تحقيقات وتقارير

الدقيق المخلوط .. فشل التجربة وسخط المواطنلا


رغم توفر الدقيق والقمح المحلي والمستورد في المخزون الاستراتيجي بصورة مطمئنة كما بثت العديد من الجهات ذات الصلة بالأمر، إلا أن الأزمة الباقية ليست في توفر الدقيق
بل في النوعية المستخدمة أو الدقيق المخلوط الذي وجد الخبز المصنوع منه استنكاراً ورفضاً من المواطنين وأصحاب المخابز ، وكشف صاحب مخبز المحطة بالمايقوما صدام مالك دفع الله، أن حصصهم من الدقيق المخلوط بالذرة تأتيهم بنسبة ضعيفة ورغم ذلك تواجهنا صعوبة في إنتاج الخبز منها ومعاناة العمال في عجنها وقطعها حتى وإن خلطناها بالدقيق المستورد من دقيق مطاحن سين للغلال أو الشركات الأخرى ، فالدقيق المخلوط ينتج خبزاً لونه متغير اضافة الى انه “تتفتت” ولا يتم استخدامه في حشو السندوتشات وكما يقول الفنيون بالمخابز لا يوجد فيه “عرق” ليجعله متماسكاً ، وتقبله المواطنين ايام ازمة الدقيق على مضض لعدم وجود خيار اخر وحتى الان يشترونه مجبرين عليه لان كل المخابز اصبحت تعمل بالدقيق المخلوط ، وقال صدام ان الجوال يأتيهم بسعر اعلى من الدقيق العادي ويبلغ 165 جنيهاً مقارنة بالدقيق العادي الذي يبلغ سعره 161 جنيهاً.
واكد صاحب مخبز بالكلاكلة مجاهد فيصل ان خبز القمح المخلوط سيء جداً وعبارة عن ذرة فقط ولون الخبز يتغير وفيه بعض الحموضة اشبه “بالقراصة” ، اضافة الى انه تأتينا بعض الجوالات تأتي متحجرة بعض الشيء ، وقال مجاهد ان حصتهم اليومية ثلاثة جوالات من الدقيق المخلوط ورغم عدم جودته الا اننا نعمل به واحياناً نضيف اليه من قمح سيقا او ويتا حتى يتماسك وهذا يمثل لنا خسارة مع ثبات الاسعار والتغيير في اسعار الترحيل حسب “امزجة” مراكز التوزيع ، واضاف ان خبز الدقيق المخلوط وجد رفضاً في البداية من المواطنين ولكنهم لم يجدوا سبيلاً غيره فعاودا واشتروه مرة اخرى ولم يستطيعوا مقاطعته.
فيما دمغ صاحب مخبز بالخرطوم “2” احمد عبد المجيد مقاطعتهم للدقيق المخلوط لانه يخرج خبزاً غير مقبول بعد ان قمنا بتجربته ورفضه المواطنون بشدة ، وايضاً قمنا بخلط نصف جوال قمح صافي واخر مخلوط ولم تنجح التجربة ايضاً ولم تشجعنا للاستمرار فيها ، واغلب المناطق التي تأخذ حصتها كالرميلة والخرطوم 2ـ3 واللاماب رفضت العمل به تماماً رغم ان الحصة مرة واحدة في الاسبوع بمعدل 4 جوالات من الدقيق المخلوط.
وحسب المواطنة هناء احمد التي عبّرت عن سخطها مما وصل اليه انتاج الخبز بالدقيق المخلوط ، وقالت ان الخبز اصبح بلا طعم تماماً وفقد تكوينه الاساسي الذي يتميز به باحتفاظه بقوة تماسكه سابقاً والتي الان يفقدها في حالة مرور يوم عليه.
وشكت الموظفة سامية الطيب من معاناتها مع الخبز المصنوع من الدقيق المخلوط والتي اضافت عبئاً جديداً عليها بعدم بقائه حتى اليوم التالي بالمنزل مما يضطرها الى شرائه بشكل راتب لكل وجبات الطعام حتى لا يفقد مكوناته الرئيسة التي يتميز بها عندما يكون طازجاً ، وقالت انهم اجبروا على تناوله لعدم وجود البديل الذي يتناسب ودخولهم المحدودة اضافة للتوجس من مادة بروميد البوتاسيوم التي يصنع منها الخبز الابيض الصافي واضرارها الصحية.
الامين العام لاتحاد المخابز، بدر الدين الجلال، اوضح ان الدقيق المخلوط دخل الانتاج بنسبة 10% ولم يجد القبول من الناس إطلاقاً وقد ذكرنا سابقاً انه لم يثبت نجاحه رغم ضعف النسبة المخلوطة وان حدث النجاح سيكون ضعيفاً ، الا ان الجهات المعنية لم تسمع حديثنا واثبتت فشلها فيه منذ ثمانينيات القرن الماضي ، متسائلاً عن الجدوى من خلط منتجين مختلفين تماماً !
وفي ذات المنحى قال الجلال انه لا توجد ازمة بالخبز في ولاية الخرطوم، وان الدقيق منساب بشكل تام من الشركات العاملة في انتاج الدقيق وتعمل بطاقتها القصوى والمستورد متوفر أيضاً.
وفي تعليقه على قضية خلط القمح اكد الخبير الاقتصادي د.الفاتح عثمان، أن الخبز المخلوط من ناحية القيمة الغذائية افضل لضآلة النسبة المضافة وتأثيرها على طعمه محدود ولكن اللون بشكل عام فقد اثر عليه بشكل بسيط، وهذا يجنب المواطن امراضاً كثيرة مرتبطة بالقمح ، فعندما يتناول خبزاً مخلوطاً بالذرة لديه فرصة اكبر للحصول على غذاء سليم ، ولكن الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة ان التجربة كان من المفترض ان تكون الزامية بمعنى تعميمها على كل المخابز وكل انواع الخبز المدعوم ، والخبز غير المدعوم غير المخلوط يكون باسعار زهيدة، وبذلك تكون الدولة قد وفرت الخبز المدعوم للمواطن وبذات الوقت شجعت الانتاج المحلي من الذرة ووفرت عملات اجنبية كانت تذهب للخارج ، واستنكر الفاتح الطريقة التي تم بها تنفيذ التجربة بشكل محدود في ظل تواجد ذات الخبز الابيض المدعوم وبالتالي تفاعل المواطن مع التجربة سيصبح غير جيد ولكن ان نظرت للمسألة بتحديد المدعوم من غيره بكل تأكيد كانت نظرة المواطن ستختلف، وهكذا كان سوء تمكين تجربة الخبز المخلوط احد اسباب فشلها وهي لازمتها قبل الانقاذ وكل التجارب قبلها فشلت لعدم التفريق بين المدعوم وغير المدعوم.
تجربة الدقيق المخلوط بدأت بولاية الخرطوم سابقاً بعد دراسات استمرت لفترات طويلة ووضعت الترتيبات الخاصة بتنفيذ تجارب الخبز المخلوط (قمح + ذرة) وحققت نتائج جيدة قابلة للتطبيق والانتاج على أساس تجاري كبير، عبر خطوات توريد التقانات الالمانية والروسية المتخصصة في صناعة الخبز المخلوط وتوطين زراعة المادة الرابطة للقمح والذرة معاً وقررت تركيب مطاحن خاصة بالذرة لهذا الغرض وبدأت مطاحن سيقا للغلال في انتاجه بنسب خلط تتراوح من 5 إلى 10% بين الذرة المحلي (الفتريتة) و القمح المستورد في معامل سيقا، وهي الشركة الوحيدة التى تمتلك مطحناً حديثاً لصناعة الذرة الا ان صاحب سيقا للغلال أسامة داؤود انتقد في تصريحات صحفية سابقة في 2015 م مشروع الدقيق المخلوط لعدم وجود مطاحن متخصصة في إنتاج الذرة، واضاف أن الذرة تخلو من البروتين إلا إذا أضيفت لها محسنات ما يجعل تكلفة الخبز المخلوط أعلى من المستورد.

رباب علي
الانتباهة


‫4 تعليقات

  1. رغم أن الموضوع لايفتي فيه إلا المختصين، إلا أنها خطوة في اتجاه صحيح بالاعتماد على منتجات أرضنا وبيئتنا وجونا التي منذ أن فارقناها زادت نسبةالأمراض المستعصية في جسد المجتمع.. وهذا دور المختصين في إيجاد معادلات أقرب للذوق السوداني..
    ف الإنسان وليد بيئته..

  2. تصويب – في السطر قبل الاخير يبدو ان المقصود هو ان الذرة تخلو من القلوتين وليس البروتين .

  3. هناك تلاعب كبير في أوزان العيش من مخبز ﻻ خر مع العلم أن أسعار الدقيق المخصص للمخابرات موحد الأسعار وكذلك الطاقة مدعومة أين السلطات من هذا التلاعب في قوت المواطن .أما مسألة خلط الدقيق فذاك أمر له أهل دراية وتخصص .وقد بدأت هذه التجربة في مركز أبحاث الأغذية بشمبات منذ سبعينات القرن الماضي وقد كانت غاية في النجاح .خبراء ذلك الزمان أﻻن موجودون سلوهم وﻻ تتركوا اﻻمر ﻻصحاب النفوس المريضة يعملون جراح المواطن الغائرة أصلا . والله ولي التوفيق