحيفة الصحافة )